هل تنجح الكويت في إذابة جليد العلاقات السعودية الإيرانية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1700
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لوب لوج – التقرير
سافر رئيس خارجية الكويت، الشيخ صباح الخالد، إلى طهران، في أواخر الشهر الماضي، ليجتمع بالرئيس الإيراني، حسن روحاني، ورئيس وزراء خارجيته، محمد ظريف. وقام رئيس الخارجية الكويتي بتسليم خطاب من الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، في زيارة نادرة له لعاصمة إيران.
هذا واستهدف كل من الاجتماع والخطاب، تهدئة التوترات القائمة ما بين مجلس التعاون الخليجي وإيران. وأعلن أبرز دبلوماسي كويتي، بالنيابة عن أعضاء المجلس الستة، أنه لكي يتم إصلاح العلاقات ما بين شيوخ الخليجية وإيران، لا بد أن تتوقف طهران عن التدخل في مصالح الدول العربية الداخلية.
وبعد مرور بضعة أيام من انعقاد الاجتماع، أشارت جريدة “الراي” الكويتية إلى إعلان المسؤولين الإيرانيين عن مساندتهم إلى فكرة الانفراجة ما بين العلاقات الإيرانية والخليجية. ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، صرح نائب وزير الخارجية الكويتي، بأن الجانب الإيراني فهم الرسالة جيدًا وأعربوا عن استعدادهم لاتخاذ خطوات تتماشى مع فحواها.
ونظرًا لمدى سوء العلاقات الإيرانية السعودية على مدى الأعوام الأخيرة، وحالة عدم الاستقرار السياسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من السهل أن تشعر بالتشاؤم، فيما يخص آفاق تقارب العلاقات الإيرانية السعودية على المدى القصير. فالشرق الأوسط لا يُعد منطقة يسهل فيها نسيان حكوماتها وشعبها للتاريخ والماضي، فسيكون تخطيهما لهذه الأمور أمرًا صعب المنال؛ فهي علاقة متوترة دامت لما يقرب من أربعة عقود من الصراع.
هذا ومن المتوقع أن تمثل الحرب العراقية الإيرانية، وعلاقة الجمهورية الإسلامية مع مجموعات غير حكومية متشددة في الدول العربية، تحديًا للعلاقة ما بين الرياض وطهران. فبعد مرور ما يقرب من ثلاثة عقود بعد الحرب العراقية الإيرانية، أصيب الكثير من الناجين الإيرانيين من الغاز الكيميائي العراقي بالعمى، إلى جانب معاناتهم من الصعوبة في التنفس، نتيجة تلفح رئتهم. ووفقًا لـ”سي أي إيه” يعاني حوالي 50 ألف إيراني من تعرضهم لغاز الأعصاب والغازات السامة في ساحة المعركة.
تعتبر دول الخليج إيران خصم؛ بسبب تصديرها لثورتها في العام 1979 للعالم العربي، في محاولة للإطاحة بمشايخ السنة في الخليج. حيث يمتلأ تاريخ إيران بدعمها للعديد من جماعات الشيعية التخريبية في الخليج العربي؛ مثل حزب الله، والجبهة الإسلامية للتحرير في البحرين. إلى جانب مساندتها الفاشلة لمحاولة الانقلاب العسكري في البحرين، مهددة للأمن القومي في المنطقة.
فتشير أيضًا مساندة إيران للأنظمة القمعية في سوريا والعراق، وحزب الله اللبناني، وحركة الثورية الحوثية باليمن، والمعارضة الشيعية في البحرين، إلى عدم استعناء إيران بالمعايير الدولية للديمقراطية، مثيرًا للثورات المعادية للحكام العرب. حيث تعتقد إيران بأنها تعمل على حماية نفسها؛ عن طريق مساندة نظام بشار الأسد في دمشق، وحزب الله بلبنان، والعديد من الميليشيات العراقية المحاربة لـ”داعش”، معتقدة أنها بذلك تعمل على حماية المنطقة من المتطرفين التكفيريين. إلا أن السعودية ترى أن أفعال إيران من تدخلها في الشئون العربية، أدى الى ارتفاع معدلات الصراع الطائفي في المنطقة، ما ساعد بدوره على ظهور داعش في العام 2014.
