هل يسير السفير السعودي في الأردن على درب السبهان والقصيبي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2233
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عادل الجبير اكتفى بإطفاء بعض الحرائق وخالد بن فيصل “اختفى” على هامش اجتماع اللجنة السداسية.. وعمّان تتخلى عن “النضال لأجل قمة القدس″ في الجامعة العربية بعد تأكّد “فيتو الرياض” عليها
برلين – “رأي اليوم” – فرح مرقه:
حاول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في زيارته العاصمة الأردنية عمّان على هامش اجتماع اللجنة السداسية إطفاء حرائق كثيرة تسببت بها اجتهادات سفير بلاده الجدليّ الامير خالد بن فيصل في الاونة الاخيرة، الامر الذي يمكن قراءته من تركيز الاول على الجانب الاجتماعي الشخصي في علاقته مع الاردن وعائلاتها.
إطفاء حرائق بن فيصل وترطيب الأجواء بين الشارع السياسي الأردني والسعودية يعني بالضرورة إزالة فتيل إحدى الأزمات الدبلوماسية التي كادت تنفجر بين عمّان والرياض في أي لحظة، خصوصا بعدما وصِفت تصرفات السفير ذاته مع الأردنيين ونخبهم بالـ “غرورٍ” إبان إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقدس عاصمة لاسرائيل.
سفير الرياض اجتهد كثيرا اثناء اشتعال الشارع الاردني في ذلك الوقت، وهو يهدد ويتوعد من يأتي على ذكر بلاده أو نخبها، وجاب دوائر صناعة القرار مطالباً اياها- بخلاف الاعراف الدبلوماسية التي تفرض عليه عدم التدخل بشؤون الدولة التي يقيم فيها- باتخاذ اجراءات “تأديبية” ضد شخصيات ونخب أردنية، كما نفى- باجتهاد ثبت خطؤه أيضاً- ما عُرف بـ “صفقة القرن” وتواطؤ ولي عهد الرياض الامير محمد بن سلمان فيها.
خطوات السفير الكثيرة والمتعجلة والتي اتسمت بالتسرع والتعالي، ازعجت دوائر قرار في الاردن، ما قد يكون اضطر الاخيرين لايصال رسالة للجانب السعودي تفيد بأن الرجل زاد من جرعة الاجتهادات الخاطئة. وهو ما يفسر “اختفاء” الرجل تماماً (اي السفير) أثناء زيارة وزير خارجية بلاده الجبير واجتماعات الاخير ولقاءاته، ما يدفع للاعتقاد ان قراراً سعوديّاً مرجعيّاً اتخذ للحد من حركة بن فيصل الاشكالية في عمان، وإطفاء بعض الحرائق التي اشتعلت بسببه شخصيّاً.
وفقاً لذلك، يغدو تتبع حركة الوزير الجبير “الرشيقة” في عمان، واتخاذها طابعاً اجتماعياً أكثر تفسيراً، باعتباره (أي الجبير) المكلّف الاول في الحدّ من دوائر الجدل في فرصة قد لا تتكرر في القريب العاجل، كون العلاقات اصلا بين الرياض وعمان تشوبها الشائبات، وتبدو متعطلة إلا من بعض المجاملات أمام الكاميرات منذ ما بعد القمة الاسلامية في العاصمة السعودية.
في هذه المناسبة، وجد الجبير انه يستطيع “ضرب عصفورين” بحجر واحد، فمن جهة يرطّب العلاقات ويطفئ بعض الحرائق، ومن جهة ثانية يتموضع في السياق الشخصي بعيدا عن السياسة التي لا تتفق فيها الرياض مع عمان.
الرياض اليوم أصلا في مكان لا تُحسد عليه، خصوصاً مع صدور الكتاب الامريكي ذائع الصيت “الغضب والنار في بيت ترامب الأبيض”، والذي يعزز قناعة عربية بالدور السعودي المناهض لحقوق الفلسطينيين والقريب من الاسرائيليين، في ظل نوع من الفتور في العلاقات بينها وبين مصر وابو ظبي في وقت هي فيه تجمعها علاقات أفضلها “مجمدة”، والاردن من العلاقات المجمدة هنا ليس استثناءً، بينما قد يكون أسوأها في حرب معلنة كاليمن او في مقاطعة وتصعيد سياسي واقتصادي كقطر.
من هنا، تعي الرياض جيداً أن لا حاجة للصعود على الشجرة مع الأردن، خصوصاً والاخير يبتلع المناكفات في دوره ووصايته وعقد القمة الاستثنائية وغيرها، بينما يحمي للمملكة السعودية حدودها الشمالية جيدا وقد يعود ليشكل في وقت قريب ممراً اقتصادياً برّياً مع العراق وسوريا.
عمان بالمقابل، كانت دوماً أكثر قدرة على الصبر والتحمل من أي دولة أخرى على صعيد السفراء (باستثناء حالة السفير السوري بهجت سليمان)، ولا تزال تصرّ على التعامل مع الرياض على اساس انها الشقيقة الكبرى، الامر الذي قد يفسر لماذا حتى اللحظة لم تتخذ عمان خطوة بغداد عام 2016، أو خطوة لندن قبلها بأكثر من 10 سنوات، بحق سفيرين سعوديين طُلب سحبهما.
بغداد طلبت في حادثة شهيرة عام 2016 من الرياض رسميا سحب سفيرها ثامر السبهان، إثر تصريحاته التي وصفت بأنها “تؤجج الطائفية”، بينما كانت لندن قد طلبت ذلك من الرياض عام 2003 بعد ان كتب سفيرها في لندن (المرحوم) الدكتور غازي القصيبي قصيدة تثني على العملية التي نفذتها الشابة الفلسطينية آيات الاخرس.
مصير السفيرين بعد سحبهما كان التعيين كوزيرين ودخول الحكومة السعودية كلٌّ في مرحلته، فالسبهان أصبح وزير دولة لشؤون الخليج، ونشط لاحقا في أزمة استقالة الرئيس اللبناني سعد الحريري إلى أن تواترت الانباء عن اصدار تعليمات تمنعه من التصريح. أما القصيبي فأصبح وزير مياه ثم مياه وكهرباء وصولا لوزارة العمل.
بكل الاحوال، الوزير الجبير زار عمان وعاد الى دياره بعد ترطيب خجول للعلاقات قوبل بالترحاب من عمان، التي قررت على ما يبدو التخلي عن النضال في ملف “القدس″ عبر جامعة الدول العربية على الاقل، لصالح الرياض قبل انتهاء ولاية العاصمة الاردنية بأقل من شهرين وبدء ولاية الاخيرة عاصمة السعودية، الامر الذي تعتقد عمان انه قد يخفض منسوب التوتر في العلاقات بين البلدين خصوصا بعدما لمست جيدا “الفيتو السعودي” على الاقل ضد قيام “قمة القدس الاستثنائية” التي كان من المفترض عقدها في عمان.
في الاثناء يبقى ملف السفير السعودي في الاردن خالد بن فيصل مفتوحا على كل الاحتمالات، الامر الذي توقع في سياقه مراقبون لـ “رأي اليوم” سحب بن فيصل بخطوة “حسن نوايا” هادئة من جانب الرياض قريبا.