هل يمنح ترامب القنبلة النووية هدية للسعودية؟
ترجمة وتحرير الخليج الجديد
لا يمكن الوثوق بولي العهد السعودي مع منشار عظم، ناهيك عن الأسلحة النووية.
في عام 2017، ذهب الرئيس "دونالد ترامب" للرقص مع العائلة المالكة السعودية في الرياض، حيث حاول بيع المبادئ الأمريكية في مقابل فوضى عقود الأسلحة. ومنذ ذلك الحين، أصبح وزير الخارجية "مايك بومبيو" المستشار الرئيسي للعلاقات العامة للمملكة العربية السعودية في أمريكا. وأصبح البنتاغون هو المدافع الأول عن النظام السعودي.
ويعمل الآن وزير الطاقة "ريك بيري" بصفته كبير وكلاء الأسلحة النووية للسعوديين، وحذرت صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا: "من خلال بيع ما يصل إلى 80 مليار دولار في محطات الطاقة النووية، فإن إدارة ترامب ستوفر المعرفة والمواد الحساسة لحكومة زعيمها الفعلي ولي العهد الأميرمحمد بن سلمان الذي يريد في النهاية السلاح النووي كتحوط ضد إيران ويبدى القليل من الاهتمام بما يفكر فيه بقية العالم".
ومن الواضح أن "ترامب" لم يدعم سلاحا نوويا سعوديا. ومع ذلك، فإن محاولة إدارته المستمرة لتزويد المملكة بالتكنولوجيا النووية تثير تساؤلات جدية حول السياسة الأمريكية.
لطالما كانت علاقة أمريكا بالرياض محفوفة بالتوتر وعدم الاتساق والنفاق. وتدور الصداقة الوهمية بين البلدين حول النفط، وهو شريان الحياة للاقتصاد الغربي. ومع ذلك، حولت ثورة التكسير الولايات المتحدة إلى مورد طاقة فائق، وظهرت مصادر هيدروكربونية أخرى منذ ذلك الحين. وإذا توقفت واشنطن عن فرض العقوبات بشكل روتيني على الحكومات الأخرى لعدم اتباعها لواجباتها، فإن منتجي النفط مثل إيران وروسيا وفنزويلا سيوفرون النفط في لأسواق الدولية، مما يقلل من أهمية الرياض.
قوة فوضوية
ويحب المسؤولون الأمريكيون الترويج للنظام الملكي السعودي كقاعدة لاستقرار الشرق الأوسط. للأسف، لكن الثمن ذلك هو القمع الذي لا يضاهى الذي تمارسه المملكة تحت حكم ولي العهد الحالي.
ولا تضمن هذه الوحشية السعودية الاستقرار في الشرق الأوسط حيث تبدو المماكة أكثر هشاشة، وهي تبدو أشبه ببنية اصطناعية أثرية يربطها مزيج بين الطغيان والرشوة. وبمرور الوقت، ستخسر على الأرجح أمام مطالب العدالة والمساواة والديمقراطية التي قضت على مجموعة من الديكتاتوريات الفاسدة والوحشية في الشرق الأوسط، وآخرها ديكتاتورية "عمر البشير" في السودان.
وخارج البلاد، اتبع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" استراتيجية ومسار متهور لتحقيق الهيمنة الإقليمية. حتى السناتور "ليندسي جراهام"، الذي ربما يعد أكثر المشرعين سعادة بتوجه الولايات المتحدة للحرب، وصف "بن سلمان" بأنه "مجنون" و "خطر" و "مدمر".
بخلاف ذلك، دعمت السعودية الإسلاميين المتشددين في سوريا، ودعمت ديكتاتورية "السيسي" في مصر واختطفت رئيس الوزراء اللبناني، واستخدمت القوات للحفاظ على الحكم الملكي الديكتاتوري السني في البحرين، وعزلت قطر، وخطفت وقتلت النقاد السعوديين في دول أجنبية، وغزت اليمن وأدخلت الشرق الأوسط في صراع طائفي طويل الأمد، ومولت هجوم الجنرال "خليفة حفتر" على الحكومة الليبية المعترف بها دوليا. ولن يتوانى "بن سلمان" عن خوض الحرب مع إيران إذا كان يعتقد أنها ضرورية للسيطرة الإقليمية.
علاوة على ذلك، فإن أفراد العائلة المالكة السعوديين ليسوا غربيين في لباس مختلف. لقد ضخوا 100 مليار دولار لتعزيز الوهابية الأصولية غير المتسامحة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليمن، حيث تحالفت السعودية والإمارات مع الجهاديين ضد الحوثيين.
وستزيد الأسلحة النووية من جرأة "بن سلمان". وحاليا لا تمتلك السعودية برنامجا نوويا نشطا، ومع ذلك، فإن الشكوك حول نوايا الرياض كبيرة. وقبل عقد من الزمان، أخبر الملك الراحل "عبد الله بن عبد العزيز" المسؤولين الأميركيين أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي فسوف تحصل المملكة على مثله. وفي العام الماضي قال "بن سلمان": "إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها في أقرب وقت ممكن".
