عينها على إيران.. "دورة الوقود" تثير مخاوف دولية من تجاوز سعودي للإطار النووي السلمي
تتزايد تخوفات خبراء من الطموحات السعودية النووية وإمكانية تجاوزها الإطار السلمي، متحدثين عن شواهد تقنية أبرزها إصرار الرياض على امتلاك القدرة على الانتقال من التعدين إلى تصنيع الوقود النووي، وشواهد أخرى سياسية أبرزها التقدم السريع للبرنامج النووي الإيراني واقتراب طهران، الخصم اللدود للمملكة من عتبة تصنيع السلاح النووي.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره مركز "ستيمسون"، وترجمه "الخليج الجديد" بعنوان: "لماذا تريد السعودية الحصول على دورة الوقود النووي؟".
ويقول التحليل إنه بينما يزور رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران، تتزايد المخاوف أيضًا بشأن النوايا النووية السعودية والضمانات غير الكافية.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أنه، بالنظر إلى الاكتشاف الأخير لاحتياطيات اليورانيوم الأصلية، تعتزم المملكة تعزيز خططها لتطوير بنية تحتية أولية لدورة الوقود النووي، على الصعيدين المحلي والدولي.
وأكد الوزير السعودي أن ذلك قد ينطوي على مشاريع مشتركة مع شركاء راغبين وأن السعودية ستمتثل للمعايير الدولية للشفافية.
ويرى التحليل أن تعليقات الوزير السعودي لم تكن مفاجئة، ففي اجتماع سابق عام 2022، صرح بأن المملكة تخطط لاستغلال موارد اليورانيوم الهائلة "بأكثر الطرق شفافية".
لكن ذلك لم يمنع القلق الدولي من تنامي النوايا السعودية وسط سياق إقليمي تفيد التقارير فيه بأن إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى من أي وقت مضى.
ويعود الاهتمام السعودي بالتكنولوجيا النووية المدنية إلى أواخر الثمانينات، عندما أنشأت المملكة معهد أبحاث الطاقة الذرية داخل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا.
وكان تطوير برنامج للطاقة النووية المدنية جزءًا لا يتجزأ من رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030، وهي خطة طموحة لتحويل المملكة العربية السعودية من اقتصاد يعتمد على الهيدروكربونات إلى اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة وإنتاجًا.
ومنذ الكشف عن رؤية 2030 في عام 2016، أعربت النخب السياسية السعودية عن اهتمام قوي وغير قابل للتفاوض على ما يبدو في تطوير القدرة على إنتاج يورانيوم منخفض التخصيب كوقود نووي باستخدام الموارد المحلية.
بعبارة أخرى، شدد السعوديون على مسألة "استقلال دورة الوقود النووي".
ووفقا للتحليل، يرى بعض الخبراء أن تصميم السعودية على امتلاك القدرة على الانتقال من التعدين إلى تصنيع الوقود هو سبب إضافي للشك في النوايا السلمية للمملكة، نظرًا للطبيعة غير الاقتصادية لتصنيع الوقود المحلي بالإضافة إلى احتياطيات البلاد الهائلة من النفط والطاقة الشمسية.
وبالنسبة لآخرين، فإنه يؤكد عدم كفاية الضمانات الحالية السعودية.
على سبيل المثال، تحتفظ المملكة بالنسخة القديمة لما يسمى ببروتوكول الكميات الصغيرة (SQP)، والذي يعفي البلاد من عمليات التحقق والرقابة المكثفة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لم يكن السعوديون راغبين حتى الآن في تبني بروتوكول الكميات الصغيرة المعدل للوكالة الدولية للطاقة الذرية أو البروتوكول الإضافي النموذجي، الذي يسمح بعمليات تفتيش متطفلة في غضون مهلة قصيرة.
وبالنسبة لبلد يشرع في خطط طموحة للطاقة النووية، فإن التحقق المبكر والرصد الكامل ضروريان لتأكيد الطبيعة الحميدة للبرنامج للمجتمع الدولي.
علاوة على ذلك، أثار خطاب نخب السياسة السعودية الطويل الأمد فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني قلقًا إضافيًا، حيث أكد المسؤولون في منتديات مختلفة أن "كل الرهانات ستنتهي" إذا حصلت إيران على أسلحة نووية.
ويرى التحليل أن حقيقة أن السعودية لم تنفذ حتى الآن "حقها في التخصيب" المفترض على الرغم من سنوات الخطاب الجذاب تستحق الاهتمام.
ونظرًا للتهديدات السعودية بأنها ستطور قنابل إذا فعلت إيران، فإن الإصرار على المطالبة بشدة بهذا الحق يساهم في استراتيجية واسعة للتأمين تهدف إلى إعداد الجماهير المحلية والدولية لتحول دراماتيكي في البرنامج السعودي إذا رأت الحكومة ذلك ضروريًا.
واستشهد التحليل بمقال كتبه مراسل الطاقة ستيفن موفسون، ونُشر عام 2018 بصحيفة "واشنطن بوست" قال فيه إنه "بالنسبة لولي عهد السعودية محمد بن سلمان، فإن المفاعلات هي مسألة مكانة وقوة دوليتين، وهي خطوة نحو مطابقة البرنامج النووي الإيراني المنافس الشيعي، وهي تروي بعضاً من عطش المملكة المحلي للطاقة".
ويعتبر التحليل أن الإصرار على استقلالية دورة الوقود النووي في المملكة مسألة مكانة، تهدف إلى تعزيز شرعية النظام داخليًا وإبراز القوة خارجيًا.
وبالنسبة للسعودية، ترتبط الهيبة ارتباطًا وثيقًا بممارسة خيار السيادة.
وختم التحليل بأنه من حق السعودية تخصيب اليورانيوم محليا للأغراض السلمية، كعضو في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لكنه يطالب بتشديد الضمانات اللازمة لعدم تحول الأمر لأهداف أخرى، ويقترح في هذا الإطار خضوع أية اتفاقية تعاون نووي مستقبلية بين السعودية وروسيا أو الصين أو كوريا الجنوبية لاشتراط تبني المملكة للبروتوكول الإضافي السالف ذكره قبل بيع المفاعلات لها.
المصدر | لودوفيكا كاستيلي | ستيمسون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد