تل أبيب قلقة.. خلافات الرياض وأبوظبي تخدم طهران وتضر بالتطبيع

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 605
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تخشى إسرائيل من تداعيات تدهور العلاقات بين السعودية والإمارات، إذ إن من شأن الخلافات بينهما أن تخدم مصالح إيران وتضر بتل أبيب المهتمة بالعلاقات مع الرياض وأبوظبي، والتي لا ينبغي أن تبدو منحازة إلى الإماراتيين أو السعوديين.

تلك القراءة للأحداث قدمها يوئيل جوزانسكي، هو باحث أول في "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، معتبرا أن السعودية والإمارات "تتبعان مقاربة براجماتية تجاه إسرائيل، علنا أو خلف الكواليس، وتكمن وراء خلافاتهما اعتبارات الهيبة والمكانة في الساحتين الإقليمية والدولية".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وبينما وقَّعت أبوظبي وتل أبيب في 2020 اتفاقية لتطبيع العلاقات، لا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقيبة، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

جوزانسكي قال إن العلاقات تدهورت بين السعودية والإمارات جراء خلافات حيال عدة ملفات منها الحرب في السودان واليمن والعلاقات مع قطر وإيران وإسرائيل، بالإضافة إلى التنافس الاقتصادي.

ويسعى القائمون على أكبر اقتصادين بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهما السعودية والإمارات، إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي كمصدرين رئيسيين للغيرادات، مما أطلق تنافسا بينهما على الفرص الاقتصادية.

وأردف أن السعودية تريد "إعادة تأسيس ما تعتبره مكانتها المفضلة على الإمارات، التي تمتعت في السنوات الأخيرة بمكانة إقليمية ودولية محسنة، وفي حين أن الخلافات بينهما ليست جديدة، إلا أنها أصبحت أكثر حدة"، ما يضر بسعي تل أبيب إلى تشكيل جبهة إقليمية موحدة ضد إيران وقد يؤثر على التحركات نحو التطبيع مع إسرائيل.

 

تنافس بعد تعاون

و"على مدى العقد الماضي، ساد التعاون بين السعودية والإمارات في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وكان القوة الدافعة وراء التطورات المهمة، لكن العلاقات بينهما في أزمة حاليا"، بحسب جوزانسكي.

 وأضاف أنه "يبدو أن الاتجاه نحو الانفراج في المنطقة تجاوز هذين الجارين، وتفيد التقارير بأن علاقاتهما تدهورت وتطورت من نواحٍ عديدة إلى منافسة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على سوق الطاقة العالمي والاستقرار الإقليمي والمصالح الإسرائيلية".

وتابع أنه "على مدى العقد الماضي، تقاربت مصالح كل منهما، وعمل البلدان معا في مختلف المجالات ما عزز أهدافهما في الشرق الأوسط، إذ قادت الإمارات السعودية لفرض حصار على جارتها قطر في  2017 (حتى 2021)".

كما "لعبت الإدارات دورا مركزيا كحليف للسعودية في حرب اليمن (منذ 2014 ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران)، وتعاون البلدان بطريقة أو بأخرى في المراحل الأولى من الحروب الأهلية في سوريا وليبيا، وكلاهما كان ركيزة دعم لنظام (الرئيس عبد الفتاح) السيسي في مصر، ومعارضة نظام (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، وكذلك تعاونا ضد التهديد الأكبر لكليهما، وهي إيران"، كما أضاف جوزانسكي.

واستدرك: "واليوم، هاتان الجارتان هما الدولتان العربيتان الرائدتان لأسباب مختلف، وعادة ما تسبق الإمارات السعودية في مناوراتها السياسية، فهي مَن اقترحت في 2018 تطبيع العلاقات مع (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، وفي 2019 سعت إلى انفراج مع إيران، والعام التالي طبعت العلاقات مع إسرائيل، مع تأخر السعودية".

وبشدة، ترغب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية، نظرا لمكانتها البارزة في العالم الإسلامي ولقدراتها الاقتصادية الضخمة، وعلى أما أن تفتح أمام تل أبيب أبواب العامين العربي والإسلامي.

 

تداعيات إقليمية

والتوترات بين السعودية والإمارات، وفقا لجوازانسكي، " ليست جديدة على المشهد الخليجي، وعلى مر السنين كان لها تأثير سلبي على القدرة على تحقيق الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يضر التنافس بينهما،  من بين أمور أخرى، بالقدرة على التقدم نحو إنجاز الاتحاد النقدي، بما في ذلك العملة المشتركة والبنك المركزي (الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه في أبو ظبي)".

وأردف أن تلك التوترات "مترسخة بعمق في النزاعات القبلية والإقليمية، التي تتمحور أساسا حول المناطق الغنية بالنفط ورغبة الإمارات في الهروب من قبضة السعودية، وفي الماضي  كانت آثار المنافسة بين الاثنين مقتصرة إلى حد كبير على بيئتهما المباشرة، ولكن الآن، بسبب قوتهما الاقتصادية والسياسية، يمكن أن يكون لهذه الخلافات عواقب تصل إلى ما هو أبعد من حدود شبه الجزيرة العربية".

جوزانسكي أفاد بوجود "علاقة بين ارتفاع مكانة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للسعودية وبين البرودة والمنافسة التي تميز العلاقة مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، فلم يعد ولي العهد السعودي منعزللا دوليا ولم يعد يخفي طموحاته لقيادة العالم العربي، ليس جنبا إلى جنب مع الشخص الذي كان يُعتبر سابقا معلمه، وهو بن زايد، بل متقدما عليه".

وأضاف أنه "في يوليو/ تموز 2023، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الخلاف حاد بين الدولتين وقادتهما، وأن بن سلمان أدلى بتصريحات مريرة للغاية ضد بن زايد، ونُقل عنه قوله: "طعنونا (الإماراتيون) في ظهرنا.. سيرون ما يمكنني فعله، وسيكون أسوأ مما فعلته مع قطر".

وتلتزم السعودية والإمارات تلتزمان الصمت حيال تقارير إعلامية عديدة عن وجود خلافات بينهما.

وبسبب تلك التوترات، لم يحضر بن زايد القمتين العربية والخليجية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بالسعودية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ولا قمة قادة جامعة الدول العربية بالمملكة في 19 مايو/ أيار الماضي، كما أردف جوزانسكي.

 

المصدر | يوئيل جوزانسكي/ معهد دراسات الأمن القومي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد