مصر تستنسخ «رأس الحكمة»: رضوخ مُبطّن للابتزاز الخليجي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 156
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

القاهرة | لم يكُن إعلان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أول من أمس، عن تجهيز ما بين 4 و5 مناطق كبيرة على ساحل البحر الأحمر، من بينها منطقة «رأس بناس» للاستثمار، سوى تمهيد لصفقات مماثلة لـ«رأس الحكمة» ستُبرم خلال الأسابيع المقبلة، إذ يعمل النظام المصري في الوقت الراهن على تنفيذ عمليات البيع لمناطق مختلفة، تحت مسمّى «الاستثمار» وتخصيصها للخليجيين، وتحديداً للسعودية والإمارات، اللتين ستنفقان مبالغ مالية كبيرة في سياق «تنمية هذه المناطق الواعدة جداً من الناحية السياحية والتنموية»، حسبما قال مدبولي.وتمّ تفعيل هذا القرار بعد مناقشته على نطاق واسع في أروقة النظام خلال الفترة الماضية، وهو كان بمثابة «حل وسطي» يرضي جميع الأطراف وسط الابتزاز الخليجي الذي مورِس على النظام الساعي للخروج من عبء الأزمة الاقتصادية. فبعدما قيل إن الحكومة ستلجأ إلى طرح شركات تابعة للدولة والجيش على الخليجيين للاستثمار فيها على غرار صفقة «وطنية» المرتبطة بمحطات الوقود، رفض الجيش التخلّي عن شركاته وتمسّك بالتواجد فيها عبر حصص مساهمة، وسط مخاوف أبداها الخليجيون من الانخراط في شراكات مالية مباشرة معه، الأمر الذي دفع إلى تجميد الملف واستبداله بطروحات للمناطق لاجتذاب الأموال. وإثر ذلك، وافق الخليجيون على ضخ استثماراتهم بمليارات الدولارات التي ستدخل إلى خزانة الحكومة المصرية، بشرط اقتصار إدارة المناطق المُراد الاستثمار فيها على إدارة خليجية بشكل كامل، مع تواجد «شرفي» للحكومة عبر السماح لها بـ«إبداء الرأي»، وحصولها على عائدات تقتصر على الأرباح عند تحقيقها، وفقاً للإطار التنظيمي المتفق عليه.

وتبدو الصيغة التي حصلت بموجبها الإمارات على «رأس الحكمة»، والتي لم يتم إعلانها كاملةً للرأي العام، مغريةً سواء للإماراتيين الذين رغبوا في تكرار صفقة مماثلة، أو للسعوديين الراغبين في تعزيز تواجدهم على ضفة البحر الأحمر بصورة أكبر من أي وقت مضى، وهو ما جعل منطقة «رأس بناس» المحطة السعودية الأولى للاستثمار، والتي يجري التفاوض في الوقت الراهن حول تفاصيلها. وفي هذا الإطار، زار مدبولي السعودية حيث التقى ولي العهد، محمد بن سلمان، الذي وجّه بضخ 5 مليارات دولار كاستثمارات من «صندوق الاستثمارات السعودي»، وسط تعهّد مصري بحلحلة المشكلات التي تواجه السعوديين، والاتفاق على تسريع وتيرة ضخ الاستثمارات في السوق المصرية من دون مشاكل خلال الفترة المقبلة. وخلافاً لـ«رأس بناس»، ثمة استثمارات في مناطق أخرى في البحر الأحمر يجري التفاوض بشأنها، لكن بصورة أكثر تفصيلاً، نظراً إلى أن السعوديين اشترطوا أموراً إضافية، وخصوصاً في ما يتعلق بتفاصيل الإدارة، وضمان آلية حصولهم على الأموال وحصص من الأرباح، في حال تراجع الحكومة المصرية عن تنفيذ المشروع.
وعلى أي حال، ترى الحكومة أن صفقات بيع المناطق التي تسمّيها «استثماراً» و«شراكة» هي المنفذ «الأخير» للحصول على الأموال الساخنة كي تسدّ ديون الشرائح لـ«صندوق النقد الدولي»، بالإضافة إلى تدبير عجز الموازنة، والحفاظ على «استقرار» العملة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بما يضمن لها، في الوقت نفسه، تقليل الضغط الشعبي عليها، بعدما طاولتها انتقادات شعبية كبيرة إزاء سياساتها الاقتصادية، ولا سيما لجهة الشروع في عمليات بيع الشركات العامة. وفي سياق لجم أي انتقادات مقبلة، يروّج مسؤولو الحكومة وصناع القرار بأن هذه الصفقات السريعة، ستدرّ دخلاً ثابتاً على خزينة الدولة في غضون سنوات قليلة، بما يسمح بالحفاظ على «قيمة العملة» لتراوح بين معدلاتها الحالية، بالتزامن مع استمرار الرفع التدريجي للدعم الحكومي للسلع، خلافاً للدستور.