بعد إعلانه مشروع “نيوم”: سُعوديون يُشكّكون بوعود الأمير محمد بن سلمان “طويلة الأمد”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2525
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ويُطالبون بمُواجهة الفساد والشّاكرين يأملون تحقيق “أمنيات الحالمين”.. ولي العهد الشاب أثار الجَدل باختصاره مَشروعه بمُقارنةٍ بين هاتفين.. التيار المُحافظ يَنتقد المشاريع لنوايا دينيّة والليبراليون على أُهبة الاستعداد لاستعادة حياة السعوديين
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
ما إن أعلن ولي عهد العربيّة السعوديّة، الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشروع “نيوم” أمس الثلاثاء، والذي يأتي ضمن إطار رؤية 2030، وتنتهي مَرحلته الأولى في العام 2025، أبدى السعوديون اهتماماً واسعاً بالمشروع، وتحوّلت منصات التواصل الاجتماعي حديثها إليه وحوله، وحول حقيقة ما يُمكن أن يُحقّقه من فُرص، وقُدرته على إنقاذ اقتصاد، يُواجه الكثير من التحديات.
وبحسب الأمير بن سلمان، خلال إعلانه عن المشروع، فإن منطقة “نيوم” ستُركّز على 9 قطاعات استثماريّة، تستهدف مُستقبل الحضارة الإنسانيّة، وهي مستقبل الطاقة والمياه، التنقّل، التقنيات الحيويّة، الغذاء، العلوم التقنية والرقمية، التصنيع المتطور، الإعلام والإنتاج الإعلامي، الترفيه، المعيشة.
كما أكّد الأمير الشاب، أن كل ذلك سيخلق فُرص عمل، وسيُساهم في زيادة إجمالي الناتج المحلّي للمملكة، وسيعمل المشروع كما قال على جذب الاستثمارت الخاصّة، كما سيتم دعم مشروع “نيوم” خلال الأعوام القادمة بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من قبل حُكومة المملكة.
وتبلغ مساحة مشروع “نيوم” حوالي 26.5 ألف كيلو متر مربع، ويَطل على البحر الأحمر من الشمال والغرب، ويربط آسيا بأفريقيا، ومدخل رئيسي لجسر الملك سلمان، ويمتد المشروع داخل الأراضي الأردنيّة والمصريّة، و 70 بالمائة من سكان العالم، يُمكنهم الوصول إليه خلال 8 ساعات، ويرأس المشروع تنفيذيّاً الدكتور كلاوس كلينفيلد.
وعبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، تصدّر وسم “هاشتاق”: “#شكرًا_محمد_ابن_ سلمان_ NEOM”، الوسوم الأكثر تفاعلاً، وتداولاً في المملكة، حيث أبدى عددٌ من النشطاء تفاءلهم بالمشروع، وعبّروا عن امتنانهم للأمير الشاب، لكن في المُقابل شكّك آخرون بجدوى ذلك المشروع، ووضعوه في خانة الوعود طويلة الأمد، والتي لا تتحقّق في نهاية الأمر.
ضافي الشاطري متخصص في الإعلام الجديد قال: “سيدي انطلقت بنا إلى القمّة، وسيكون الشعب السعودي من أغنى الشعوب المُنتجة، لقد زرعت بنا الأمل”، سارة اليامي أكّدت للأمير أن ٢١ مليون نسمة يثقون بك، وبطُموحك، أنت فخر لنا، زيدان العنزي تمنّى للوطن التوفيق، وعبّر عن أمله بالميزانيّة الفلكيّة التي ستَخدم التعليم، والصحّة، والإسكان.
في المُقابل كان للبعض رأيٌ آخر، مُخالفٌ للحفل الافتراضي للمشروع، والذي ساهمت مباحث السعوديّة وجيشها الإلكتروني المليوني كالعادة في ضخ آلاف التغريدات، كما رصدت “رأي اليوم” لتسليط الضوء على إنجازات القيادة، وطُموحاتها المُستقبليّة.