وعلى الرغم من اختلاف وجهات نظر كل من السعوديين والإيرانيين، فيما يخص داعش، وعلى الرغم من أن كلاهما يشيران بأصابع الاتهام إلى بعضهم البعض، فإن كلًا من طهران والرياض لديهما مصلحة مشتركة في هزيمة المدعو بالخلافة، ما اعترف به كلا الجانبان، لضرورة الوصول إلى حل مشترك، يساعد على طرد داعش من المنطقة.

الرد الإيراني
وبما أن الكويت بادرت، بموافقة السعودية، بالمحاولات الدبلوماسية مع طهران، من أجل بدء حوار صريح، ماذا كان فحوى رد الإيرانيين؟ يشك البعض في أن دول الخليج تنتهج هذا الأسلوب من المهادنة، لغرض شراء الوقت، بسبب الشكوك المتداولة في الشرق الأوسط، حيال الإدارة الأمريكية الجديدة. وبعيدًا عن نوايا دول الخليج العربي الحقيقية، إلا أن وجود العديد من الاستثمارات في الآونة الأخيرة بطهران، لا يشير إلى وجود أي نية طيبة من الجانب الإيراني، لعدم شعوره بالحاجة إلى الخليج العربي.
ففي بداية الأمر، سارعت كل من روسيا وإيران في التدخل العسكري في سوريا، ما تسبب في تغير دفة الصراع السوري لصالح نظام بشار الأسد. ثانيًا، يعتبر تخلي الموقف التركي -من ضرورة رحيل بشار الأسد عن سوريا- يشير إلى إدراك أنقرة الواقعي لقوة النظام في دمشق، عن أي وقت مضى، منذ اشتعال أزمتها في آخر ستة أعوام. ثالثًا، وصل ميشيل عون، حليف حزب الله، إلى منصب الرئاسة اللبنانية، ما ساعد على تعزيز النفوذ الإيراني في بلاد الشام. رابعًا، فشل التحالف السعودي في هزيمة الحوثيين في اليمن، وإطلاق النيران على جنوب السعودية.
على الرغم من عدم وضوح الموقف الخليجي من هذه اللمحة الدبلوماسية، فإن توقيت الزيارة الكويتية مهم للغاية. حيث تشعر دول الخليج بالقلق من مستقبل العلاقات الخليجية الأمريكية، في ظل الإدارة الجديدة، فمن المحتمل أن تقلل واشنطن من قيمة حلفائها التقليديين. وبينما تسعى السعودية إلى إصلاح حالتها الاقتصادية بحلول عام 2030، إيفائًا لخطتها، لا بد أن تسعى السعودية إلى حل أزمة الحروب السورية واليمنية الباهظة، فمن الضروري أن تنتهي هذه الرحلة، من أجل نجاح رؤية 2030.
عاجلاً أم آجلا، لن تبدأ علاقة جيدة ما بين السعودية إيران بالازدهار، دون توافر محاولات لحل الأزمات السياسية في المنطقة، التي من الممكن أن تستغل كفرصة لصالح الرياض وطهران، في محاولة من كلا الطرفين لزيادة سيطرتها على الدول العربية، على حساب بعضهما البعض.
لا بد أن تعي السعودية، في أثناء مفاوضات القائمة مع ايران،أن طهران لن تتخلى عن مصالحها في المنطقة، وفقًا لوجهة نظرها الأمنية، وشعورهم بالخطر جراء التقدم القائم في الدول العربية. وفي الوقت نفسه، تشعر السعودية بالحيطة من إيران، وطالما يتفخر قادة إيران العسكريين بسيطرتهم على أربعة دول عربية، معتبرًا البحرين بالمقاطعة الرابعة عشر لإيران، ما يؤكد على اعتقادات السعوديين من رغبات إيران التوسعية العنيفة.
ولحسن الحظ، يرى العديد من المسؤولين في الرياض وطهران، أن مصلحتهم إذابة الجليد القائم بين الجانبين. لكن ولسوء الحظ، تتقوض مثل هذه التوقعات، بسبب المصالح والدوائر المحلية، وشعورهم بالتهديد. وحتى إن لم تحقق المحاولات الدبلوماسية من قبل الكويت في العام 2017، بالتخفيف من حدة الأزمة، من توتر الحالة السياسية والأيدولوجية المهيمنة في الشرق الأوسط، فعلى الأقل، بدأت حالة من الحوار يتيح فتح باب مستقبلي للمصالحة.