الصراع بالشرق الأوسط.. كيف تنظر له القوى المتحاربة والمتحالفة في اليمن..
صلاح السقلدي
ونحن نجيلُ النظر بأرجاء الخارطة السياسية اليمنية من صنعاء شمالا الى عدن جنوبا ومارب شرقا وصولا الى المخا غربا نجد أن ثمة انتظار وترقب يخالجه الامل والحذر من هذه القوى اليمنية المؤتلفة والمختلفة على السواء لمجريات الأوضاع بمنطقة الشرق الاوسط وكيف يمكن ان ستفضي نهاية هذا الصراع سلبا أو إيجابا على الوضع اليمني المأزوم وعلى مصالح هذه القوى ومعها بالطبع التحالف السعودي الإماراتي.
– فالقوى اليمنية المنضوية تحت مظلة هذا التحالف- بل وحتى هذا التحالف نفسه- تتوخى هزيمة معسكر المقاومة وانتصار اسراىيلي بهذا الصراع المحتدم اليوم لعل ذلك وفقا لحساب تلك القوى سيلقي بتبعاته الثقيلة المدمرة على الطرف المناوئ لها ونعني هنا حكومة الحركة الحوثية( أنصار الله). فهذه القوى وهي تتطلع الى انكسار جبهة المقاومة تتعشم بأن يقوض من عزيمة الحركة الحوثية ويحملهابالتالي على تقديم تنازلات جوهرية تعوض تلك القوى عن الهزيمة العسكرية التي منيت بها طيلة عقد من زمن هو عُمر الحرب باليمن،خصوصا بعد أن أخفقت تلك القوى واخفق معها التحالف الداعم لها من تحقيق مكاسب عسكرية في الشمال وبعد ان استطاعت الحركة انتزاع اعتراف سياسي غير معلن من التحالف ومن السعودية بالذات وبعد أن أبرمت مع الرياض منفردة بوساطة عمانية تسوية سياسية مع الحوثيين بملامح واضحة للقادم واتفق الطرفان على تسوية كثير من الملفات بمعزلٍ عن الحكومة والمجلس الرئاسي المحسوب على الرياض وأبو ظبي. ولهذا نرى هذه القوى والأحزاب تنظر بتفاؤل ولو بحذر من أن ينتهي الصراع في بالشرق الأوسط بانتصار عسكري اسرائيلي ساحق في فلسطين ولبنان ووبأتجاه إيران، او على اقلها في واحدة من هذه الجبهات ليكون ذلك هزيمة معنوية للحركة الحوثية تمكن تلك القوى من الاستفادة منها ولو شكليا لإعادة شحن جماهيرها والنخب الموالية لها بجرعة معنوية بعد أن تآكلت شعبيتها، ويعيد خلط الاوراق من جديد، وإفشال وعرقلة الجهود السعودية الأممية الساعية لإنجاز التوقيع على ما اُتفق عليه في مسقط من تفاهمات ترى تلك القوى وهي محقة في ذلك بأنها غُيبٍتْ عنها وتم تجاهلها. التحالف يتوخى من هكذا هزيمة لمحور المقاومة تحسين شروطه بوجه الخوثيين وإعادة صياغة اتفاق ترى فيه التحالف بأن تم عن طريق ليّ الذرع في مسقط. فهل تظفر هذه القوى بامنيتها ؟. ستبدي لنا الأيام ما كنا نجهلها حيال هذا الوضع.
– الحركة الحوثية من جانبها ترى انه في حال خرجتْ المقاومة في فلسطين ولبنان منتصرة أو على الأقل ظلت محتفظة بكياناتها وبقوتها وبهياكلها التظيمية ولو بالحد الأدنى ونجت طهران من خسائر جسيمة فإن بوسعها اي الحركة الحوثية توظيف ذلك لتعزيز مكانتها على الأرض ليس فقط كقوة سلطة حاكمة بل كقوة مؤثرة بالمنطقة،خصوصا وانها صارت في قلب العاصفة الاقليمية من خلال مشاركتها الفاعلة بمهاجمة قلب إسرائيل ومصالحها بالبحر الأحمر… قادم الايام ايضا كفيلا أن يُبدي لنا ما نحن نجهله اليوم.
– الطرف الجنوبي اليمني وبالذات المجلس الانتقالي هو الآخر يحاول جاهدا ان يكون له حضورا بالساحة الإقليميةاليوم لعل ذلك يُحسّن من موقعه فوق طاولة التسوية السياسية اليمنية القادمة من خلال ما يسعى اليه بحيازة رضاء الولايات المتحدة الأمريكية التي طلب منها مرار الانضمام الى التحالف الامريكي الغربي( تحالف الازدهار) في البحر الاحمر لمجابهة الحركة الحوثية ،لولا أن واشنطن أشاحت بوجهها عنه ولم تكترث بطلباته لاسباب مجهولة ومعلومة .
فالمجلس وفي خضم الصراع بالمنطقة وبعد أن تم تجاهله في جولات الحوار التي تفردت بها المملكة العربية السعودية مع الحركة الحوثية في مسقط يقف مشدوها ومهيض الجناح مما يجري وفي حالة تناقض بالمواقف وتضاد بين ما يقوله وبين ما ينشده، فهو في الوقت الذي يبدي حماسة قوية للذهاب الى اقصى مدى لمحاربة الحركة الحوثية واسقاطها في صنعاء فأنه بالوقت نفسه لا ينفك من ترديد مقولة أن بقاء الحوثيين كقوة وسلطة بالشمال يعزز حججه ومنطقية مطالبة بالاستقلال و بأن الوحدة مع الشمال مستحيلة في ظل بقاء الحوثيين سلطة حاكمة هناك وذراع ايران باليمن.
ولكن تتلاشى الغرابة من هذا التناقض الذي يتملك المجلس الانتقالي الجنوبي حين نعلم أن ثمة تأثير إمارتي طاغٍ و كابح لقرارات وإرادة المجلس.فالامارات التي تدعم المجلس الانتقالي الى حد كبير عسكريا وإعلاميا لا تستطيع أن تجاريه بمطالبه الطموحة وتلبي له غاياته وبالذات فكرة استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة حتى ٩٠م، فهي أي الامارات محكومة بعلاقة تاريخية ومصالح استراتيجية مع المملكة العربية السعودية -المتمنعة عن دعم الانتقالي -يستحيل التضحية بها لمصلحة حليف أقل شأنا وأهمية من مصالحها مع المملكة حتى و أن كان هذا الحليف ذات اهمية كبرى لها في منطقة حيوية هامة كالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعزز حضوره بالجنوب الثري المطل على مدن الموانئ والجزر الاستراتيجية في بحر العرب وباب المندب.