عبر شنغهاي.. الرياض تقترب من بكين ولا تحرق جسورها مع واشنطن
اعتبر خبيران أن السعودية بانضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون، تسعى للحيلولة دون أن تستأثر إيران بالصين "القوة الدولية الصاعدة"، كما أن الرياض تقترب من بكين دون أن تحرق جسورها مع الولايات المتحدة.
وقال الصحفي إليس جيفوري، في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وترجمه "الخليج الجديد"، إنه تم الترحيب بقرار السعودية الانضمام كشريك في الحوار إلى منظمة شنغهاي، التي تقودها الصين، "باعتباره تطورا مهما لنفوذ بكين المتزايد في المنطقة".
وفي 29 مارس/ آذار الماضي، وافق مجلس الوزراء السعودي على مذكرة بشأن منح المملكة صفة شريك في الحوار بالمنظمة، وهي كتلة أُسست عام 2001، وتقودها الصين وروسيا وتسعى إلى موازنة النفوذ الغربي، وتركز بشكل أساسي على التجارة والبنية التحتية والطاقة والأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
وأضاف جيفوري أنه "تم تأطير القرار (السعودي) على أنه مدفوع بالاقتصاد، لكن الآثار الجيوسياسية للصفقة لا لبس فيها، وبالإضافة إلى احتفاظ السعودية بمكانتها كأكبر مصدر للنفط إلى الصين في 2022، ساعدت بكين أيضا في التوسط بتحسين العلاقات بين الرياض وطهران".
وبتاريخ 10 مارس/ آذار الماضي، وقّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) اتفاقا لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.
شراكتان اقتصادية وأمنية
بحسب نجاح العتيبي، المحللة السياسية السعودية المقيمة بلندن، في حديث للموقع، فإن "السعودية حريصة على تطوير علاقتها مع الصين، أكبر شريك تجاري لها، مع الحفاظ على العلاقات مع شريكتها الأمنية الولايات المتحدة".
وفي 2022، جرى قبول إيران كعضو كامل في منظمة شنغهاي، ومن المقرر أن تدخل عضويتها حيز التنفيذ في أبريل/ نيسان الجاري، بعد أن تغلبت المنظمة على المخاوف بشأن السماح لدولة تحت عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة بالانضمام إلى المجموعة"، وفقا لجيفوري.
كما وقّعت الصين، العام الماضي، اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 25 عاما مع إيران، في محاولة لتعميق وتوسيع العلاقات بين البلدين.
ورأت نجاح أنه "مع بروز الصين كقوة دولية صاعدة، لا تريد الرياض أن تقتصر علاقات الصين في المنطقة على العلاقات الاستراتيجية مع إيران فقط.. السعودية تهدف إلى تعزيز الثقل الخليجي والعربي في دائرة علاقات الصين مع المنطقة".
وتابعت أن "العلاقة مع الصين توفر العديد من الفرص الاقتصادية التي تخدم توجهات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تنويع اقتصاد المملكة (بجانب النفط) وجذب استثمارات أجنبية كبيرة في مجالات البنية التحتية والتصنيع والتكنولوجيا".
نظام ما بعد أمريكي
ويُعتقد أيضا، بحسب جيفوري، أن بكين تتطلع بشكل متزايد إلى إرساء أسس "نظام ما بعد أمريكي"، وعلى نطاق أوسع "ما بعد غربي"، في المنطقة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة استشارات المخاطر الجيوسياسية في "جلف ستيت أناليتيكس"، ومقرها واشنطن، جورجيو كافيرو، إنه "على مدى سنوات، تعمقت علاقة السعودية بالصين في سياق بيئة متعددة الأقطاب".
واعتبر أنه "من الصعب المبالغة في أهمية بكين في السياسة الخارجية للرياض"، لاسيما وأن المملكة لا تزال على بعد سنوات من أن تصبح عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي.
و"لا توجد طريقة يمكن من خلالها مقارنة منظمة شنغهاي للتعاون بحلف شمال الأطلسي (الناتو بقيادة الولايات المتحدة)، فالمنظمة ليست تحالفا عسكريا، بل اتحاد اقتصادي سياسي"، وفقا لكافيرو.
وقال جيفوري إنه مع اشتداد التنافس بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن العلاقات الاقتصادية المتنامية بين المنطقة وبكين هي ما يعمل على تليين العلاقات الآخذة في الاتساع.
وبحسب كافيرو، فإن "مصدري النفط السعوديين والخليجيين يصدرون على نحو متزايد من نفطهم إلى الشرق أكثر مما يفعلون إلى الغرب".
وأردف: "وكان من المفهوم لماذا رأت السعودية أنه من مصلحتها الانضمام إلى منظمة شنغهاي.. السعودية ترى علاقتها مع الصين في غاية الأهمية لمستقبل المملكة".
وعلى عكس الماضي، تختار دول الخليج وخاصة السعودية بشكل متزايد تنويع علاقاتها، ووفقا لكافيرو، فإن "السعوديين لا يحاولون حرق جسورهم مع الغرب بينما يقتربون من الصين".
وأوضح: "السعوديون يحاولون أن يكون لديهم المزيد من سياسة خارجية غير منحازة لديهم فيها علاقات جيدة مع الدول الغربية وكذلك مع الدول الشرقية".
المصدر | إليس جيفوري/ ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد