رواية شاهد عيان عن مجزرة العدوان السعودي في صنعاء .. المحامي المسوري: مشهد تطاير القاعة لن يفارقني

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1456
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

توجهت برفقة الاستاذ محمدالبكولي نحو القاعة الكبرى بشارع الخمسين بالعاصمة اليمنية للقيام بواجب العزاء للأستاذ محمدالرويشان واللواء جلال الرويشان وبقية أسرة الفقيد الشيخ علي الرويشان كغيرنا من اليمنيين الذين بادروا للذهاب لتقديم العزاء.
فكرت في إختيار طريق مختلف لتجنب الإزدحام المعتاد في الجهة الغربية للقاعة ولكنني فوجئت بأن الإزدحام في الطريق الأخرى أكثر مما توقعت.
وتأخر وصولنا أكثر فأكثر.
وكنا على عجلة من أمرنا لنتمكن من أداء صلاة العصر في مصلى القاعة بعد تقديم العزاء لأسرة الفقيد.
أخيرا تجاوزنا تلك الزحمة.
ووصلنا إلى مدخل مواقف السيارات بوسط شارع الخمسين الممتلئ بمئات السيارات.
كان المعزون حينها يدخلون ويخرجون من القاعة وبإعداد كبيرة جدا لأن العزاء كان ليوم واحد حسبما تناقلته وسائل الإعلام يوم أمس.
في الساعة (3:20 أو 3:25) بالتحديد من عصر يومنا هذا السبت 8أكتوبر2016م وأثناء قيامي بإيقاف السيارة والإستعداد للنزول منها للتوجه نحو القاعة التي كانت على يسارنا بالضبط.
سمعنا صوت إنفجار الصاروخ الأول وكان مختلفا عن الإنفجارات التي تعودنا على سماعها يوميا لأننا كنا على مقربة كبيرة من إنفجار الصاروخ.
فورا..وفي ثواني أو أجزاء منها.
كان الأستاذ محمدالبكولي يقول أين هذا القصف.
وشاهدنا في تلك اللحظة قاعة العزاء تتطاير في الهواء نحو الأعلى.
موقف ومشهد مرعب بكل معنى الكلمة لا يمكن أن يتوقع إرتكابه من أي شخص يحمل في قلبه ذرة من الإنسانية.
شاهدنا سقف القاعة يتطاير في السماء محاطا بكمية كبيرة وكثيفة جدا من الغبار والدخان وهو يرتفع للأعلى أكثر فأكثر.
وكانت الأعمدة الحديدية وأجزاء كثيرة من الهنجر (سقف القاعة) يتطاير داخل هذه الهالة الضخمة من الدخان والغبار والتي لم تخلو أيضا من أشلاء الشهداء والجرحى.
كانت لحظة ذهول.
تجمدت فيها الدماء في العروق.
أخيرا خرجت الحروف من أفواهنا ومن قلوبنا التي إمتلئت حرقة وقهرا وغضبا..
( ياااااااا الله )
( ياااااااا ساتر)
( ياااااااا رب )
كانت أجسادنا خارج القاعة.
وعيوننا داخل القاعة تتخيل حجم الكارثة التي ستحل بآلاف المتواجدين داخل القاعة من أهل العزاء ومن المعزيين الأبرياء.
تنبهنا…حينها..
إلى كل المتواجدين حولنا وهم ينفرون من محيط القاعة وبشكل عشوائي ودون وعي أو إدراك خوفا من وصول الصاروخ الثاني والثالث.
وطلب منا وهو ما كان لزاما عليا وعلى جميع أصحاب السيارات الموجودة إخراج السيارات من الشارع العام الذي تحول بسبب الإزدحام إلى موقف سيارات لكي نسمح لسيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء من الدخول إلى ما تبقى من القاعة المقصوفة المتبعثرة بمن فيها من الضحايا الأبرياء.
وفور إخراجي للسيارة نحو الجهة الشرقية للقاعة بعد دقائق يسيرة من القصف الأول وفي الوقت الذي تمكن فيه الكثير من الشرفاء والأحرار المتواجدين من الدخول لإسعاف ضحايا هذه الجريمة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الجديد والقديم.
فوجئنا حينها بالصاروخ الثاني يقصف قاعة العزاء التي أصبحت عزاء لكل من دخل إليها.
وكانت الكارثة الأشد والأعظم.
قصف تلو قصف إستهدف الضحايا والمسعفين.
وأصبح الجميع ضحايا للعدوان السعودي وحلفاؤة ومرتزقته.
كانت دموع الكثير تنهمر تلقائيا.
دموع المقهورين والمغدور بهم.
دموع الحسرة والأسف على الأبرياء.
كانت الدموع إجبارية وهي تشاهد كما شاهدتم وشاهد العالم تلك الجثث البريئة المنتشرة في أرجاء القاعة وخارجها والجرحى الذين بترت أرجلهم وأيديهم ومعظم أجزاء أجسادهم.
شاهدتم ما تبقى من تلك الجثث المتقطعة والمتفحمة وبأعداد مهولة لازال الكثير منها تحت الأنقاض.
جثث متفحمة من ضحايا غارات العدوان السعودي على مجلس العزاء بالعاصمة اليوم (المستقبل)
مشهد لم ولن يفارقني..ما حييت.
وسيبقى الدم يغلي ويثور..ما حيينا.
ولن يكفينا حتى القصاص الذي كتبه الله عزوجل منذ الأزل.
ولن يشفي غليلنا حق الإقتصاص الذي منحه لنا القانون الدولي الإنساني الذي أقرته الأمم المتحدة.
لن تذهب شهداء الأبرياء هدرا..
ولن نتخلى عن دماءهم مدى الدهر.
ولاعزاء بعد اليوم..
إلا بإجتثاث العدو وأخذ حقنا دون إنتقاص.
العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص
والبادئ….أظلم.
وجبهاتنا في الحدود..لا توقفوها..
وتوقيفها..خيانة لدماء الشهداء والجرحى.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وهيهات منا الذلة.

شاهد العيان المحامي/ محمدالمسوري