«هآرتس»: لماذا لن ينجح ولي العهد السعودي كشريك لـ (إسرائيل)؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2195
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لا يمكن للمملكة العربية السعودية الاعتماد على أرباح النفط لفترة أطول، ويعلم ولي العهد «محمد بن سلمان» ذلك. لذا، فهو لا يتردد في فرض نظام اقتصادي بديل يقوم على القطاع الخاص والأسواق الحرة. ومع ذلك، فإن خطته «رؤية 2030»، التي تجمع كل أفكاره المتقدمة للاقتصاد في خطة واحدة بما في ذلك برنامج الخصخصة، تعاني من تشوش خطير.

وتركز أفكار «بن سلمان» الاقتصادية على المشاكل الحقيقية التي تواجهها المملكة. ويريد تشجيع قطاع الأعمال الخاص على توليد العمالة المنتجة والإسهام في الاقتصاد، بدلا من الاعتماد على أرباح النفط. وكان إصلاحه الاجتماعي الأكثر شهرة هو السماح للمرأة السعودية بالقيادة بدءا من شهر يونيو/حزيران المقبل، وهو القرار الذي تم اعتباره - على نطاق واسع - خطوة في الاتجاه الصحيح، على الرغم من أنها مجرد خطوة خجولة مقارنة بالإصلاحات الاقتصادية التي يخطط لها.

لكن «رؤية 2030» قد خلت أو تغاضت عن الحاجة إلى التغيير السياسي. ويبدو أن «بن سلمان» - البالغ من العمر 32 عاما - يعتقد أنه يستطيع فرض تغييرات بعيدة المدى في المجتمع السعودي دون أن يتخلى عن شبر واحد من حق عائلة آل سعود في الحكم المطلق، حتى مع عدم وجود قيود دستورية أو سيادة القانون أو حكومة مفتوحة. ورغم عمل المملكة على إنشاء المؤتمرات الفخمة والمدن الاستثمارية العملاقة للمستثمرين، يبقى المستقبل السياسي للمملكة مبهما كما كان دائما.

 

    المملكة للبيع «نظريا»

وبالحديث عن الخصخصة، وهي عنصر أساسي في «رؤية 2030»، ينوي «بن سلمان» الشروع في بيع كيانات مملوكة للدولة أو جزء من تلك الكيانات على نطاق واسع. وتهدف خطته لبيع 5% من شركة أرامكو السعودية للنفط - عبر أكبر اكتتاب عام في التاريخ - إلى جمع 100 مليار دولار، إلى جانب 200 مليار ينوي جمعها من كيانات أخرى ورفع رسوم الحج.

لكن تقرير لرويترز هذا الأسبوع أشار إلى أنه لم يتم تنفيذ الكثير مما هو مخطط له على مدى أكثر من عام ونصف العام.

وتم دعوة مصرفيين في فبراير/شباط الماضي إلى تقديم خدمات استشارية بشأن بيع مؤسسة البريد السعودية، لكن منذ ذلك الحين لم يحدث أي شيء. وفي الوقت نفسه، وعد المسؤولون بأن تباع الشركة السعودية للكهرباء على أربعة مراحل، ويباع أولها بحلول نهاية العام. ولكن قبل 3 أسابيع فقط من انتهاء العام، لا يوجد أي علامة أي شيء يحدث. وفي فبراير/شباط، تم اختيار بنك محلي للإشراف على بيع ما يصل إلى 5 فرق رياضية، ولكن لم يحدث شيء كذلك.

ومن المقرر أن يتم اكتتاب أرامكو السعودية في النصف الثاني من عام 2018، ولكن لا توجد معلومة حتى الآن حول البورصة التي قرر المسؤولون اختيارها بشأن التداول.

وتقول أكثر التفسيرات تفاؤلا أن الحكومة السعودية - ببساطة - لا ترغب في إبقاء الجمهور على علم بالتقدم الذي أحرزته. لكن إذا كان الأمر كذلك، فهذا يشير إلى المشكلة الأولى لـ «بن سلمان»، وهي أنه لا يستطيع بناء أسس الاقتصاد المفتوح من خلال العمل في السر.

ثم هناك مشكلة النظام القانوني، حيث تحكم المملكة مجموعة من القوانين غير المقيدة دستوريا، وهي عبارة عن مزيج بين قوانين الشريعة الإسلامية والمراسيم الملكية والأعراف المحلية. وبذلك، فليس من المستغرب أن يكون المستثمرون - الذين يقيمون وضع أموالهم في البلاد - حذرين.

 

    اعتقالات مفاجئة

ويقود «بن سلمان» حملة لتحديث أشياء مثل قانون الإفلاس، ولكن في الوقت نفسه، فإنه يظهر ميل شخصي ملحوظ نحو الخروج على القانون. وهكذا، فوجئ السعوديون ذات صباح أن نحو 200 شخص ثري وقوي، منهم 12 أميرا، قد ألقي القبض عليهم فجأة وسجنوا في فندق فاخر، وكان ذلك قبل شهر. وقد تم اتهامهم رسميا بالفساد، ولكن لم توجه لهم أي اتهامات رسمية، ويبدو الآن أنه سيتم إطلاق سراح الكثيرين منهم مقابل تسليم أصول قد يصل مجموعها إلى 100 مليار دولار. ويبدو الأمر وكأنه وسيلة أخرى لجمع المال.

ومن الغريب أن الاعتقالات جاءت بعد أسبوعين فقط من استقبال «بن سلمان» لبعض أكبر الأسماء في الساحة التجارية العالمية في للحديث عن الفرص الاستثمارية في المملكة. لكن الاعتقالات أعطت لهم - منذ ذلك الحين - إشارة تحذير. فإذا كان هكذا تعامل الحكومة مع رجال الأعمال السعوديين المحليين، فكيف يفترض للمستثمر الأجنبي أن يأمن على نفسه وأمواله.

وقد كان هناك وقت يمكننا فيه - في (إسرائيل) - عدم الاهتمام بما يحدث في السعودية. ولكن اليوم، لدينا مصلحة حيوية في عدم رؤية المملكة تسقط. ومع تخلي أمريكا عن الشرق الأوسط، وتركت الأمر للأنظمة الإقليمية، وجب على (إسرائيل) العثور على حلفاء آخرين لمقاومة الطموحات الإيرانية في المنطقة. والمملكة هي الشريك الأقرب والأقوى والأنسب.

لكن مع عزل قطر، والحرب الخاسرة في اليمن، والتدخل غير الناجح في السياسة اللبنانية، لم يبد «بن سلمان» قدرا كبيرا من الحكمة في السياسة الخارجية. والمشكلة الأسوأ من ذلك، أن «بن سلمان» لم يعد أميرا بالمعنى التقليدي للكلمة. فقد أصبح مجرد ديكتاتور عربي آخر، ونعرف ما يعني هذا، يبدأ الأمر بحكومة قمعية، ثم الخلل الاقتصادي، وبين يوم وليلة، ربما تشتعل الثورة.

المصدر | ديفيد روزنبيرغ - هآرتس