ومع ذلك، فإن إدارة "ترامب" تدفع إلى بيع التكنولوجيا النووية إلى المملكة العربية السعودية. ولا يبدو أن هناك من يعرف الإجراءات الوقائية التي سيتم فرضها وما إذا كان "بن سلمان" سيلتزم بهذه الحدود. يقول السناتور "ماركو روبيو": "هناك سؤال مشروع حول ما إذا كان يمكن الوثوق بحكومة كهذه لامتلاك الطاقة النووية". ويوافق السناتور "جيف ميركلي" قائلا: "إن آخر ما يجب على أمريكا فعله هو المساعدة عن غير قصد في تطوير أسلحة نووية لممثل سيء على الساحة العالمية". ويضغط الاثنان لتمرير تشريع يمنح الكونغرس الكلمة الفصل في عملية البيع.
عادة ما لا يكون نقل المفاعلات النووية مثيرا للجدل، طالما كان مصحوبا باتفاقية تعاون بموجب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية. ويصر نائب وزير الطاقة "دان برويليت" على أنه "لن يسمح للسعوديين بتجاوز المادة إذا كانوا يريدون امتلاك طاقة نووية مدنية تشمل التقنيات النووية الأمريكية". ومع ذلك، يظل المشرعون حذرين، إذ يشكون من أن سبعة تصاريح تسمى "تصاريح الباب 810"، تم إصدارها لشركات لتوفير التكنولوجيا النووية للمملكة العربية السعودية دون إخطار الكونغرس. ويقول "توماس كونتري"، رئيس جمعية الحد من الأسلحة. "أعتقد أن السعوديين رأوا فرصة مع ترامب و صهره جاريد كوشنر" لإبرام هذا بسرعة وبشروطهم".
في الواقع ، فإن السعوديين، على عكس الإماراتيين، يريدون تخصيب اليورانيوم، والذي يوفر فرصة رئيسية لتحويل المواد النووية للاستخدام العسكري. ولم توافق الرياض على أي عمليات تفتيش على الأسلحة. نتيجة لذلك، إذا توصل السعوديون إلى الاعتقاد بأنهم "بحاجة" إلى قنبلة، يمكنهم تحويل برنامجهم السلمي تلقائيا إلى برنامج للتطوير العسكري.
خيارات بديلة
من المسلم به أن الرفض الأمريكي قد لا يوقف الرياض. وأشار الأمير "تركي الفيصل" إلى الصين وفرنسا وباكستان وروسيا كخيارات أخرى، وهي نقطة رددها مسؤولو الإدارة. ومع ذلك، لا ينبغي لواشنطن أن تساعد دولة قمعية وعدوانية في الحصول على الأسلحة النووية. وستكون العواقب وخيمة على كل شيء بما في ذلك أوراق اعتماد أمريكا في مجال حظر الانتشار النووي.
كما أشار الأمير "الفيصل" إلى "الأصدقاء في باكستان" كخيار للطاقة النووية. لكن إسلام أباد يمكن أن توفر أكثر من الطاقة السلمية. وربما تشتري الرياض أسلحة مباشرة من الحكومة الباكستانية التي تعاني من ضائقة مالية وغير مستقرة، خاصة وأن السعوديين مولوا البرنامج النووي الباكستاني.
وقبل 6 سنوات، ادعى "عاموس يدلين"، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، أن باكستان قد أنتجت وأعدت أسلحة بالفعل للرياض. ويلاحظ "غاري سامور"، الذي قدم المشورة للرئيس "باراك أوباما" بشأن حظر الانتشار النووي: "أعتقد أن السعوديين يعتقدون أن لديهم بعض التفاهم مع باكستان وأنه يمكنهم مطالبة الباكستانيين بحيازة أسلحة نووية".
ويبدو أن تركيز إدارة "ترامب" على إيران قد شوه السياسة الأمريكية تجاه بقية الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية. ويجب على الولايات المتحدة ألا تقف إلى جانب التنافس السني الشيعي المرير الذي يكمن تحت الصراع السعودي الإيراني، ومن المؤكد أنها لا يجب أن تعامل السعودية كحليف دائم وموثوق به في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق طموحات إمبراطورية خطيرة.
وينبغي على واشنطن أن تتخلى عن دعمها لسياسات "بن سلمان" غير المسؤولة وأن تكون متيقظة ضد امتلاك المملكة المحتمل للأسلحة النووية. ومن شأن القنبلة السعودية أن تزعج المنطقة وتضمن نشوب سباق للتسلح النووي في الشرق الأوسط وتشجع على الصراع الطائفي. وبينما لا يمكن الوثوق بـ"بن سلمان" مع منشار عظم، فبالتأكيد لا يمكن الوثوق به لامتلاك أسلحة نووية.
المصدر | دوغ باندو - ذا أمريكان كونزيرفتيف