هَل ستَكون حُظوظ الوِساطَة العُمانيّة لحَل الأزَمَة الخَليجيّة التي يَقوم بِها بن علوي أفْضَل مِن حُظوظ نَظيرَتها الكُويتيّة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2019
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وهَل توقيع الوزير بومبيو تَفاهُمات لتَوسيع الوجود الأمريكيّ في قاعِدَة العديد سيُبعِد قطَر عَن إيران؟ وهَل ستَرضَخ الدَّوحة وخُصومها لمَطالِب ترامب بإنهاءِ الأزَمَة لإنجاحَ “النِّاتو العَربيّ”؟
المَوضوع المُهِم، والمَسكوت عنه، في جَولة مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ الخليجيّة، هو الخِلاف الخليجيّ، وبالتَّحديد بين دولة قطر وجِيرانِها الثَّلاثَة، السعوديّة والإمارات والبحرين، وهو الخِلاف الذي استَعصَى حلّه حتّى الآن على جَميع الوُسَطاء، أمريكيّين كانُوا أو خليجيّين (الكويت).
 كانَ لافِتًا أن جولة الوزير الأمريكيّ تزامنت مَع أُخرَى خليجيّة مُوازِية بَدأها الأربعاء السيد يوسف بن علوي، وزير خارجيّة سلطنة عمان وبصُحبَتِه السيد عبد اللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجيّ، حيثُ التَقى السيد بن علوي بنُظرائِه في جَميع الدُّوَل السِّت التي زارها.
المَسؤولون العُمانيّون، والسيد بن علوي خاصة، مِن أبرز صفاتهم “التَّكَتُّم”، وعَدم الإدلاء بتَصريحاتٍ للصِّحافيّين، ورُبّما لهذا السَّبب كانُوا مَوضِع ثقة جميع الأطراف، ووسطاء مُرحَّب بِهِم منها، وهذا ما يُفَسِّر عَدَم صُدور أيّ مَعلومات أو تَصريحات تشرح دَوافِع هذه المُهِمَّة والنَّتائِج الأوّليّة للمُباحثَات مَع المَسؤولين في مَحطّاتِها السِّت.
لا نَعرِف حجم فُرَص نجَاح مُهِمَّة السيد بن علوي الجَديدة هذه، فالخِلافات بين قطر وخُصومها باتَت في ذروة التَّعقيد لدرجة تَعَثُّر وِساطَة الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، واعتِزال الجِنرال أنتوني زيني، المبعوث الأمريكيّ المُكلَّف بحَل هذه الأزَمَة قبل يوم واحِد مِن بِدء زيارة وزير خارجيّته إلى المِنطَقة، فاللافت أنّ هذا الخِلاف تجاوز كُل الخُطوط الحَمراء في ظِل الحَمَلات الإعلاميّة المُستَعِرَة، وتَمَسُّك أطرافه بمَواقِفها، ورفض تقديم أيّ تَنازُلات.
هُناك عُنصر، أو تَطوُّر جديد ربّما يجعل مُهِمَّة بن علوي أفضَل حَظًّا مِن الوُسطاء الآخرين، ويُمكِن رصده مِن خلال تصريحات وزير الخارجيّة الأمريكيّ التي أدلى بِها في إطار خطابه الذي ألقاه في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة، حيثُ طالِب دول المِنطَقة بتجاوز خُصوماتِها القديمة، وأكَّد أنّ الوقت حانَ لحَلّها، وأشار في تصريحات أخرى “مكملة” أدلى بها في بداية جولته الخليجيّة، أن الرئيس دونالد ترامب يرى “أن الخلاف الخليجي طال أكثر مِن اللازم وبات يعود بالنَّفع على الخُصوم”، وأضاف “إن وحدة مجلس التعاون الخليجي أمر ضروري لتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجيّ المُزمَع قِيامُه”.
كلام الوزير الأمريكيّ ورئيسه حول الخِلاف الخليجيّ مُهِم دون أدنى شك، ولكنّه يظَل كَلامًا إنشائيًّا طالَما أنّه لم تتم ترجمته عَمليًّا طِوال العام ونِصف العام مِن عُمر الأزمة الخليجيّة، ولذلِك، فإنّ السُّؤال المُهِم هو عَن جَوهَر الحَل، وآليّاتِه، والتَّنازُلات المَطلوبة مِن جميع الأطراف للوُصول إليه، ومَدى الاستِعداد للإقدامِ عَليهَا.
