تهديدات حقيقية.. الخليج يترقب تداعيات الفوضى النووية الحالية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3303
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حذر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الأسبوع الماضي من أنه إذا تعرضت وحدة وسلامة أراضي بلاده للتهديد، فإنه "سيستخدم بالتأكيد جميع الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبها"، مؤكدا أن هذه التحذيرات ليس مناورة. وتم تفسير ذلك على أنه إشارة ضمنية إلى الأسلحة النووية.

وليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها "بوتين" هذا الاحتمال، لكنه يبدو الآن أكثر خطورة. وليس من الواضح ما إذا كانت "وحدة الأراضي" هذه يمكن أن تنطبق على المناطق المتنازع عليها والتي تطالب بها روسيا. في هذه الحالة، يمكن أن تؤدي التهديدات التي تتعرض لها تلك المناطق أيضًا إلى رد فعل نووي.

لقد حظي تحذير "بوتين" بأكبر قدر من الاهتمام لأنه جاء في ذروة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أكثر الأسابيع ازدحامًا في تقويم المنظمة، حيث اجتمع رؤساء الدول والحكومات وغيرهم من كبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم لمناقشة أكثر الأحداث حول العالم.

وفي الخليج، أثيرت أسئلة حول تأثير هذه التهديدات على جهود حظر الانتشار النووي والتي تواجه أصلا تحديات هائلة.

وكانت إضافة احتمال نشوب حرب نووية إلى جدول أعمال الأسبوع المزدحم أقرب إلى إعادة وحش كان قد نُفي منذ نهاية الحرب الباردة قبل 30 عامًا. وقد ردت القوى الغربية بسرعة بتهديدات من جانبها حيث اتهم الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، في خطاب ألقاه في نفس اليوم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، "بوتين" بتوجيه "تهديدات نووية علنية ضد أوروبا" وعدم الوفاء بمسؤولياته بشأن حظر انتشار الأسلحة النووية.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي "جاك سوليفان" إن واشنطن سترد "بشكل حاسم" على أي استخدام روسي للأسلحة النووية، وكشف أن الولايات المتحدة نقلت رسالة إلى موسكو توضح "العواقب الكارثية" لمثل هذه المواجهة، مشيرا إلى أن الرسالة شرحت بالتفصيل ماذا سيعني ذلك. وليس من الواضح ما هو رد الولايات المتحدة الحاسم في حال استخدمت روسيا الأسلحة النووية، لكن ما حدث علامة إيجابية على أن مسؤولي الأمن الروس والأمريكيين على اتصال منتظم ومباشر بشأن هذه المسألة لتجنب الحوادث أو سوء الفهم.

كما أنه ليس من الواضح ما هو الإجراء الروسي الذي قد يؤدي إلى رد من الولايات المتحدة. وفي حين أن هجومًا استراتيجيًا من قبل روسيا قد يؤدي إلى رد مماثل، فهل سيؤدي الاستخدام التكتيكي للأسلحة النووية في أوكرانيا، على سبيل المثال، إلى رد فعل مضاد من قبل الولايات المتحدة؟

لقد تراجعت احتمالية حدوث مواجهة نووية عالمية عن الخطاب العام لبعض الوقت، بالرغم من تصرفات كوريا الشمالية. وأعطى سقوط الاتحاد السوفييتي وما تلاه من نظام عالمي تهيمن عليه الولايات المتحدة انطباعًا خاطئًا بأن التهديد النووي لم يعد قائما. في الواقع، فإن التهديد النووي لا يزال حقيقيًا للغاية، حيث تحتفظ العديد من الدول بترسانات نووية ضخمة، خاصة روسيا والولايات المتحدة.

ويواصل الخبراء النوويون التحذير من تزايد احتمالات نشوب صراعات نووية مع استمرار القوى العظمى في إضافة أنواع جديدة من الأسلحة النووية، وليس التخلص منها. ويُعتقد أن ما لا يقل عن 9 آلاف سلاح نووي موجود، مخبأة في صوامع ومخابئ حول العالم وجاهزة تقريبًا للاستخدام.

وفي الخليج ، تتزايد مخاطر الانتشار النووي، حتى مع استمرار جهود إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وعلى مدى العقدين الماضيين، لم تظهر طهران التزاما بمعايير معاهدة عدم الانتشار، بما في ذلك اتفاقية الضمانات والبروتوكول الإضافي المتعلق بالضمانات. ولم ينجح اللوم المتكرر من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن في إقناع إيران.

