عدم الاستقرار والفوضى الجيوسياسية.. عوامل ظهرت لتستوطن في الخليج العربي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2760
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

روجير ساباتيس
ترجمة وتحرير: نون بوست
 تعد حالة انعدام الاستقرار واليقين، من بين العوامل التي ظهرت في الشرق الأوسط لتصبح بمثابة أزمة مشتركة بين جميع دول الخليج العربي. وتجدر الإشارة إلى أن رياح التغيير التي جلبتها ثورات الربيع العربي خلال سنة 2011، أدت إلى إرساء نظام إقليمي آخر في الشرق الأوسط، وإلى التمهيد لخلق توازن سياسي جديد لم يتبلور أو تُحدّد ملامحه بعد.
وفقا لما أفاد به الخبراء الذين اجتمعوا في مدريد يوم الخميس الماضي، تعد الجراح التي لا زالت مفتوحة جراء الصراعات المسلحة، على غرار الصراع السوري أو اليمني، مجرد سيناريوهات صغرى تمثل جزءا من معركة كبرى تقودها كل من إيران والمملكة العربية السعودية بهدف الانفراد بالهيمنة السياسية والاقتصادية في المنطقة.
في هذا الصدد، أشار طارق يوسف، مدير مركز بروكنجز الدوحة، وهو مركز أبحاث أمريكي ومقره في قطر، إلى أن "المستقبل سيجلب معه حالة من انعدام اليقين، التي ستكون أعمق من التي نشهدها حاليا. كما ستشهد المنطقة المزيد من التقلبات، والمزيد من المفاجآت".
في إطار الحوار الذي جمع بين الباحثين في معهد إلكانو الملكي، وبين مراسلة صحيفة البايس في دبي، أنخيليس إسبينوسا، أوضح طارق يوسف، وهو الاقتصادي والخبير في شؤون العالم العربي، أن "المواجهات ستستقر في هذه المنطقة التي"، حسب رأيه، "تدفع ثمن السياسات التي لم يتم وضعها من أجل ضمان الاستقرار الداخلي أو الإقليمي". ولهذا السبب، يتوقع يوسف أن "تشهد المنطقة المزيد من الانقسامات". وأضاف الباحث أن "اتفاقيات الأمن الجديدة لن يتم تحديدها إلا على المدى البعيد".
أوردت الصحفيّة أنه "لا يمكن لأحد التنبؤ بخطوات الأمير السعودي، محمد بن سلمان، الذي من الممكن أن يحدث تغييرات كبرى للغاية في بلاده."
في الأثناء، أكد جميع الباحثين والخبراء، خلال نقاش استمر لأكثر من ساعتين، أن "منطقة الخليج العربي تعيش حالة غير عادية من انعدام الاستقرار السياسي، خاصة بعد أن تعددت، خلال العقود الأخيرة، حالات المنافسة الإستراتيجية والتصادمات المسلحة، التي أصبحت أمرا اعتياديا". أما بالنسبة لطارق يوسف، "فتتمثل أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذه التحولات بالأساس، في تفوق إيران وترجيح كفة ميزان القوى لصالحها، وهو ما يعد أمرا غير مسبوق".
في السياق ذاته، أضاف الخبير أن "النظام السوري بقيادة بشار الأسد، الذي تدعمه طهران، يتقدم نحو تحقيق الانتصار في سوريا. كما تنامى النفوذ والتأثير الإيراني في العراق، الذي تقوده حكومة يهيمن عليها الشيعة، وفي لبنان أيضا على نحو متزايد". وعلى صعيد آخر، نكثت المملكة العربية السعودية الاتفاقيات التي أُبرمت في صلب مجلس التعاون الخليجي، وهي المؤسسة التي أسستها بالتعاون مع ست ممالك خليجية خلال الثمانينات من أجل تعزيز الأمن والتعاون الاقتصادي، عندما فرضت حصارا تجاريا على قطر منذ حزيران/ يونيو الماضي.
في هذا الإطار، نقلت الصحفيّة، أنخيليس إسبينوسا، أن "الاهتمام الإيراني المتجدد بتوسيع نفوذها في المنطقة، أمر لا يمكن وصفه سوى بالانتهازية". وأضافت إسبينوسا أنه "يجب تتبع خطوات الرياض عن كثب، من أجل فهم توازن القوى الجديد الذي استقر في منطقة الخليج العربي، لأن المملكة العربية السعودية أصبحت تلعب دور الجهة الفاعلة الإقليمية، وهو الدور الذي كان غير مألوف بالنسبة لها سابقا".
من جهة أخرى، أوردت الصحفيّة أنه "لا يمكن لأحد التنبؤ بخطوات الأمير السعودي، محمد بن سلمان، الذي من الممكن أن يحدث تغييرات كبرى للغاية في بلاده. علاوة على ذلك، لا يمكن تصور درجة وكيفية التغيير الذي يمكن أن يشهده الشرق الأوسط، في ظل صعود بن سلمان".
في الوقت الراهن، فليس هناك أي مؤشرات دالة على أنه من الممكن وضع حدّ لحالة الفوضى التي يعيشها الخليج العربي
في واقع الأمر، تتجلى المنافسة بين إيران والمملكة العربية السعودية في تعدد جبهات الصراع المفتوحة، وحرب الكل ضد الكل. وفي خضم هذه الفوضى، أصبح من الصعب تحليل أولويات كل جهة من الجهات المشاركة في الصراع، أو الجهات المتحالفة في هذه الحروب. وفي هذا السياق، أشار الخبراء إلى أن ما يمكن ملاحظته في ظل هذا الوضع هو أن "الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تعتبران من الجهات التي تخلت عن دور الوساطة التي تهدف للتخفيف من حدة التوترات في منطقة الخليج العربي، وهو دور يعد بالغ الأهمية".
من جهتها، أفادت الباحثة في معهد إلكانو الملكي، كريستينا كوش، أن "بروكسل باتت عاجزة في الوقت الحالي عن لعب دورها المتمثل في تعزيز الحوار". وأكدت كوش أن "الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تحول الولايات المتحدة الأمريكية، بعد تولي دونالد ترامب للرئاسة، من بلد مدافع عن الاقتصاد الحر إلى آخر منتقد له".
أما في الوقت الراهن، فليس هناك أي مؤشرات دالة على أنه من الممكن وضع حدّ لحالة الفوضى التي يعيشها الخليج العربي. ويؤيد طارق يوسف هذا الاستنتاج، معللا رأيه بأن "جميع الجهات الفاعلة في منطقة الخليج العربي تعاني من هذه الأزمة وهذه الفوضى. فضلا عن ذلك، ليس هناك فائزون في هذه اللعبة، ذلك أن الجميع بصدد تكبد خسائر اقتصادية".
المصدر: البايس الإسبانية