ما بعد سحب باتريوت.. بدائل معقدة أمام السعودية لحماية منشآتها النفطية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2087
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"هناك دول غنية نحميها مقابل لا شيء، وإذا كنا نقدم الحماية لها فعليهم احترامنا"..
هكذا صرح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للصحفيين بالبيت الأبيض، في 7 مايو/أيار، قبل يوم من إعلان الولايات المتحدة سحب 4 بطاريات لصواريخ باتريوت مع طواقمها المؤلفة من حوالي 300 عسكري أمريكي من المملكة العربية السعودية، ما دفع مراقبين لربط الخطوة الأمريكية بتوتر في العلاقة بين واشنطن والرياض.
وترجع التوترات الأخيرة في العلاقات السعودية الأمريكية إلى تورط المملكة في حرب نفطية مع موسكو تسببت في إغراق السواق بالنفط، وهو ما تسبب في انهيار الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ودفع العديد من منتجي النفط الأمريكيين إلى حافة الإفلاس.
وكانت واشنطن قد نشرت اثنتين من وحدات باتريوت في المملكة أواخر العام الماضي، في أعقاب الهجوم على منشأتين لشركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، شرقي المملكة، في سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن سربين من المقاتلات الأمريكية سيغادران أيضا المنطقة، بالإضافة إلى تقليص مستوى تواجد البحرية الأمريكية في الخليج.
وأرجعت الصحيفة الأمريكية قرار سحب منصات باتريوت إلى كون إدارة "ترامب" لم تعد ترى أن إيران "تمثل تهديدا مباشرا على المصالح الاستراتيجية الأمريكية"، وهو ما أعطي واشنطن هامشا للمناورة ضد الرياض.
ويرسل الانسحاب الأمريكي الأخير برسالة واضحة حول عدم رضا واشنطن عن التصرفات السعودية الأخيرة التي أسهمت في تخفيض أسعار النفط، ما أضر بشركات النفط الصخري الأمريكية، وهو ما يجعل أمريكا "غير مستفيدة من وضع المزيد من جنودها لمنع تصعيد عسكري في مناطق النفط الأجنبية، وتعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر بسبب ذلك"، حسب تقدير المؤرخة في مجال الطاقة "إيلين وولد" في تعليق نشرته بمجلة "فوربس".
ووفقا للعديد من المحللين، فإن نموذج العلاقة القديم بين الولايات المتحدة والسعودية الذي يقوم على معادلة الأمن مقابل النفط، لم يعد قابلًا للاستمرار كما كان من قبل، بعدما أصبح الرأي العام الأمريكي معارضا بشكل متزايد لرؤية القوات الأمريكية متورطة في الشرق الأوسط، خاصة في السعودية التي أصبحت صورتها سلبية للغاية بسبب ممارساتها السياسية الفجة.
وعليه، فإن سحب بطاريات الباتريوت يعد مجرد علامة في سياق العلاقات السعودية الأمريكية المتدهورة، وليس من المستبعد أن تتخذ واشنطن خطوات أكثر جذرية ضد الرياض على المستويين الأمني والعسكري، حسب تحليل أوردته "جويس كرم" بموقع قناة الحرة الأمريكية.
وإزاء ذلك، فإن المملكة على وشك أن تواجه تحديا صعبا في الدفاع عن نفسها دون مظلة أمريكية، خاصة إذا وصل رئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض في نهاية العام.
وفي ضوء الأخطار الأمنية التي تهدد مؤسسات البلاد النفطية، وعجز الدفاعات الجوية للمملكة رغم صفقات الأسلحة الضخمة التي كبدت حزينة البلاد مليارات الدولارات، فإن على السعودية أن تبدأ سريعا في البحث عن بدائل لتوفير الحماية لمنشآتها الحيوية ومجالها الجوي.

