أميركا في اليمن: الخيارات أكثر ضيقاً

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 136
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مع وضوح عقم الضربات الجوية الأميركية - البريطانية على اليمن، وما يعنيه هذا من فشل تحالف «حارس الازدهار»، وتآكل دور القوة الأوروبية «أسبيدس» بسحب عدد من الدول المشكّلة لها، سفنها الحربية من البحر الأحمر بذرائع فنية، يتكشّف مجدّداً غياب الخيارات الإستراتيجية الأميركية، والرؤية الواضحة على المديَين المتوسط والبعيد، لكيفية مواجهة التحدّي الذي تشكّله القوات اليمنية ونجاحها الكبير في إطباق الحصار الجزئي على إسرائيل. ويضطرّ هذا، واشنطن، إلى البحث عن خيارات أخرى أو تفعيل إجراءات عقابية ضد صنعاء، من قبيل تشديد الحصار على اليمنيين، ودفع القوى المحلية العسكرية الموالية للغرب نحو فتح جبهات برية لتشتيت جهد «أنصار الله» في البحر، رغم أن تلك الخيارات فشلت خلال الحرب التي يشنها «التحالف العربي» المدعوم غربياً منذ عام 2015. كما أن عين الولايات المتحدة تظلّ دائماً على منطقة الساحل الغربي، بدءاً من مدينة المخا التي تسيطر عليها مليشيات طارق صالح، وصولاً إلى ميناء الحديدة، حيث يسود اعتقاد بأن السيطرة على الشريط المشار إليه تحدّ من قدرات «أنصار الله» على استهداف السفن في البحر الأحمر. وفيما عرض الموالون لـ«التحالف» على القوى الغربية استعدادهم للانخراط في الحرب ضد صنعاء، قال أحد السفراء الأميركيين السابقين في اليمن، في مقابلة تلفزيونية أخيراً، إن هؤلاء لو كانوا يستطيعون ذلك، لفعلوه خلال سنين الحرب، معتبراً أن الحلّ الوحيد لوقف هجمات «أنصار الله» في البحر، هو وقف الحرب على غزة.من جهتها، تؤكد مراكز البحث الغربية أن العمليات العسكرية الأميركية - البريطانية الراهنة لن تغيّر في قواعد اللعبة شيئاً، وخصوصاً عقب تلقّي «أنصار الله» «إشارات خاطئة بأنها قادرة على عرقلة التجارة العالمية والإفلات من العقاب»، وفقاً للسردية الغربية. وتنكبّ هذه المراكز على وضع خيارات تعتقد أنها ضرورية لردع صنعاء، وتوصي بوجوب إسراع صناع السياسات الدوليين في اتخاذ تدابير منسّقة بشكل صارم، وإجراءات أكثر قوة تتجاوز «أنصاف الأفعال» الحالية. كما تطالب باتباع إستراتيجية شاملة تركّز على الارتقاء في الإجراءات الخشنة عبر تطوير الخطط العسكرية، فضلاً عن التشدّد في الإجراءات الناعمة بواسطة العقوبات الاقتصادية وتشديد الحصار، حتى دفع «أنصار الله» إلى الالتزام بالسلام وفقاً للمنظور الأميركي.

على أنه ثمة إجماع غربي على أن أي إستراتيجية لن تكون قابلة للتنفيذ إلا بوجود عناصر أساسية تشكل أعمدة لها، على النحو الآتي:
- المشاركة الفاعلة من قبل حلفاء واشنطن الإقليميين، وبالتحديد السعودية والإمارات، في الخطط الأميركية لردع اليمن. غير أن الإشكالية هنا أن حسابات كلّ من الرياض وأبو ظبي تختلف عن حسابات واشنطن ولندن. ويعود السبب في ذلك إلى أن تجارب حرب اليمن لم تكن مشجّعة للبلدين اللذين يتهمان القوى الغربية بأنها لم تقم بما يكفي للدفاع عن أراضيهما، حين تعرضت منشآتهما الحيوية للاستهداف من قبل «أنصار الله»، علماً أن انخراطهما الآن في المعركة الأميركية - البريطانية سيؤدي، تلقائياً، إلى الخروج عن اتفاق الهدنة غير الرسمي المعمول به منذ سنتين، فضلاً عن أنه سيُعدّ مشاركة علنية مباشرة في جهود رفع الحصار عن إسرائيل.
-دفع القوى المحلية الموالية لكل من السعودية والإمارات إلى تفعيل الجبهات العسكرية، وخصوصاً في عدن والمخا. وفي هذا الإطار، باتت لدى جميع أعضاء «المجلس الرئاسي» المزيد من الدوافع للتغاضي عن الخلافات في ما بينهم، فيما السفارة الأميركية في اليمن تبذل الكثير من الجهود لتقريب المواقف بين رئيس المجلس، رشاد العليمي، ونائبه عيدروس الزبيدي، الذي يتولى رئاسة «المجلس الانتقالي الجنوبي». وكان الاثنان اقترحا، أكثر من مرّة، أن تتولى قوات «الشرعية» ملاقاة الضربات الجوية الأميركية - البريطانية بالتحرّك على الأرض؛ وبالفعل اختبرت قوات «الانتقالي» نفسها في الضالع قبل عيد الفطر بالهجوم على قوات صنعاء، إلا أنها منيت بخسائر جسيمة. كما أن التحرّك الميداني للقوى المحلية، تعتريه عدد من الإشكاليات، ومنها اختلاف الأولويات؛ إذ إن العليمي يهدف إلى تعزيز قضبته على السلطة المركزية وتقوية نفوذه في المحافظات الجنوبية، في حين يطمح الزبيدي إلى حشد الدعم لانفصال الجنوب. ويُضاف إلى ما تَقدّم، أن ارتباط الأطراف المحلية في اليمن بكلّ من السعودية والإمارات، سيحمّل تبعات أي مشاركة لها للدولتين اللتين يبدو أنهما غير جاهزتين لذلك في الوقت الراهن.
- لا ينبغي لتشديد العقوبات الاقتصادية على اليمن أن يقتصر على قادة محدّدين من «أنصار الله»، بل يجب أن يشمل إضعاف المصالح التجارية للحركة في شبكات الوقود وصرف العملات وغيرها، في أي دولة وُجدت، وتفعيل آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة في جيبوتي، والتي زار مقرها، الأسبوع الماضي، وفد من السفارة البريطانية في اليمن، التي أعلنت، في منشور على منصة «إكس»، أن هجمات «أنصار الله» لا تؤدي إلا إلى تعزيز أهمية تلك الآلية، مشيرة إلى أن زيارة موظفيها إليها هدفت إلى الاطلاع على عملها على أرض الواقع. على أن الإشكالية الرئيسة هنا أن اليمن يتعرّض للحصار منذ عشر سنوات، ورغم ذلك، تعزّز وضعه ولم يخضع للإملاءات.