وإذا تم التوصل إلى اتفاق نووي فسيكون ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن ستكون هناك حاجة إلى خطوات إضافية لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي.

وكانت فكرة حظر استخدام الأسلحة النووية تمامًا موجودة منذ وقت، لكنها فشلت حتى الآن في إقناع القوى النووية نفسها أو الدول التي تطمح إلى امتلاك أسلحة نووية مثل إيران.

وفي عام 2017، عقدت الأمم المتحدة مؤتمرًا للتفاوض بشأن اتفاق ملزم قانونًا لحظر الأسلحة النووية، ما يؤدي إلى إزالتها بالكامل، أو على الأقل جعل تطويرها واستخدامها غير قانوني، على غرار حظر الأسلحة الكيميائية. وكانت نتيجة هذا المؤتمر معاهدة حظر الأسلحة النووية، والتي تضمنت مجموعة شاملة من المحظورات على المشاركة في أي أنشطة متعلقة بالأسلحة النووية.

وتتعهد أطراف المعاهدة بعدم تطوير الأسلحة النووية أو اختبارها أو إنتاجها أو حيازتها أو امتلاكها أو تخزينها أو استخدامها أو التهديد باستخدامها. كما تحظر المعاهدة نشر الأسلحة النووية على الأراضي الوطنية وتقديم المساعدة إلى أي دولة لللقيام بأنشطة محظورة. وتلتزم الدول الأطراف بمنع وقمع أي نشاط محظور بموجب المعاهدة، سواء كان ذلك داخل البلاد نفسها أو في إقليم يخضع لسيطرتها.

كما تلزم المعاهدة الدول الأطراف بتقديم المساعدة الكافية للأفراد المتضررين من استخدام أو اختبار الأسلحة النووية، وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة في المناطق الخاضعة لولايتها أو سيطرتها لعلاج التلوث الناجم عن اختبار أو استخدام الأسلحة النووية. بعبارة أخرى، ستكون هذه المعاهدة أداة شاملة للتعامل مع التهديد النووي، إذا تم تنفيذها. وقد تم تبني المعاهدة في 7 يوليو/تموز 2017، بتصويت 122 دولة لصالحها، بما في ذلك جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

وبالرغم أن المعاهدة دخلت حيز التنفيذ من الناحية القانونية في يناير/كانون الثاني 2021، فإن تأثيرها سيكون ضئيلًا في المستقبل المنظور. وحتى الآن، وقعت 91 دولة فقط على المعاهدة وصادقت عليها 68 دولة فقط. ولا تشمل هذه الدول أي من القوى النووية المعروفة أو أي دولة كبيرة لديها احتمال تطوير أسلحة نووية.

ويجعل ذلك معاهدة "حظر الانتشار النووي" هي المعاهدة الوحيدة المقبولة عالميًا للحد من الانتشار النووي. وتعد جميع دول العالم باستثناء 4 دول (الهند وإسرائيل وباكستان وجنوب السودان) أطراف في هذه المعاهدة، لكنها أيضًا تواجه تحديات.

وقد أجريت مراجعة لمعاهدة "حظر الانتشار النووي" الشهر الماضي بعد تأجيل دام عامين، لكنها فشلت في حل الخلافات بين القوى النووية وغير النووية. وتعني حرب أوكرانيا والتنافس المتزايد بين الصين والولايات المتحدة أن القوى النووية نفسها في خلاف. وأدت تهديدات "بوتين" النووية إلى زيادة حدة الخلاف حول المعاهدة.

وتعد إيران عضوا مؤسسا في معاهدة "حظر الانتشار النووي" لكنها تهدد مرارا بالانسحاب منها كلما تعرضت لضغوط من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وما زالت طهران مستمرة في لعبة القط والفأر مع الوكالة منذ 20 عامًا، وقد تزايد ذلك بعد الصدع الذي أحدثه "ترامب" في الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران.

وإذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فإن سباق التسلح النووي في الخليج لن يكون بعيدًا عن الركب، مع نتائج كارثية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ويجب أن يدفع هذا الاحتمال إلى تكثيف جهود منع الانتشار وعدم الاستسلام للفوضى النووية الحالية.

 

المصدر | أوراسيا فيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  •