مقاول عسكري
ويمكن أن تكون اليونان بوابة بديلة للرياض للحصول على احتياجاتها الأمنية الملحة من منظومات الدفاع الجوي في الوقت الراهن، ففي فبراير/شباط الماضي، أعلنت أثينا عزمها نشر منظومات باتريوت في السعودية، كجزء من برنامج دفاعي تشارك فيه فرنسا وإيطاليا أيضا، بما يعني "تدويل" حماية المنشآت الحيوية بالمملكة بإشراف فني من دول أوروبية وتنفيذ يوناني، وفقا لما نقله "الجزيرة نت" عن الخبير العسكري "ديفيد دي روش"، المحارب السابق والأستاذ المساعد في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية.
ومن المرجح أن يرافق منظومات الصواريخ اليونانية نحو 130 عسكريا يونانيا لتشغيل وصيانة المنظومة، على أن تتحمل الرياض التكاليف المادية لهذه التحركات.
ومن شأن "البديل اليوناني" أن يوفر للسعودية عدة منافع في آن واحد، عبر التحالف عسكريا مع خصم لتركيا، وحليف قوي لـ(إسرائيل) في نفس الوقت، خاصة في ضوء التقارب بين أثينا وتل أبيب حول قضية الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط.
بخلاف ذلك، يمكن لليونان لعب دور "الوسيط العسكري" لنقل الأسلحة الإسرائيلية إلى المملكة، في ضوء ما كشفته مجلة "إسرائيل ديفنس" العبرية، في 5 فبراير/شباط الماضي، حول إبداء الرياض رغبتها في شراء عتاد من شركة "رافائيل" الإسرائيلية، التي تشتهر بإنتاج صواريخ "سبايك" المضادة للدروع.
وترجح المجلة العبرية أن إدخال الأسلحة الإسرائيلية سيتم من خلال "وسيط أوروبي"، مشيرة إلى أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية مرشحة للازدهار بالأسواق الخليجية في ظل دفء العلاقة مؤخرا بين الرياض وتل أبيب.

باب العودة
في الوقت نفسه، توفر أثينا خيارا آمنا نسبيا للسعودية للحصول على منظومات الدفاع الجوي بعد الانسحاب الأمريكي، دون أن تضطر السعودية لوضع علاقتها مع الولايات المتحدة تحت المزيد من الضغط عبر شراء منظومات دفاع صاروخي من روسيا أو الصين.
وسبق للمملكة أن أعربت في عام 2017 عن رغبتها في شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية ذائعة الصيت "إس-400" قبل أن تتعرض لضغوط أمريكية للتراجع عن الأمر، وحصلت المملكة في مقابل ذلك على منظومة الدفاع الصاروخي "ثاد".
ولكن الاعتماد على اليونان لا يبدو خيارا مأمونا على المدى الطويل، خاصة أن أثينا لا تميل للتواجد عسكريا خارج حدودها، حيث تعد مشاركتها المنتظرة في نشر بطاريات باتريوت في المملكة هي أول انتشار عسكري لها خارج منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ عقود.
ونتيجة لذلك، تجد الرياض أن الحاجة باتت ملحة لإصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة بأي ثمن، وربما يكون هذا هو أحد الدوافع وراء قرار السعودية خفض إنتاجها اليومي من النفط بمعدل مليون برميل إضافي اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل، بهدف استعادة التوازن إلى الأسواق.
ويضاف هذا الخفض الإضافي إلى التخفيض الذي التزمت به المملكة بالفعل بموجب اتفاقية "أوبك بلس" الأخيرة، وبهذا من المقرر أن يتقلص الإنتاج السعودي لشهر يونيو/حزيران إلى 7 ملايين و492 ألف برميل فقط، بانخفاض مقداره 4.8 مليون برميل مقارنة بشهر أبريل/نيسان.
وفي هذا السياق، لا يستبعد الخبير النفطي "محمد يعقوب السيد" أن يكون خفض الإنتاج السعودي شكلا من أشكال الاستجابة للضغوط التي مارسها "ترامب" على ولي عهد المملكة "محمد بن سلمان" لحل أزمة النفط، وفقا لما أوردته قناة الجزيرة.

المصدر | الخليج الجديد