السعودية تكشف عن وجهها: مع إسرائيل... لإسقاط المقاومة
«إسرائيل تُلحق السنوار بهنية... حماس بلا رأس». هذا كان عنوان صحيفة «عكاظ» السعودية، والذي أعلنت عبره استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار. إلا أنه لم يكن المؤشر الوحيد إلى سعار إعلامي سعودي مستجدّ، يؤازر العدو الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها على الشعبين الفلسطيني واللبناني، تحت عنوان القضاء على المقاومة، وتحديداً «حماس» التي يبدو أن الرياض تريد تصفية حساب معها بالاعتماد على العدو الإسرائيلي.
على أن حملة الشماتة، والتي يقول معارضون سعوديون إنها أجيزت من قبل السلطات العليا في المملكة، أي ديوان ولي العهد، محمد بن سلمان، تجلّت خصوصاً في تقرير مصور بثته قناة «أم بي سي» عن حادثة اغتيال الشهيد السنوار، وصفت فيه الأخير وسلفه الشهيد إسماعيل هنية، وكذلك نائب هنية، الشهيد صالح العاروري، بـ«الإرهابيين»، واعتبرت أن «العالم تخلّص من السنوار» الذي قالت إنه «دموي ويوصف بأنه جزار خانيونس». وقد يكون انطلاق الحملة بذلك الشكل المنفلت، وفي هذا التوقيت، عائداً إلى رهان سعودي، كانت تخفيه المملكة حتى الآن، على قدرة العدو على القضاء على حركة «حماس» بعد اغتيال قادتها، والحصار الذي يفرضه على شمال قطاع غزة بهدف تهجيره، من دون رادع ولا وازع، بما يرفع «ثقة» حكام السعودية في إمكانية «نجاح الاحتلال في إنجاز المهمة»، وبالتالي يتيح لهم المشاركة في «قطف الإنجاز».
وتسبب تقرير «أم بي سي» بإطلاق حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة قنواتها، كما حدا بحركة «حماس» إلى إصدار بيان شديد اللهجة وصفت فيه تقرير القناة بأنه «تحريضي وظلامي»، مضيفة أن «هذا السقوط المهني والإعلامي والأخلاقي يتماشى مع الدعاية الصهيونية التي تهدف إلى تشويه المقاومة ورموزها»، وأن «هذا التقرير يسيء إلى القناة وإدارتها، وليس إلى المقاومة وقادتها الذين قدموا أرواحهم في سبيل تحرير فلسطين والأقصى».
ورغم أن مجموعة «أم بي سي» لم تكن لتتجرّأ على نشر تقرير كهذا من دون إذن رسمي، بل طلب رسمي، لا سيما أن صاحبها وليد الإبراهيم كان أحد معتقلي «الريتز» في الرياض، والذين أذلّهم بن سلمان، ولم يفرج عنهم إلا بعد إعلان ولائهم الكامل له، والتنازل له عن نصف ثرواتهم، إلا أن سعياً ظهر عبر الذباب الإلكتروني السعودي إلى التنصّل من التقرير، بدعوى أن الموقف الرسمي، يصدر عبر القناة الرسمية «السعودية» أو وكالة «واس»، وأما باقي المنافذ الإعلامية، فهي قنوات وصحف ذات ملكية خاصة، وكأن مملكة بن سلمان التي يحكم قضاؤها بالسجن عشرات السنوات على مجرد تغريدة، وبالإعدام على المشاركة في تظاهرة، هي واحة للحريات الإعلامية على الطريقة النرويجية.
وحفلت منصة «إكس» بآلاف المنشورات التي تدعو إلى مقاطعة قنوات «أم بي سي» مقاطعة كاملة، متهمةً المملكة بتأييد حرب الإبادة ضد الفلسطينيين ضمناً. إلا أن اللافت كان اغتنام المعارضة السعودية التي يجاهر غالبيتها بتأييد مقاومة «حماس» والفصائل الأخرى، لشن حملة مضادة على النظام الدائر في الفلك الإسرائيلي، في محاولة لتعزيز موقع المعارضين في الداخل السعودي، والاستفادة من كون غالبية السعوديين تكره إسرائيل وتؤيد «حماس»، رغم عدم قدرة هذه الغالبية على التعبير عن موقفها، بسبب الخوف من بطش النظام.
وفي سياق تلك الحملة، كتب المغرّد السعودي الشهير، «مجتهد»، أنه إذ «يعتبر البعض أن الحسابات السعودية الصهيونية أُعطيت الضوء الأخضر للشماتة بالسنوار والمقاومة الفلسطينية، فإن المعلومة الصحيحة هي أنها كُلّفت بذلك من قبل المسؤولين في الديوان الذين تلقوا الأمر بدورهم من محمد بن سلمان»، معتبراً أن «المسؤول الأول عن هذا الانحطاط التاريخي هو محمد ابن سلمان، والمسؤولية ليست مجازية بل مسؤولية حقيقية ومباشرة وبمتابعة شخصية». وبدوره، رأى المعارض المقيم في الغرب، عمر بن عبد العزيز، أن «ثمة حملة بدأتها السعودية لشيطنة واسعة ضد أهل غزة ومقاومتها في الوقت الذي تُحاصَر فيه جباليا ويعيش أهلها الجوع والعطش»، مضيفاً: «فلتشهدوا أنهم اختاروا الوقوف في صف الاحتلال وطعنوا أهل فلسطين في ظهورهم»، ومشيراً إلى احتفاء قناة «كان» الإسرائيلية بتقرير «أم بي سي».