ظريف يدعو إلى التشبيك الأمني في الخليج في مرحلة ما بعد داعش

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3110
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة الميادين نت
كتب محمد جواد ظريف في "فايننشال تايمز":
 لم تبشّر هزيمة داعش بعودة الاستقرار إلى مساحة واسعة من الأراضي فقط بل هي تؤجج أيضاً توتراً وصراعاً جديداً بما في ذلك الجهد المركز لإعادة إحياء الهستيريا التي حجبت منذ وقت طويل حقيقة السياسة الخارجية لإيران.
عكس داعش أكثر مظاهر الشر قتامة لدى بني البشر. بيد أنه وفّر فرصة للتشارك في محاربة تهديد وجودي. إن العلاقات التعاونية في هذه المعركة يمكنها أن تؤدي إلى عصر جديد. إذ إننا بحاجة إلى مقاربات ومصطلحات جديدة بما ينسجم مع عالم ينتقل إلى مرحلة ما بعد سيطرة الغرب على النظام العالمي. في ما يلي مفهومان لصوغ النموذج الناشيء في غرب آسيا: فكرة المنطقة القوية والتشبيك الأمني، بحيث تساهم الدول الصغيرة والكبيرة حتى تلك المتخاصمة تاريخياً في تحقيق الاستقرار.
إن الهدف من المنطقة القوية في مقابل السعي إلى الهيمنة واستبعاد الأطراف الأخرى الفاعلة، يكمن في الاعتراف بالحاجة إلى احترام كل طرف مصلحة الأطراف الأخرى. وإن أي جهد لهيمنة بلد ما ليس غير ملائم فحسب بل هو مستحيل من الأساس وإن هؤلاء الذين يصرون على مواصلة هذا المسار بتسببون بانعدام الاستقرار.
إن سباق التسلح في منطقتنا هو مثال على هذا النوع من التنافس المدمر: إن سياسة شفط الموارد الحيوية لمصلحة مخازن الأسلحة لم تساهم في تحقيق السلام والأمن. إن العسكرة لم تفعل شيئاً سوى تذكية المغامرة الكارثية.
إن معظم الأساليب المعتادة لإنشاء التحالفات قد عفا عليها الزمن أيضاً. نظراً لعالمنا المترابط لم تعد فكرة الأمن الجماعي صالحة خصوصاً في الخليج الفارسي لسبب رئيسي واحد وهو أن هذه الفكرة تتطلب تشارك المصالح. تشبيك الأمن هو ابتكار إيران لمعالجة القضايا التي تتراوح من اختلاف المصالح إلى التفاوت في القوى والأحجام.
معالمه بسيطة لكنه فعّال: بدلاً من محاولة تجاهل تضارب المصالح فإن هذه الطريقة تقبل الاختلافات. كما أن طابعها الشمولي يجعلها بمثابة حصناً منيعاً ضدّ ظهور طبقة أوليغارشية في أوساط الدول الكبيرة وتسمح للدول الصغيرة بالمشاركة. إن قواعد هذا النظام الجديد مباشرة: معايير مشتركة، وأهمها مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة مثل مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة، الحلول السلمية للصراعات، احترام سلامة الدول، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حق تقرير المصير في ما بينها.
إن تشبيك الأمن ليس الحلّ المثالي. لكنه الطريقة الواقعية الوحيدة للخروج من هذه الحلقة المفرغة من الاعتماد على القوى الخارجية الاقليمية، والتحالفات الحصرية والوهم بأن الأمن يمكن أن يتحقق بفعل البترودولار والمجاملات. ونتوقع من الدول الأخرى خصوصاً جيراننا الأوروبيون أن يروا أن من مصلحتهم حث حلفائهم في المنطقة على تبني هذه السياسة.
من أجل الانتقال من حالة الفوضى إلى الاستقرار يجب علينا عاجلاً أم آجلاً التوجه إلى الحوار وخطوات بناء الثقة الأخرى. على كل المستويات نواجه فشلاً في الحوار في منطقة غرب آسيا. مظاهره واضحة بين الحاكم والمحكوم، بين الحكومات وشعوبها.
مثل هذا الحوار يجب أن يوضح أنه لدينا جميعاً مخاوف وطموحات وآمال مماثلة. مثل هذا الحوار يمكن بل يجب أن يحلّ مكان الخطابات والبروباغندا. على الحوار أن يرفق بخطوات لبناء الثقة من بينها: الترويج للسياحة، إنشاء فرق عمل مشتركة في القضايا التي تتراوح من السلامة النووية إلى التلوث إلى إدارة الكوارث، الزيارات العسكرية المتبادلة، الإعلام المسبق عن المناورات العسكرية، تدابير الشفافية في التسلّح، تقليص الإنفاقات العسكرية، بحيث تقود كلها في النهاية إلى التوقيع على معاهدة عدم اعتداء.
كخطوة أولى تقترح الجمهورية الإسلامية قيام منتدى حوار إقليمي في الخليج الفارسي. ولا تزال دعوتنا الطويلة المدى للحوار مفتوحة ونحن نتطلع لليوم الذي يقبل بها جيراننا ويشجع عليها حلفاؤهم في أوروبا وأماكن أخرى في الغرب.

المصدر : "فايننشال تايمز"