ارتباك أميركي وتشوّش خليجي: من أين لليمن هذا؟
لا يخفت النقاش الأميركي حول اليمن على المستوييْن العسكري والسياسي، فيما مع مرور الوقت، تتوالى الاعترافات بالتحديات التي تواجه القوات الأميركية، أو ما يسمّيه قادتها «الضائقة البحرية» في البحر الأحمر. وآخر تلك الاعترافات يفيد بأن البحرية الأميركية تعاني من نقص في الجهوزية، وتحاول تعويضه بمجموعة إجراءات منها استجلاب تقنيات تناسب التهديدات الجديدة، وتوسيع نطاق التدريب لمواجهة الطائرات والزوارق المُسيّرة، كما تعمل على التغلب على صعوبات التجنيد. كذلك، تفيد المعطيات نفسها بأن المدمّرة «ميسون» واجهت العديد من الطائرات المُسيّرة التي أُطلقت من اليمن، وكانت أكثر تعقيداً وصعوبة في الاستهداف والإسقاط. وفي الإطار نفسه، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن رئيسة العمليات البحرية الأميركية، ليزا فرانشيتي، قولها إن «أحد التحديات الكبيرة هو أن تكون نسبة 80% من القوة جاهزة في أي وقت للانتشار للقتال إذا لزم الأمر، وهو هدف بعيد المنال»، وإنها المرة الأولى التي نكون فيها في منطقة اشتباك بالأسلحة لفترة طويلة. وتهكّمت صحيفة «تلغراف» البريطانية، بدورها، على وضعية التحالف الغربي في البحر الأحمر، قائلة إنه «إذا كان تكرار نفس الشيء مراراً، وتوقّع نتيجة مختلفة هما تعريف الجنون، فإن القوات البحرية الغربية وصلت إلى هذه النقطة في البحر الأحمر. يجب أن يتغيّر شيء هناك، وإلا فإننا في أفضل الأحوال، سنستمر في الخسارة. وفي أسوأ الأحوال، ستكون هناك كارثة أعظم بكثير من الغرق والوفيات والحرائق والتلوث».
ويُبدي المسؤولون الأميركيون خشية من أن تؤثّر ضائقتهم في البحر الأحمر على صراعاتهم المختلفة في العالم، وهم يسعون إلى الاستفادة من عِبر المواجهات غير المعهودة مع «أنصار الله»، في الإعداد للصراعات المستقبلية المحتملة، خصوصاً مع الصين. ومع ذلك، يبدو أن التطوّرات المتسارعة في الشرق الأوسط تضع أصحاب القرار الأميركي في موقف مرتبك؛ فبعد سحب حاملتي الطائرات «آيزنهاور» و«روزفلت»، اضطرت الإدارة إلى تعديل في برامج انتشار حاملات الطائرات، وقرّرت إرسال «هاري ترومان» ومجموعتها إلى الشرق الأوسط خشية من تطوّر الصراع ووصوله إلى نقطة اللاعودة. وفيما لم يذكر الناطق باسم البنتاغون المكان الذي ستتموضع فيه الحاملة، إلا أن موقع «مونيتور» قال إنها ستنتشر في البحر الأحمر، علماً أن البيانات الأميركية تفيد بأن «هاري ترومان» ومجموعتها تحملان أكثر من 6500 بحار، بما في ذلك الجناح الجوي الأول للحاملة مع تسعة أسراب، والطراد الصاروخي الموجه «تيكونديروغا غيتيسبيرغ»، والمدمرتان الصاروخيتان الموجهتان «ستاوت» و«جيسون دونهام».
إلا أن مصادر غربية شكّكت في رواية نشر الحاملة في البحر الأحمر، وقالت إن اليمنيين حرموا البحرية الأميركية من العمل هناك نتيجة الخطورة العالية لصواريخهم الباليستية ودفاعاتهم الجوية، مضيفة أن «هاري ترومان» ستنتشر في البحر المتوسط، ولا سيما بعد نجاح اليمن، بواسطة صاروخ «فلسطين 2»، في اختراق الدرع الأميركية الصاروخية المخصّصة أصلاً لحماية إسرائيل، فضلاً عن اختراقه الدرع الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة. وفي هذا الإطار، اعترف خبراء في البحرية الأميركية بتطوّر دفاعات اليمن الجوية، مؤكدين أن الأخير يستخدم أنظمة متطوّرة في العثور على الأهداف الجوية.
من جهتها، أبدت دول خليجية خشيتها من تطور الصواريخ اليمنية، وتساءلت وسائل إعلامها عن سر العجز الأميركي في مواجهتها. كما يبدو أن هذه الدول مندهشة أمام السلاح الفعّال في إسقاط الطائرات المُسيّرة الأميركية المتطورة من نوع «إم كيو 9»، التي تُعرف بالطائرة المتعدّدة المهام، ولا سيما أنها تحلّق في أجواء اليمن منذ سنوات طويلة. وإذ يظهر أن الثقة بالسلاح الأميركي لا تفتأ تتزعزع من جراء ذلك، وبعد أن كانت التهم الخليجية بتوريد السلاح إلى اليمن محصورة بالجانب الإيراني، أضيفت في الآونة الأخيرة إلى لائحة الاتهام روسيا والصين.
على أن شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية ذكرت، نقلاً عن خبراء، أن اليمنيين حسّنوا أنظمة الدفاع الجوي في الأشهر الأخيرة، ما يزيد من قدرتهم على ضرب الأهداف الأميركية بنيران دقيقة، مضيفة أن «الصواريخ والأنظمة الجديدة والمطوّرة من قبل اليمنيين قادرة على إسقاط أي طائرة مُسيّرة». ويعزو الأميركيون سبب سقوط «إم كيو 9» إلى أن اليمنيين يستخدمون أنظمة دفاع جوي كهروضوئية، ما يصعّب اكتشافها. يُذكر أن طائرة «إم كيو 9» تتميّز بخاصيات متطوّرة تجعل الجيش الأميركي يعتمد عليها في العمليات العسكرية، وتأكّدت فعاليتها في أفغانستان. وتصل سرعتها إلى 370 كيلومتراً في الساعة، ولها قدرة على إطلاق 6 صواريخ وقنابل بدقّة عالية.