حساب “فراسة رجل” كان من جمع المُتشائمين بمشروع ولي عهد بلاده المُستقبلي، فعلّق قائلاً: “الشعب ما يبي نيوم، ولا يبي ترفيه، الشعب يبي فلوس، وهو بيرفّه عن نفسه”، الفيصل طالب بحل أزمة العاطلين، والعاطلات سنين، الفساد، السكن، أمّا الكاتب الصحفي تركي الشلهوب، فجلب عدداً من صحيفة الجزيرة، وكان عنوانه العريض: “الرياض ستُضاهي كُبريات مُدن العالم في عام 1985″، وعلّق الشلهوب بالقول: “الوعود اختلفت، وتنوّعت، لكن الواقع هو الواقع، لم يتغيّر”.
التيار الإسلامي “المُحافظ” في بلاد الحرمين، يتحفّظ بدوره على مثل تلك المَشروعات المُستقبليّة، وينظر إليها بعين الريبة والشك، والحذر، ومع تقليص صلاحيات “الآمرين بالمعروف”، وحتى انعدامها تماماً، لا يولي ذلك التيار الديني اهتماماً بالجانب الاقتصادي، ويَنبع خَوفه ليس من “الوعود والآمال” الكاذبة بازدهار مادّي، وعودة للرفاهيّة، بقدر ما هو ريبة من كل مشروع يحمل صفة الانفتاح، والذي سيضرب بطبيعة الحال بالضوابط والصرامة الدينية، وما بين الحفاظ على ثوابت الدين، والرفاهيّة، سيختار المُحافظون بلا شك الدين، ولذلك تراهم يُهاجمون تلك المشاريع، ويُشكّكون بجدواها على مواقع التواصل، تحت عنوان الثبات، ومُقاومة الليبراليّة.
الليبراليون المُنتفعون، وخاصّةً النخب منهم، سيُسخّرون أقلامهم لكيل المديح لأي مشروع يُعلن عنه الأمير بن سلمان، سواء حمل بين طيّاته سلبيات تفوق الإيجابيات، لكن المصلحة تقتضي هذا، خاصّةً أن تطلّعات ولي عهد بلادهم، تفوق طُموحاتهم بالليبراليّة، وتنتقل إلى العلمانيّة، وها هو الأمير الشاب، قد وعد بالعودة إلى الإسلام السمح المُعتدل، كما حمّل المُتطرّفين، مسؤوليّة ضياع 30 عاماً من حياة السعوديين، وهو ما يَصب بالتأكيد في مصلحة هؤلاء الليبراليين الذين كانوا يَوصفون بالزندقة والكُفر حتى زمن قريب.
مشروع “نيوم” الذي تَصفه وسائل إعلام سعوديّة، بأنه مكان لتحقيق الأحلام، لم يكن الإعلان عنه وحده من أثار كل ذلك الاهتمام، والجدل بين السعوديين، فالأمير محمد كان يود فيما يبدو تبسيط شرح مشروع نيوم فتساءل:” ما هو نيوم بشكلٍ مختصر؟، فأجاب قائلاً: “الفرق الذي سيكون في منطقة نيوم، هو مثل الفرق بين هذا الهاتف، وهذا الهاتف، وكان يحمل بيديه هاتف ذكي، وآخر تقليدي، وهو ما اعتبرها البعض حركة ذكيّة، وتنم عن وعي اقتصادي، ووصفها البعض الآخر بأنها ضحك على العُقول المسكينة، وتَبسيط ساذج لمشاريع عملاقة بعيدة التحقّق، والمنال.
ميزة “التسويف” يقول مراقبون، هي خاصيّة دائماً ما تُرافق جميع المشاريع التي يُعلن عنها الأمير محمد بن سلمان، ودائماً ما تكون خُطط مشاريعه فيها من الأمل المُؤجّل، والوعود الاقتصاديّة المُرفّهة، التي ربّما لن تشهدها أجيال مُتواجدة حاليّاً، فأسرع مشروع قد ترى مرحلته الأولى النور بعد 5 أو 8 سنوات من الآن، وهذا في نظر العاطلين، والباحثين عن سكن، وحتى الفقراء، والطّبقة الوسطى التي تُعاني رحيل الرفاهيّة، وبدأت تدريجيّاً بدفع الضرائب، ليس إلا أحلاماً ورديّة، ومثل تلك المشاريع العملاقة لو تحقّقت، قد لا تصب مصلحتها في جُيوبهم، ليَبقى السؤال متى تعود الرفاهيّة إلى البلاد النفطيّة، وهل من مشاريع صغيرة لحظيّة، يتساءل مراقبون.