الحكيم في ضيافة ابن سلمان: زيارةُ إثبات "الوسطية"

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 970
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في انتظار ما ستؤول إليه التطوّرات في العراق، بعد رفض «التيار الصدري» ما صدر عن جلسة الحوار برئاسة رئيس الوزراء، والتي كان أعلن مقاطعتها، انشغلت الأوساط السياسية العراقية بزيارة رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، إلى السعودية ولقائه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حيث تضاربت التفسيرات بشأنها، ومنها ما قيل عن رغبة في الانفتاح على دول الخليج. لكن الحكيم، الذي ينضوي ضمن "الإطار التنسيقي" القريب من إيران، يردّ على تلك التأويلات بأنه "يحظى بثقة الطرفين"، وفق ما يقول مكتبه ل"الأخبار"

بغداد | أثارت زيارة رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، إلى السعودية ولقاؤه وليّ العهد، محمد بن سلمان، مجموعة من التساؤلات، خاصة لجهة توقيتها العراقي، في ظلّ الأزمة المستحكمة بين «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، وبين «الإطار التنسيقي». وتأتي هذه الزيارة بعد تعثُّر جهود إطلاق الحوار السياسي، واستمرار الانسداد الذي يمكن أن يؤدي إلى صدامات بين جماهير الطرفَين، على رغم إلغاء الصدر «مليونية» كانت مقرَّرة اليوم، تجنُّباً لأيّ احتكاك في الشارع. كما تناولت تلك التساؤلات المضامين الإقليمية المحتمَلة لخطوة الحكيم، بالنظر إلى أن «الحكمة» ينضوي ضمن «التنسيقي» المتحالف مع طهران، وكذلك ضمن «الحشد الشعبي» الذي لطالما تناوله الإعلام المموَّل سعودياً بالحملات التحريضية.
وإذا كان استقبال ابن سلمان للحكيم يعكس رغبة سعودية أكيدة في تعظيم دور المملكة في العراق، ومدّ تأثيرها إلى الساحة الشيعية، فإن موجة التعليقات العراقية الكثيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، سواءً جاءت من أطراف سياسية أو من مواطنين عاديين، تمحورت حول ما إذا كانت الخطوة تعكس تغيّراً في موقف زعيم «الحكمة» نفسه، في اتجاه الانفتاح على دول الخليج، خاصة وأن طبيعة اصطفافه داخل «التنسيقي» تضعه في خانة الوسطاء في الأزمة الداخلية، أكثر ممّا تُدرجه ضمن أطراف الأزمة، كما هو حال «ائتلاف دولة القانون» برئاسة نوري المالكي، أو «عصائب أهل الحق» برئاسة قيس الخزعلي.

لكن الحساسية الأساسية التي أثارتها الزيارة كانت لدى «التيار الصدري»، لاسيما وأن كتلة الحكيم في مجلس النواب تعاظمت بعد استقالة كتلة التيار من مجلس النواب، حيث ارتفعت الأولى من ثلاثة نواب إلى أكثر من 13 نائباً، وهو ما أعطى بدوره دفْعة لأداء الحكيم. وانتقد «وزير القائد» التابع للصدر، صالح محمد العراقي، زعيم "الحكمة" من دون أن يسمّيه، قائلاً في بيان إن «من الملفت للنظر أن أحدهم توجّه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات»، مضيفاً: «لو كُنّا نحن الفاعلين لقالوا إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج، وإشعاراً من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك»، علماً أن الصدر تعرّض بالفعل لموجة انتقادات حين زار المملكة عام 2017 والتقى ابن سلمان.

من جهته، شدّد الحكيم، في سلسلة تغريدات خلال الزيارة، على أن «حلول الأزمة العراقية لا بدّ أن تكون عراقية بلا ضغوط خارجية»، معتبراً أن «الحوار بين مختلف الأطراف هو السبيل الأمثل للوصول إلى حلول مُرضية للانسداد السياسي الحالي». وأكد «أهمّية التكامل بين البلدَين الشقيقَين الجارَين ومردوده الإيجابي على مختلف قطاعات التعاون الثقافي والاقتصادي والعلمي، لاسيما أن البلدَين يمثّلان ثقلاً اقتصادياً إقليمياً ودولياً». كما أشاد بالوساطة العراقية بين السعودية وإيران، وكذلك «بالخطط التنموية لولي العهد لاسيما رؤية المملكة 2030، وانعكاسات تلك الخطط الإيجابية على دول الإقليم عامة والعراق خاصة».
لكن الردّ المباشر على الانتقادات المُوجَّهة إلى الزيارة، جاء على لسان مدير مكتب الحكيم وعضو المكتب السياسي ل"تيار الحكمة"، صفاء الكناني، الذي نفى انتقاد زعيم التيار زيارة الصدر للسعودية، قائلاً ل"الأخبار" إن "المُراجِع لمواقف السيد الحكيم وتصريحاته، يعرف أنه لم يعترض على أيّ زيارة من أيّ مسؤول لأيّ دولة، شرط أن تكون في مصلحة البلد وحفظ سيادته. إضافة إلى ذلك، الزيارة الحالية ليست الأولى إنما الثانية، فقد سبقتها زيارة لشهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم"، لافتاً إلى أن "السيد الحكيم يعتقد بعراق منفتح على الجميع، ويرى أن العراق دون غيره مؤهل لأن يكون قريباً من الجميع". وعمّا إذا كانت للزيارة علاقة بالتطورات الداخلية العراقية، أشار الكناني إلى أن "اللقاءات ذات الطابع السياسي أو البروتوكولات لا تُنظّم في لحظتها، وإنما يتمّ الترتيب لها مسبقاً، وزيارة السيد الحكيم للسعودية جاءت تلبية لدعوة سابقة، لكنها تزامنت مع أحداث عراقية، فصار من الطبيعي المقارنة بين الزيارة والحدث"، معتبراً أن "هناك الكثير من التطورات التي كشفتها الأزمة السياسية الحالية، منها أن الصراع لم يرتقِ إلى مستوى الصدام المسلح على رغم شعور الجميع بفائض القوة، فضلاً عن تراجع التدخل الدولي أو الإقليمي".

وعمّا إذا كانت للزيارة علاقة بالوساطة العراقية بين إيران والسعودية، أوضح الكناني أن "السيد الحكيم ليس وسيطاً بين البلدين، وإنما هو شخصية مقبولة ومحل ثقة الطرفين، وهو من أوائل الشخصيات التي دعت إلى تصفير الأزمات، وإلى حوار سعودي إيراني مصري عراقي تركي". وحول زيارة الحكيم للقطيف، وما إذا كانت في سياق التقريب بين المذاهب، أوضح أن "التقريب بين المذاهب مشروع له مؤسّساته... كما أن السيد الحكيم يرى أن الشيعة في عموم العالم تربطهم روابط محدّدة على المستوى العقدي، كونهم شيعة. أما على المستوى الوطني، فهم مرتبطون بعقد اجتماعي داخل بلدانهم، إضافة إلى أنهم متنوعون ومن مشارب عدة، والزيارة للقطيف تأتي ضمت العنوان العقدي للشيعة".