في ظل “طموحات” رؤية 2030: كيف يبدو واقع حقوق الإنسان في البلاد
قدّمت منظمة Human’s Substack مادة نقدية لأهداف رؤية 2030 في ظل العلاقة المعقدة بين أوضاع حقوق الإنسان في “السعودية” والأهداف الاجتماعية والاقتصادية للرؤية. وأتت الدراسة انطلاقا من ملاحظة الانعكاس السلبي لهذا التحوّل الاقتصادي في البلاد على الطبقات المهمشة التي تدفع عادة ثمن هكذا تحولات. في حين تقول الحكومة السعودية أن ارتفاع معدل التضخم إلى 2.1%، بزيادة طفيفة من 1.9% في يوليو، تظل أقل من هدفها؛ إلا أنها تشكل في الواقع تحديًا للمواطن العادي، خاصة وأن ارتفاع التضخم هذا يرجع في المقام الأول إلى ارتفاع تكاليف الإسكان والمرافق والغذاء. ولأن رؤية 2030 طُرحت على أنها أجندة إصلاح اقتصادي واجتماعي، يضحى البحث خلف ارتدادات هذه الرؤية على وضع حقوق الانسان مسألة غاية بالأهمية وليس بالهامشية. وإلى جانب ارتداداتها غير المباشرة، من قبيل كيف ستتأثر الطبقات المهمشة بهذا التحول الاقتصادي، هناك ارتدادات وتأثيرات مُنتظرة بشكل مباشر من الرؤية. تذكر الدراسة خلاصة ما توصلت إليه حول هذا الأمر، بالإشارة إلى أن: مسار حقوق الإنسان في السعودية في ظل رؤية 2030 يكشف أنه يواجه عددًا لا يحصى من التحديات التي تستدعي المزيد من العمل والتوجيه الاستراتيجي. تقدم الدراسة مثالا على ذلك، بأنه مع تقدم أجندة رؤية 2030، يجب أن يتماشى الدعوة إلى الاستدامة البيئية مع حماية الحقوق الأساسية. على سبيل المثال، يجب أن يضمن نشر التكنولوجيا المتقدمة عدم انتهاكها لحقوق الخصوصية أو تفاقم التفاوتات القائمة. تعمل السعودية على تطوير مدينة الهيدروجين كجزء من مشروع نيوم. ويهدف هذا الاستثمار الذي تبلغ قيمته 8.4 مليار دولار إلى إنتاج 600 طن من الهيدروجين الأخضر يوميًا، مما يضعها كلاعب رئيسي في التحول العالمي للطاقة. وفي حين يشير المشروع إلى الالتزام بالطاقة المتجددة، فإنه يثير المخاوف بشأن الاستدامة البيئية والنزوح المحتمل للمجتمعات المحلية. ويشير التقرير في هذا السياق إلى أنه ينبغي أن لا تطغى وعود الطاقة الخضراء على الحاجة إلى سياسات شاملة تحمي الفئات السكانية الضعيفة المتضررة من التطورات واسعة النطاق. كما تلفت الدراسة إلى ضرورة تحديث الأطر التنظيمية لمعالجة هذه القضايا الناشئة، وتعزيز نهج متوازن يعزز التقدم التكنولوجي مع حماية حقوق الإنسان. وعلى الصعيد القانوني والإداري، تسلط الضوء على ضرورة إنفاذ القانون بشكل قوي والإدارة العامة الشفافة لحماية حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، فإن إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية صنع السياسات يمكن أن يساعد في ضمان أن تكون السياسات العامة شاملة وتعكس احتياجات جميع شرائح المجتمع. وتكشف الرؤى التجريبية من توصيات الأمم المتحدة عن اتجاهات حاسمة في خطاب حقوق الإنسان والتي يمكن أن تفيد الاستراتيجيات السعودية المستقبلية. في نوفمبر 2015، وعلى وقع المحاكمات والانتهاكات بحق النشطاء، روجت السعودية لما سمته إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقالت أنه يهدف إلى: تنظيم العمل الأهلي وتطويره وحمايته، وتعزيز مساهمة المواطنين في إدارة المجتمع، وتفعيل ثقافة العمل التطوعي وتحقيق التكافل الاجتماعي. إلا أن تقرير حديث للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أشار إلى أن الواقع أكد شكلانية هذا النظام وعدم قدرته على حماية أي نشاط حقوقي ومدني، حيث لم تمنح السعودية أي ترخيص لمنظمات حقوقية مستقلة واكتفت بمنح التراخيص لجمعيات ومنظمات تعمل تحت ظل الحكومة، بل جرّمت ذلك وحاكمت المدافعين والمدافعات الذي قدموا طلبات. ومع تعاقب السنوات، دفع تجريم النشاط الحقوقي المستقل إلى انعدامه. وأمام الروايات الواعدة التي تطلقها الحكومة السعودية حول مدى التأثير الإيجابي للرؤية على التحولات الإجتماعية في البلاد، من حيث تعزيز القطاع السياحي وزيادة انخراط الشباب في نموذج الحياة الغربية؛ يبقى المهم ومحط البحث تحت المجهر هو نسبة هؤلاء الذين سيستفيدون حقا من هذه المهرجانات والمؤتمرات السياحية. حتى وإن ادعت الحكومة أن هذه الأنشطة سوف تجلب فرص العمل للعشرات من الشبان، السؤال الذي يطرؤ هو نوع هذه الفرص، وإلى أي مدى سوف تكون فرص عمل هذه مساهما في تخفيض نسبة البطالة اكثر منها فرص تعلّي نسبة البطالة المقنّعة في البلاد. فأين الفخر في أن يتحول شبان البلد إلى موظفين لدى مدراء أجانب يديرون ويتحكمون ويأتيهم المردود المالي الأكبر؟ تستضيف البلاد في شهر سبتمبر الحالي فقط، خمسة مؤتمرات سياحية كبرى. وقد انطلق بالفعل يوم أمس مهرجان أزمث الذي سيستقبل 600 ألف زائر في العلا، وسيستمر لثلاثة أيام سيتخلله الكثير من الموسيقى والرقص وغيرها.