الأمير السعودي يغامر بمستقبله السياسي لإصلاح اقتصاد البلاد.. فهل ينجح؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2193
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

إندبندنت– التقرير
مع استمرار تراجع أسعار النفط وارتفاع مستويات البطالة، يناضل الأمير محمد بن سلمان من أجل إصلاحات نيوليبرالية، من خلال برنامج نجاح أو فشل.
يذكر أن الدلالات الحقيقية على أن برنامج التحول الوطني الطموح للمملكة العربية السعودية، والذي مدته خمس سنوات، يمضي قدمًا، جاءت في يناير عندما خفضت الحكومة من برنامجها للطاقة المتجددة ليصل إلى 10 جيجاوات على مدار السنوات الست المقبلة، وتوفيرها بأكملها عن طريق القطاع الخاص، ومنذ كشف محمد بن سلمان النقاب عن خطته للتحول في يونيو من عام 2016، سارعت الوزارات والسلطات وشركات المرافق العامة للعمل على كيفية تنفيذ خطة التحول الديمقراطي الجديدة.
جدير بالذكر أن المخطط النيوليبرالي يهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص للاستثمار في المملكة العربية السعودية، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والهدف الأساسي هو تنويع الاقتصاد السعودي والحد من الاعتماد على النفط، وخفض نسبة البطالة إلى نسبة أكثر من 12%، حيث أن محمد بن سلمان، الأمير نائب ولي العهد الحال والقادم وابن الملك سلمان، هو المهندس لهذه الإصلاحات الموضحة في رؤية 2030، وكان قد راهن الأمير بمستقبله على نجاح تلك الرؤية.
ويقول الدكتور مارك فاليري، وهو محاضر كبير في الاقتصاد السياسي بالشرق الأوسط في جامعة اكسترا، “هذا أمر مصيري بالنسبة له”، وأضاف، “لقد تم إضعاف محمد بن سلمان بالفعل بسبب مشاكل اليمن وتطور طريقة التدخل السعودي هناك، إنه يضع كل أوراقه على الاقتصاد”.
ولكن النتيجة على المدى القصيرة أحدثت تحولاً كبيرًا وشاملاً بالنسبة لمعظم عام 2016، حيث يقول البعض إن هناك تعثر في إنفاق الرياض وصنع القرار، ويقول أحد المصرفيين، “لا يوجد شيء يحدث، لا شيء يتم بناؤه فعليًا”، ويضيف، “إن الحكومة تقول إنها لن تمنح أية عقود إلا لشراكات القطاع العام بالخاص”.

مبادرات جديدة
لقد عزز المستشارون الاجانب في الخليج العربي، الشراكات بين القطاعين العام والخاص لعقود مضت؛ باعتبارها وسيلة لزيادة استثمارات القطاع الخاص، وفي العام الماضي، قررت المملكة العربية السعودية وتبعها جيرانها عمان وقطر، أن شراكات القطاع العام بالخاص كانت هي الحل الأمثل للاستثمار في طريقهم للخروج من أزمة تراجع أسعار النفط، ولكن كما تعلمت المملكة المتحدة، مع مبادرات التمويل الخاصة بها، أنه من الصعب جدًا القيام بالصواب، وسيكون الأمر غير مألوف ومكلف جدًا عندما يذهب في الاتجاه الخطأ.
إن شراكات القطاع الخاص والعام تشمل تقديم المطورين من القطاع الخاص لخدمة عامة بالنيابة عن الحكومة، وتحقيق أرباح ثابتة لأنفسهم وللممولين الذين يدعموهم، وهذا يعني أيضًا أنه على الإدارات الحكومية أن تغير من علاقتها مع القطاع الخاص، وذلك من كونهم عملاء مؤقتين إلى شركاء على المدى الطويل، وهناك شكوك حول ما إذا كانت الخدمة المدنية السعودية لديها الخبرة اللازمة لإدارة تلك الصفقات المعقدة، أو أنه يمكنها تعلم كيفية الثبات بما يكفي.
وعلى الرغم من أن السعودية تنفق 45% من ميزانيتها على الأجور في القطاع العام لتوظيف غالبية القوى العاملة المحلية؛ فالخدمة المدنية ببساطة قد لا تكون قادرة على التعامل مع هذا التغير الهائل في الطريقة التي تعمل بها، كما أن خطط الخصخصة وشراكات القطاع العام بالخاص تتزامن مع تجميد القطاع العام للتوظيف، وخفض المكافآت وإعادة الهيكلة الحكومية الضخمة التي نشأ عنها وزارة عليا لجميع قضايا الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز والكهرباء، واتحاد عدد من الوزارات الأخرى.
جدير بالذكر أن أسعار النفط المنخفضة قد تسببت في خفض الإيرادات الحكومية في المملكة العربية السعودية إلى النصف منذ عام 2013، واضطرت الوزارات للتكيف مع ميزانيات أقل من ذلك بكثير، في حين يتزايد معدل الطلب على الكهرباء والمياه والمدارس والمساكن، وقامت الحكومة بدراسة تشير إلى احتياجها إلى بناء 1,5 مليون منزل، ومضاعفة قدرة محطتها لتوليد الكهرباء، وخلق فرص عمل للملايين من الشباب، ولكن لم يعد هناك ميزانية لمجرد بناء طرق ومدارس ومستشفيات كما فعلت المملكة العربية السعودية في العام الماضي، ويجب الموافقة على جميع النفقات من قبل محمد بن سلمان، وقد تم إخبار الهيئات الحكومية بأن تقوم بالتمويل الذاتي بشكل أساسي، وذلك وفقًا لما أشارت إليه عدة مصادر صناعية.
يذكر أن الوزارات التي اعتادت على أن يكون لديها مستوى معين من الميزانية المستقلة وجدت نفسها مقيدة، ويقول دكتور فاليري، “لقد كان هناك عملية مركزية شديدة، حيث يعتمد فيها محمد بن سلمان على عدد قليل من الناس، ويعتبر أي شخص آخر غير جدير بالثقة”، وأضاف، “هذه الدائرة من الناس تجعل القرارات غير خاضعة للمساءلة أمام مجلس الوزراء أو مجلس الشورى، أو حتى بقية أفراد الأسرة الحاكمة”.