مِن الواضح، ومِن خلال زيارة وزير الخارجيّة الأمريكيّ للدوحة، والإعلان عن توقيع تَفاهُماتٍ عسكريّة وأمنيّة أثنائها، وأبرزها توسيع التواجد الأمريكيّ في قاعدة العديد الجويّة أن دولة قطر باتت تلعَب دورًا مِحوَريًّا بارِزًا في الاستراتيجيّة الأمريكيّة في المِنطَقة، فتوسيع التواجد الأمريكيّ وفي مِثل هذه الظُّروف التي تنتقل فيها هذه الاستراتيجيّة الأمريكيّة مِن مرحلة احتِواء إيران إلى الهُجوم عليها عَسكَريًّا وسِياسيًّا واقتصاديًّا، الأمر الذي سيُقوِّي مَوقِفَها، أيّ قطر، في هذا الخِلاف، ويُخَفِّف مِن الضُّغوط الأمريكيّة عليها في مُقابِل زيادته على الأطراف الأُخرى، مِثلَما يتَوقَّع الكَثير مِن المُراقبين.
كانَ لافِتًا أنّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، استَقبل السيد بن علوي لوحده يوم أمس في الدوحة، ولم يستقبل معه السيد الزياني، أمين مجلس التعاون الذي يُرافِقه والمُتَّهم بالانحِياز إلى الدول الثلاث “المُحاصِرَة” لدولة قطر، الأمر الذي يَشِي بأنّه مِن المُبْكِر حُدوث انفِراجَة في هذه الأزَمَة في المُستَقبل المَنظور.
توسيع التواجد الأمريكيّ في قاعدة العديد ربّما ينعكس سلبًا على العلاقات القطريّة الإيرانيّة، لأنّ هذه القاعدة ستَلعب دَورًا أساسيًّا في أيّ مُواجَهة عَسكريّة مُحتَملة مع إيران ومِحوَرها، ليسَ لأنّها القاعدة الجويّة الوحيدة أمريكيًّا، وإنّما لأنّها الأضخَم ويتَواجَد على أرضِهَا أكثَر مِن 10 آلاف جُندي.
زيارة وزير الخارجيّة الأمريكيّ للرياض التي تأتِي بعد زيارة الدوحة مباشرة ربّما تُجيب عَن العَديد مِن التَّساؤلات ليس حول المُصالَحة فقط، وإنّما تطوّرات العلاقات الأمريكيّة السعوديّة المُستَقبليّة بعد اغتيال الصحافي جمال الخاشقجي، إلى جانِب مِلفّات أُخرَى مِثل الأزمة السوريّة وخُطّة التَّحشيدات العَسكريّة الأمريكيّة المُتنامِيَة إقليميًّا ضِد إيران وحُلفائِها، وحرب اليمن بطَبيعَة الحال.
مُستَقبل المُصالحة الخليجيّة، مِثلَما قُلنا، مَرهونَةٌ بعِدَّة تنازلات أبرزها وقف الحرب الإعلاميّة، ومَدى استِعداد خُصوم قطر على تَخفيف حِدَّة شُروطهم ومَطالِبهم الـ13، ومدى قُدرَة الوسيط العُماني الجَديد على البِدء حيث توقَّفت الوِساطة الكويتيّة، وحَلحَلة العُقد المُعَقَّدة، وهي مُهمَّة تبدو صَعْبةً إن لم تَكن مُستَحيلةً، اللهم إلا إذا لوَّح الوزير الأمريكيّ في وجْه مَن يَرفُض إملاءات الرئيس ترامب الذي يبدو أن صبره قد نَفَد.
راقِبُوا “الجزيرة” وتَغطياتِها للشَّأنَين السعوديّ والإماراتيّ، ومُسلسَل اغتيال الخاشقجي، أو ما تبقَّى مِنه من حلقات تركيّة، فرُبّما يُمكِن مِن خِلال هذه التَّغطِيَة، تَصعيدًا أو تَهدئِة، مَعرِفَة الكَثير في هذا المِضْمار، واللهُ أعْلَم.
“رأي اليوم”