770 مليون دولار قيمة صفقة التسليح الأميركية للنظام السعودي
في سياق الكشف المتقطع عن تفاصيل استئناف صفقات السلاح الأميركية للنظام السعودي، كشفت صحيفة أمريكية عن تفاصيل إعلان الإدارة الأمريكية، استئناف بيع “الأسلحة الهجومية” للسعودية، بعد سنوات على تعليقها. وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلاً عن مسؤولين في البلدين، أن قيمة ذخائر سوف ترسلها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى “السعودية” تبلغ نحو 770 مليون دولار. وأوضحت الصحيفة، أن الشحنات تشمل 3000 قنبلة صغيرة القطر من طراز GBU-39s بقيمة 290 مليون دولار، وستزود هذه القنابل السعودية بذخيرة تزن 250 رطلاً يمكن إطلاقها من مسافة بعيدة لتنفيذ هجمات دقيقة، بما في ذلك في المناطق الحضرية. وإلى جانب ذلك، سترسل واشنطن أيضاً 7500 قنبلة من طراز بيفواي “Paveway IV” بقيمة 468 مليون دولار، وهي ذخيرة تستخدم أشعة الليزر أو الأقمار الصناعية لتحديد أهدافها. وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن عمليات التسليم ستبدأ على الأرجح في غضون عدة أشهر. وستعمل هذه الأسلحة على زيادة قدرة القوات الجوية السعودية على تنفيذ ضربات جوية دقيقة من مقاتلاتها أمريكية الصنع، وسيمكن بيع المزيد منها للمملكة في السنوات المقبلة. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت رسمياً يوم الاثنين، أنها ستستأنف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، بعد سنوات من تعليقها بسبب حرب الأخيرة في اليمن التي استمرت منذ مارس 2015 وحتى أبريل 2022. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، إنه منذ تجميد بيع الأسلحة، وفي ظل ثبات الهدنة في اليمن، فإن السعودية “أوفت بجانبها من الاتفاق”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة على استعداد للإيفاء بجانبها منه. وعلى خلفية الإعلان، قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العرب، ” إن قرار إدارة بايدن باستئناف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية يشجع على تجدد العدوان السعودي في المنطقة ويمنح ختم الموافقة لقمع نظامها الديكتاتوري المستمر لمواطنيه”. وأضافت: “هذا هو المسمار الأخير في نعش التزام إدارة بايدن الوهمي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ناهيك عن وعده بمحاسبة النظام السعودي على جرائمه في اليمن وداخل بلده”. أما جوش بول، المستشار الأول للمنظمة الحقوقية، اعتبر أن قرار استئناف نقل الذخائر الجوية إلى السعودية يأتي في سياق تجاهل متكرر من إدارة بايدن للقضايا الواضحة المتعلقة بكيفية استخدام الدول الشريكة للأسلحة الأمريكية، بما في ذلك الذخائر الجوية، كما في حالة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة”. وأضاف: “رفع الإدارة للتجميد بعد 24 ساعة فقط من إخطارها الكونغرس بنقل 6500 قنبلة موجهة (JDAM) إضافية لإسرائيل يشير إلى المستوى المنخفض من القلق لدى وزارة الخارجية والبيت الأبيض بشأن الحد من الأضرار التي تلحق بالمدنيين”. ورأى رائد جرار، مدير التواصل الحكومي في المنظمة إن استئناف هذه التحويلات العسكرية يتناقض مع السياسات والقوانين الأمريكية التي ينبغي أن تمنع تسليح القوات المتهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وأضاف: “سواء كانت إسرائيل أو السعودية، لا ينبغي أن تتواطأ الولايات المتحدة في المساعدة والتحريض على انتهاكات حقوق الإنسان. هذا القرار يتجاهل التأثير الإنساني المدمر لهذه الأسلحة، خاصة على المدنيين اليمنيين.” يذكر أنه، في فبراير/شباط 2021 فرضت واشنطن قيودا على مبيعات المعدات العسكرية والأسلحة للسعودية، وذلك وفقاً لسياساتها المزمعة بالحد من العنف في اليمن، وشعر النظام السعودي، أكبر زبائن السلاح الأميركي، بالغضب من تلك القيود التي جمّدت نوع مبيعات الأسلحة التي ظلت الإدارات الأميركية السابقة تزود بها الرياض لعقود. وخفف بايدن موقفه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، والذي دفع الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى إلى مناشدة “السعودية”، أكبر مصدر للنفط في العالم، ضخ كميات أكبر من النفط لتعويض فقد الإمدادات الروسية. وكان أفاد مسؤول كبير في إدارة بايدن لوكالة رويترز أن سبب رفع الحظر يعود “لوفاء السعودية بالتزاماتها بما يخص وقف الحرب على اليمن”؛ رغم ما ثبت من استهداف “السعودية” المستمر لمناطق في اليمن إلى جانب استهدافها للمهاجرين عبر الحدود السعودية- اليمنية الذي يُعدّ كسرا لما زعم المسؤول أن البلاد أظهرت التزاما به. وكان موقع “نيوزيوك” الأميركي قد أثار المسألة نهاية الشهر الماضي؛ لافتا في مقال رأي حمل عنوان “لا محاسبة أميركية للسعودية على جرائمها بل اتفاق دفاعي” إلى أن رفع الحظر تمّ على الرغم من عدم المساءلة عن سنوات طولية من ارتكاب “السعودية” جرائم حرب في اليمن ، وجرائم ضد الإنسانية على الحدود اليمنية السعودية، وانتهاكها حقوق الإنسان لا سيما ما خلص إليه تقرير استخباراتي أميركي حول مسؤولية محمد بن سلمان عن قتل الصحفي جمال خاشقجي، يثبت للقيادة السعودية إمكانية إفلاتها من العقاب. ولم يزل الأميركيون عند موقفهم بتقديم صفقات نوعية إذا ما اعترفت المملكة بإسرائيل، تتضمن تدفق الأسلحة وربما اتفاقًا نوويًا. ولا يمكن فصل قراراستئناف التسليح عن المشهد السياسي الذي تعيشه المنطقة، حيث لا تزال الاحتمالات مفتوحة مع عرقلة المفاوضات وتهيؤ القوى العسكرية لـ”تسونامي” مفاجئ قد تستفيق فيه جميع الصراعات النائمة، وتتسع فيه رقعة الحرب. خاصة أن السعودية تعاونت مع الأردن والولايات المتحدة لصد وابل الصواريخ والطائرات الإيرانية في أبريل/نيسان الماضي.