التأخير والارتباك
إن الاحتياجات العاجلة للسكان قد دفعت الحكومة إلى محاولة جذب استثمارات القطاع الخاص لكل مشروع ينفق رأس مال كبير أو صغير، وقد نصح الاستشاريون بعدد قليل من المشاريع الريادية في القطاعات البسيطة، ولكن العديد من الهيئات الحكومية المختلفة تخطط لمشاريع بالقليل من التنسيق مما تسبب في حالة ارتباك، وهناك خطة من قبل الهيئة العامة للطيران المدنية، على سبيل المثال، لخصخصة كل مطار على حِدة في جميع أنحاء المملكة، حيث من المتوقع أن تقدم بصعوبة، إذ أن العديد من المطارات الإقليمية وبضعة آلاف من المسافرين في العام، ببساطة ليست مربحة لما يكفي لجذب القطاع الخاص.
جدير بالذكر أن برنامج مستشفى شراكة القطاع العام بالخاص قد تم تأجيله أيضًا، حيث تقرر وزارة الصحة سواء يجب أن يوفر القطاع الخاص المباني فقط أم الخدمات الطبية كذلك، وقد وضعت وزارة الإسكان أيضًا على قائمة الانتظار مساكن الشراكات بين القطاع الخاص والعام الخاصة بها، والتي بأسعار معقولة في حين يتم إعادة النظر في خططها، ويشكل الجمود وعدم القدرة المؤسسية في القطاع العام السعودي تحديًا، ولكن يمكنه أيضًا المقاومة أمام الإصلاحات الصعبة، خاصة من العائلات التجارية في ظل النظام الحالي، وكبار الشخصيات الحكومية التي قام التغيير بتهميشها.
وفي أواخر عام 2016، تذمر موظفو الخدمة المدنية بسبب المستشارين الأجانب، بقيادة شركة نيويورك ماكينزي آند كومباني، والتي ساعدت في إعداد رؤية 2030، وفقًا لمصادر صناعية، وقامت خطة التحول الديمقراطي بشكل أساسي بإعادة تقييم برامج الإصلاح الليبرالية الجديدة المتبعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط دون نجاح يذكر، ويرى البعض أن الشكاوى أيضًا يمكن تفسيرها على أنها انتقاد لخطط محمد بن سلمان داخل المملكة، ويقول الدكتور فاليري، “إنني متشكك بشأن التأثير”، ويضيف، “لقد تم الترويج لمثل هذه الوصفات النيوليبرالية وتنفيذها في عدد من البلدان مثل البحرين ومصر والأردن، ولا أرى لأي سبب سيتكون النتائج أفضل”.
ويرى البعض أنه غير مرجح أن يكون السكان قادرين على قول كلمتهم فيما يتعلق بالإصلاحات، حتى لو تسببت الإجراءات في خفض مستوى معيشتهم، ويقول دكتور فاليري، “إن الإصلاحات تخلق بالفعل السخط، حيث أن الناس العاديين غير راضين عن خفض الدعم، ولكن من الصعب جدًا أن يقوموا بالتعبير بصوت أعلى”.
وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت السياسات الليبرالية الجديدة للخصخصة والاستثمار الأجنبي المباشر ستحل مشكلة البطالة المزمنة في المملكة العربية السعودية، وقلة التنوع في الاقتصاد، فلا تزال مطروحة، وبالنسبة للأمير نائب ولي العهد، هناك حاجة إلى نتائج إيجابية خلال السنوات القليلة المقبلة، وإلا ستصاب مصداقيته بأضرار بالغة.