في نهاية 2025.. تقارير دولية تدق ناقوس الخطر حيال وتيرة الإعدامات في “السعودية”
أعدم النظام السعودي يوم أمس ثلاث شبان من منطقة القطيف، ليرتفع بذلك عدد الإعدامات الكلّي المصرّح عنه حتى تاريخ 23 ديسمبر 2025 إلى 350 حالة إعدام وهو رقم تاريخي جديد في إعدامات هذا الكيان، في تناقض صارخ مع القوانين الدولية من ناحية ومع مزاعم محمد بن سلمان الزاعمة ارتداع نظامه عن تنفيذ الإعدام إلا في تهم الجرائم. إنتقادات حقوقية وإعلامية عديدة تتعرض لها “السعودية” في نهاية العام الجاري على خلفية ملف الإعدامات الذي لا يبدو أنها تكترث له أو تعطي له أذنا صاغية. فحتى مع تصاعد هذه الإدانات الدولية إلا أنها تصرّ على أن لا ينزل رقم الإعدامات الكلّي لهذا العام عن 350، فتقوم بإعدام ثلاثة شبان، هم: الشهيد حسيد بن حيدر بن علوي القلاف، الشهيد محمد بن أحمد بن سعود آل احمد والشهيد حسن بن صالح بن مهدي سليم. وتتمحور أبرز الانتقادات الدولية حول الارتفاع الحاد في وتيرة التنفيذ التي وصلت في بعض فترات هذا العام إلى معدل شخص واحد كل يومين تقريباً، مما يعكس تحولاً جذرياً في السياسة القضائية نحو التوسع المفرط في استخدام عقوبة القتل العمد كأداة أساسية في المنظومة القانونية. تتعمق التقارير الناقدة الصادرة عن “بي بي سي” ومنظمة “ريبريف” في تحليل البنية الهيكلية للنظام القضائي السعودي خلال عام 2025، حيث لم تكتفِ برصد الأرقام بل ركزت على مفهوم “الاستثناء الدائم” الذي تمارسه السلطات. وتنتقد هذه التقارير بشدة التوسع في تفسير القوانين الفضفاضة مثل “نظام مكافحة الإرهاب” و”نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية”، والتي تُستخدم كغطاء قانوني لتنفيذ إعدامات بحق أشخاص لم يرتكبوا أعمالاً عنيفة، بل اقتصر نشاطهم على التعبير عن الرأي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المشاركة في احتجاجات سلمية، مما حول عقوبة الإعدام من وسيلة لتحقيق العدالة الجنائية إلى أداة سياسية لفرض الصمت المطلق. وتشير التحقيقات الاستقصائية المشتركة بين “ريبريف” وصحيفة “الغارديان” إلى أن عام 2025 شهد ما يوصف بـ “التمييز المنهجي” ضد العمالة المهاجرة في قضايا القصاص والتعزير. وتوضح التقارير أن السجناء الأجانب المنتمين لدول فقيرة يواجهون عوائق لغوية وقانونية هائلة، حيث لا يتم توفير مترجمين أكفاء خلال جلسات المحقيق، كما أنهم لا يملكون الموارد المالية لدفع “الدية” في قضايا القصاص، وهو ما يجعل الفقراء والمهمشين هم الضحايا الدائمين لهذه العقوبة. وتنتقد المنظمات هذا النظام الذي يسمح للأثرياء بالإفلات من الإعدام عبر التسويات المالية، بينما يُنفذ الحكم بحق العمال الوافدين الذين غالباً ما يكونون ضحايا لشبكات تهريب دولية لا يملكون السيطرة عليها. وفيما يخص “إعدامات السرية” التي تصاعدت في ديسمبر 2025، تتهم التقارير النظام السعودي بانتهاج سياسة “التعتيم النفسي” ضد أهالي المعتقلين. وتكشف شهادات العائلات التي نقلتها الـ BBC عن نمط مروع يتمثل في طمأنة الأهل بسلامة أبنائهم أو قرب الإفراج عنهم، ليتفاجأوا بعد ساعات بصدور بيان رسمي يُعلن تنفيذ الحكم ودفن الجثة في أماكن مجهولة دون تسليمها لذويهم. هذا السلوك يُصنف حقوقياً كنوع من أنواع التعذيب النفسي الجماعي والعقاب العائلي، ويهدف إلى منع أي شكل من أشكال الجنازات التي قد تتحول إلى احتجاجات شعبية، وهو ما يضع المملكة في مواجهة مباشرة مع لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي تطالب بالشفافية الكاملة في إجراءات التنفيذ. علاوة على ذلك، تركز الانتقادات على ما يسمى “دبلوماسية الإعدام”، حيث تلاحظ “ريبريف” أن وتيرة التنفيذ تتسارع بشكل مريب في الفترات التي تزداد فيها حاجة الدول الغربية للتعاون النفطي أو الأمني مع الرياض، مما يوحي بأن السلطات تستغل الانشغال الدولي بالأزمات الجيوسياسية لتمرير أكبر عدد من الإعدامات بعيداً عن ضجيج الإعلام. وتختتم التقارير رؤيتها بالتحذير من أن الاستمرار في هذا النهج خلال عام 2025 يقوض تماماً مصداقية “التحول الاجتماعي” الذي تروج له “رؤية 2030″، ويؤكد أن الانفتاح الثقافي والترفيهي يسير جنباً إلى جنب مع انغلاق سياسي وقمع حقوقي غير مسبوق، مما يجعل من العقوبة القصوى “ثقافة مؤسسية” لا مجرد إجراء قانوني عابر. وهو ما يتقاطع مع ما ورد في موقع سيمافور، الذي علّق على اعداد الإعدامات المرتفعة بالقول أنه “في الوقت الذي قامت فيه السعودية خلال السنوات الأخيرة بتحرير قطاعات واسعة من اقتصادها، بما في ذلك زيادة مشاركة النساء في سوق العمل، والتخفيف مؤخرًا من الحظر المفروض على بيع الكحول، شددت الرياض في المقابل قيودها على المعارضة وإبداء الرأي المخالف”. مضيفة أن “مؤشر حرية التعبير في السعودية لا يزال من بين الأدنى في العالم، في حين تبقى انتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة بحق العديد من المحتجزين منتشرة على نطاق واسع، بحسب ما جادلت به منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق من هذا العام”.
