“الفيتو” الأمريكي يمنع البشير من المشاركة في قمة الرياض
العربية الاسلامية لتدشين الناتو العربي الإسلامي في مواجهة ايران.. هل سيكون الرئيس السيسي واردوغان من بين كبار المعتذرين؟ وهل سيكون هذا “الناتو” افضل حظا من “الحلف الإسلامي” الذي ولد ميتا؟
لم يكن اعلان الرئيس السوداني عمر البشير الاعتذار (لاسباب شخصية) عن عدم حضوره القمة العربية الإسلامية في الرياض التي يتزعمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجئا بالنسبة الينا، لأننا ندرك جيدا ان صاحب الكلمة الأخيرة في قرار حضور الزعماء لهذه القمة، ليس الدولة المضيفة، ولا عاهلها الملك سلمان بن عبد العزيز، وانما الضيف الأمريكي نفسه الذي يملك حق “الفيتو”، حتى لو كان هذا التصرف يتناقض مع “آداب الضيافة”.
الرئيس البشير تسلم الدعوة لحضور هذه القمة التي حملها اليه مبعوث سعودي خاص اسوة بقادة 56 دولة أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ولكن الولايات المتحدة اعترضت على حضوره، وقالت سفارتها في الرياض “نحن نعارض الدعوات او تسهيلات السفر لاي شخص مطلوب بموجب مذكرات توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بمن في ذلك الرئيس البشير”.
مئات المليارات التي رصدتها المملكة العربية السعودية “لاكرام” الزائر الأمريكي لم تشفع لها عنده، وتدفع هذا الزائر لاحترام قرارها بدعوة رئيس سوداني حليف نقل البندقية من كتف الى آخر، وشارك في “عاصفة الحزم” وارسل الآلاف من جنوده للقتال في اليمن تحت عنوان محاربة النفوذ الإيراني، وهو النفوذ الذي فتح له أبواب السودان لعدة عقود.
“اعتدال” الحكومة السودانية، وانضمامها الى “التحالف السني” العربي، بعد سنوات من الوقوف في خندق “الممانعة” لم يغفر لها لدى الغرب والولايات المتحدة بالذات، ولم يشكل لها جواز مرور للانضمام لحلف “الناتو” العربي الإسلامي الذي يريد الرئيس ترامب بزيارته الى الرياض السبت تدشينه لمواجهة ايران واعتماد إسرائيل عضوا أساسيا فيه.
اعتذار الرئيس البشير عن عدم الحضور ازاح جبلا من الحرج كان يثقل كاهل العاهل السعودي، مثلما اعفى الرئيس البشير نفسه من حرج اكبر في حال تلبية الدعوة والذهاب الى الرياض اسوة بالمدعوين الآخرين، لانه ببساطة لن يُسمح له بحضور القمة، ومصافحة “الضيف الكبير”.
القيادة السعودية ربما تكون تعلمت من مبادرتها السابقة في الاعلان عن تشكيل “حلف إسلامي” دون التشاور مع الدول المعنية التي علمت بها من وكالات الانباء، وقررت توجيه الدعوة للدول نفسها للمشاركة في “الناتو” الجديد، والسؤال هو هل ستكون المنظومة الجديدة (الناتو الإسلامي العربي) افضل حظا من سابقتها، أي الحلف الإسلامي؟
من الصعب علينا الإجابة قبل انعقاد القمم، والتعرف على هويات الزعماء المشاركين، ومستوى المشاركة، فما زال لدينا الكثير من الشكوك حول مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رغم اتصال الرئيس الأمريكي به لحثه على الحضور، والرئيس اردوغان ايضا، كما ان دولا إسلامية أخرى لا تريد ان تتورط في عداء او حروب مع ايران، باردة او ساخنة، وتطبيع مع اسرائيل، ولها اعتراضات على زعامة السعودية للعالم الإسلامي من منطلقات طائفية، بغض النظر عما اذا كانت لديها أقليات او اكثريات مذهبية شيعية (مثل باكستان في الحالة الأولى والعراق في الحالة الثانية).
كان يجب على الرئيس البشير ان يعتذر عن قبول الدعوة منذ اللحظة الأولى لوصولها، وايفاد من ينوب عنه عبر مندوب له، ولكن ما هو واجب ومفترض شيء، وما يحدث شيء آخر، وقد لا يكون اعتذاره هو الأخير في جميع الأحوال.
انها قمم المفاجآت الصاعقة.. ونحن في الانتظار في جميع الأحوال.
“راي اليوم”