“لقاء” المعارضة: استقواء النظام السعودي بالدعم الدولي لن يمنحه حصانة من المحاسبة
تعليقا على مجزرة نهاية العام الميلادي 2025، اعتبر “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية أن مفاعيل «الإعفاء المجاني» الذي منحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحليفه المطيع لم تتأخر، حين رفض حتى مجرّد طرح السؤال حول جريمة قتل موصوفة هزّت الضمير العالمي، ثم أتبع ذلك بإعلان استراتيجية للأمن القومي تُعدّ الأخطر منذ نهاية الحرب الباردة، إذ أسّست عمليًا لمرحلة جديدة من العلاقات الدولية تُمنح فيها الأنظمة الاستبدادية «صكوك براءة» مسبقة من المحاسبة، ما دامت تؤدي وظائفها السياسيّة والأمنيّة المطلوبة. ورأى “لقاء” المعارضة ربطا بما ورد أنه ” لم يكن مفاجئًا أن يُسارع طاغية نجد إلى استثمار هذا الغطاء السياسيّ غير المشروط، مختتمًا العام الميلاديّ بمجزرة جديدة بحق ثلة من شباب القطيف، في سياق عقابيّ واضح يستهدف المطالبات الحقوقيّة المشروعة، ويهدف إلى ترهيب المجتمع بأكمله.” وأضاف “ولأن منظومة الاتهام في الدولة الأمنيّة باتت نمطيّة ومعلّبة، لا تحتاج إلى تحقيق ولا إلى أدلة، فقد تحوّلت إلى ما يشبه «الوصفة الجاهزة» المحفوظة سلفًا: الاعتداء على رجل أمن، مهاجمة مركبات أمنية، والانتماء إلى تنظيم إرهابيّ. اتهامات فضفاضة تُستخدم كسلاح سياسيّ، وتكاد تشمل حتى من هم خارج السجون أو لم تُثبت بحقهم أي أفعال جرميّة”. وتابع البيان “في زمن «الغاب السياسي» الذي تقوده الولايات المتحدة، حيث تُقاس القيم بميزان المصالح، تجد الأنظمة القمعية الصغيرة في المظلة الأميركيّة ملاذًا آمنًا لإشباع غريزة البطش، والانتقام من فئات لا تملك سوى الكلمة، والهتاف، والاحتجاج السلمي وسيلة للتعبير عن مظلوميتها”. في هذا السياق، رأى “لقاء” المعارضة أن وزارة الداخليّة السعوديّة أقدمت، بأوامر مباشرة من سلمان وابنه، على تنفيذ حكم الإعدام بحق الشهداء السيد حسين حيدر علوي القلاف، ومحمد أحمد سعود آل حمد، وحسين صالح مهدي سليم، في واحدة من أكبر عمليات الإعدام الجماعي خلال العام 2025. وبذلك ارتفع إجمالي أحكام الإعدام المنفّذة هذا العام إلى 350، متجاوزًا حصيلة العام السابق التي بلغت 345 جريمة إعدام، في مؤشر خطير على التصاعد الممنهج لاستخدام عقوبة الإعدام كأداة سياسية بامتياز. ويُضاف إلى ذلك أن الشهيدين آل حمد وآل سليم لم يكونا مدرجَين على أي قوائم معلنة للمهدَّدين بالإعدام، ولم ترد أي معلومات موثوقة عن توقيفهما أو مسار محاكمتهما، فيما كان الشهيد القلاف معتقلًا منذ سنوات، وصدر بحقه حكم ابتدائيٌ الإعدام عام 2017، بعد محاكمة تفتقر إلى أدنى معايير العدالة، ليُترك قرابة عقد كامل في السجن قبل تنفيذ الحكم الجائر بحقه.” لقد بات من الثابت أن هذه الاعتقالات جاءت في سياق قمع الحراك الشعبيّ السلميّ، الذي خرج للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشيّة، ووقف التمييز الممنهج، والإفراج عن المعتقلين السياسيين. وقد واجهت السلطات السعوديّة هذه المسيرات باستخدام مفرط للقوة، عبر قوات التدخل السريع والطوارئ، وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في مناطق قاتلة، ما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء. ولم يكتفِ النظام بذلك، بل أعقب المجازر بحملة اعتقال واسعة، طاولت المشاركين والمشتبه بتعاطفهم مع الحراك، لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة، تحوّل فيها المعتقلون إلى ما يشبه «رهائن» تُستخدم حياتهم وأحكامهم كورقة ضغط ورسائل سياسيّة.. إن استخدام الإعدام السياسي كأداة لإدارة الخوف، وتوجيه الرسائل إلى الداخل والخارج، لم يعد أمرًا خافيًا أو قابلًا للتبرير. كما أن الصمت الدوليّ، أو الاكتفاء ببيانات خجولة، إن وجدت، لا يُضفي على هذه الجرائم طابع الاعتياد أو الشرعيّة، بل يجعله تواطؤًا غير مباشر. وشدد البيان على أن “استقواء النظام السعوديّ بما يمتلكه من أدوات قمع، وبما يحظى به من دعم دوليّ، لن يمنحه زمنًا أطولًا للبقاء خارج منطق المحاسبة، فالتاريخ يعلّم أن العنف المفرط لا يصنع استقرارًا، وأن سنن الله في خلقه قائمة على التداول والتبدّل، وسيأتي اليوم الذي يعضّ فيه الظالم على يديه ندمًا على ما اقترفت يداه”. وفي ختام البيان، لفت “لقاء” المعارضة إلى أن توقيت هذه الإعدامات يكتسب دلالة بالغة الخطورة، إذ يتزامن مع اقتراب الذكرى السنوية العاشرة لإعدام الشيخ الشهيد نمر باقر النمر وثلة من شباب الحراك السلمي، في رسالة واضحة تؤكد إصرار النظام السعودي على النهج ذاته، ونهله من الدم كوسيلة وحيدة لإدارة الأزمات السياسية والاجتماعية. كما أن الغطاء السياسي الذي وفّره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمحمد بن سلمان، ومنحه هامشًا واسعًا للتصرف بأرواح الأبرياء بلا مساءلة، أسقط عمليًا كل المحرّمات، غير أن الإفلات من العقاب، ومهما طال، لن يكون امتيازًا دائمًا ولا بطاقة مجانية إلى الأبد.
