اليمن لا يرتاح.. شمال يقترب من السلام وجنوب يتجه نحو الانفصال

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 684
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بينما يبدو منذ أشهر أن إحلال السلام بات وشيكا في شمال اليمن، يكثف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي تحركاته لضمان انفصال الجنوب، وهي معركة ذات أبعاد محلية وإقليمية، لاسيما بين السعودية والإمارات.

تلك القراءة للأحداث قدمها جريجوري جونسون، العضو السابق في فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، في تحليل بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة ومساعٍ لإنهاء حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وتتصاعد آمال بإحلال السلام في اليمن منذ أن وقَّعت السعودية وإيران، بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، اتفاقا استأنفتا بموجبه علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى 7 سنوات من القطيعة بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات في دول عديدة بينها اليمن.

وقال جونسون إن "السعودية تحرص على الخروج من اليمن ولكن فقط إذا تمكنت من ضمان نتائج معينة. وعندما دخلت الحرب في مارس/ آذار 2015، كان هدفها المعلن هو إخراج الحوثيين من صنعاء وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة".

واستدرك: "ولكن مع مرور الوقت، وإثبات الجيش السعودي أنه أقل قدرة مما كان متوقعا، تطورت الأهداف، إذ رحل هادي وطردته السعودية والإمارات في أبريل/ نيسان 2022، ويبدو أن المملكة الآن مستعدة لقبول حكم الحوثيين في شمال اليمن".

وتابع: "مع ذلك، لا ترغب السعودية في جنوب يسيطر عليه بالكامل المجلس الانتقالي الجنوبي، فهذا من شأنه أن يُضر بحلفاء للمملكة، التي تصر على أن مجلس القيادة الرئاسي، وهو تجمع غريب من ثمانية خصوم سياسيين تم تشكيله في أعقاب استقالة هادي، يحكم الجنوب بشكل مشترك".

 

انقسامات مجلس القيادة

"ليس من المستغرب أن الإمارات، الشريك السابق للمملكة على الرغم من تزايد منافستها في اليمن، تتخذ وجهة نظر مختلفة، إذ تدعم بقوة المجلس الانتقالي وتعارض بشدة حزب الإصلاح، الذي يشغل مقعدا في مجلس القيادة الرئاسي وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها أبوظبي منظمة إرهابية"، وفقا لجونسون.

واعتبر أنه "تم تصميم مجلس القيادة الرئاسي للتغطية على التصدعات التي ظهرت في التحالف المناهض للحوثيين، حيث اختارت كل من السعودية والإمارات أربعة أعضاء".

واستطرد: "دعمت المملكة المرشحين الشماليين: رشاد العليمي، وزير الداخلية السابق الذي تم تعيينه رئيسا للمجلس، وكذلك سلطان العرادة، محافظ مأرب (وسط)، وعبدالله العليمي (لا علاقة له برشاد)، عضو حزب الإصلاح، وعثمان مجلي عضو البرلمان عن محافظة صعدة (شمال)".

بينما "دعمت الإمارات ثلاثة مرشحين جنوبيين ورابع شمالي مقره الجنوب وهم: عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وفرج البحسني محافظ حضرموت آنذاك (جنوب شرق)، وعبدالرحمن المحرمي، قائد كتائب العمالقة المدعومة إماراتيا، إلى جانب طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح"، كما أضاف جونسون.

ورأى أنه "ليس من المستغرب، بالنظر إلى الأهداف السياسية المختلفة للمجموعات الممثلة، أن مجلس القيادة فشل في تقديم جبهة موحدة ضد الحوثيين، وبدلا من ذلك انقسم، حيث تناور كل مجموعة لتعظيم موقفها".

وفي 22 مايو / أيار 1990، دخل جنوب اليمن وشماله وحدة طوعية، غير أن خلافات بين قيادات مجلس القيادة الرئاسي الحاكم وشكاوى قوى جنوبية من "تهميش وإقصاء" اقتصادي وسياسي أدّت إلى عودة الدعوات إلى الانفصال، وهو ما ترفضه قطاعات واسعة من الشعب اليمني، فيما تنفي السلطات الحكومية الاتهامات الجنوبية.

 

حلفاء جنوبيون جدد

ومشيرا إلى دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى "دولة جنوبية مستقلة"، قال جونسون إن "هذا الأمر يتعارض مع الأهداف المعلنة لمجلس القيادة الرئاسي، فعبدالله العليمي من الإصلاح، ورشاد العليمي، وصالح جميعهم يتشدقون بفكرة الدولة اليمنية الموحدة، لكنهم جميعا يعملون لضمان مصالح مجموعتهم المعارضة لاستقلال الجنوب".

وزاد بأنه "على هذه الخلفية، أعلن الزبيدي في أوائل مايو/ أيار الماضي إعادة تشكيل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وبالطبع سيبقى الزبيدي رئيسا، لكن بدلا من نائب واحد، كما كان الحال، عيّن ثلاثة نواب للرئيس: البحسني والمحرمي واللواء أحمد سعيد بن بريك".

وتابع: "البحسني والمحرمي عضوان أيضا في مجلس القيادة الرئاسي؛ مما يعني أن المجلس الانتقالي يضم الآن عددا كبيرا من الأعضاء في المجلس الرئاسي. وهذا يعني كذلك أن الحلفاء الجنوبيين الثلاثة للإمارات هم الآن، ظاهريا على الأقل، في الجانب نفسه. وقد رحب عبدالخالق عبدالله، المستشار الحكومي الإماراتي السابق، بهذه الخطوات، قائلا إنها أرست الأساس لدولة جنوبية مستقلة".

جونسون أردف أن "شيئين آخرين يبرزان، فاختيار الزبيدي للبحسني نائبا يعطي المجلس الانتقالي حليفا مهما في حضرموت، وهي محافظة جنوبية رئيسية بها حقول النفط والغاز، والتي سيحتاجها المجلس إذا أراد تحقيق حلمه في دولة جنوبية مستقلة، كما يدعم ضم محرمي، قائد لواء العمالقة، الجناح العسكري للمجلس الانتقالي، والذي من المرجح أيضا أن يلعب دورا مهما في مساعي المجلس للاستقلال".

وأضاف أن "الزبيدي واصل حشد الدعم في حضرموت، ووضع أسس الاستقلال، عبر  تسمية صالح القعيطي، نجل آخر سلاطين القعيطي في حضرموت، مستشارا وممثلا خاصا للشؤون الخارجية، ولاحقا أعلن غالب القعيطي، والد صالح، عن دعمه للمجلس الانتقالي".

 

قوات الدرع الوطني

والسعودية، المتاخمة لحضرموت، أدركت خطورة تحركات الزبيدي، وأنشأت المجلس الوطني في حضرموت في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، وهي المحاولة الأخيرة من المملكة "لتطعيم رؤيتها لليمن كدولة موحدة"، بحسب جونسون.

واستدرك: "لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إنشاء السعودية لقوات الدرع الوطني، أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، وهي تتبع مباشرة لرشاد العليمي، فعلى الرغم من أنها تهدف إلى مواجهة الحوثيين، إلا أنها قد تجد نفسها في صراع مع المجلس الانتقالي".

ومضى قائلا إن "الزبيدي كان واضحا منذ تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017، بأنه لن يقبل بأقل من دولة جنوبية مستقلة. لسنوات، نظرا للقتال ضد الحوثيين، بدا هذا الهدف مستحيلا، ولكن الآن بعد أن اقتربت الحرب ضد الحوثيين من نهايتها، يرتب الزبيدي رقعة الشطرنج ويصنع الحلفاء".

 

المصدر | جريجوري جونسون/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد