خبير مصري: ستتغير سياسة أمريكا تجاه مصر بعهد ترامب.. وعلى الخليج التأهب لحماية نفسه بنفسه
رأى الخبير في العلاقات المصرية الأمريكية ورئيس مجلس إدارة مؤسسة “الأهرام” السابق، عبد المنعم سعيد، أن السياسة الأمريكية تجاه مصر ستتغير بوصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للبيت الأبيض رسمياً الجمعة الماضية، كما أنها ستتغير تجاه المنطقة العربية بشكل عام، حسبما قال في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وقال سعيد إنه على دول منطقة الخليج أن تؤهل نفسها، وإنه لا حماية أمريكية لها دون مقابل مع ترامب، وإن العلاقات السعودية – الأمريكية لن تكون بنفس الحميمية التي كانت موجودة من قبل، كما رأى الخبير المصري أن ترامب لن يتدخل بشكل مباشر في الأزمة الليبية، وسيتعاون مع الروس لحل الأزمة السورية.
وأضاف سعيد أن اهتمام ترامب في الفترة القادمة سيكون مُنصباً على شرق آسيا وكوريا الشمالية، وسيُحدث صراعاً بين الرئيس والمؤسسات في أمريكا.
وجاء نص الحوار كالتالي:
هل تتوقع أن تتغير السياسة الأمريكية تجاه مصر مع وصول ترامب للبيت الأبيض؟
ستتغير في محورين رئيسيين، الأول يتمثل في الحرب ضد الإرهاب وأعتقد أن التعاون سيزيد عما كان عليه من قبل، ومن الممكن أن تكون أمريكا أكثر استعداداً لمنح مصر بعض الأنواع من الأسلحة التي كانت تتحفظ عليها، بالإضافة إلى الجانب المعلوماتي. المحور الثاني يتعلق بدور مصر بشكل عام في الحرب الفكرية ضد الإرهاب، ودورها في الصراعات المتشعبة في المنطقة، منها موضوع ليبيا وفلسطين، وهذا سيتوقف على نشاط وذكاء الدبلوماسية المصرية.
وماذا عن المساعدات الأمريكية لمصر؟
لم يحدث أن قال ترامب شيئاً عن المساعدات الأمريكية لمصر سواءً إيجابياً أو سلبياً، وربما يحدث في هذا الأمر تفاوض.
لماذا شعر المصريون بالرضا بنجاح ترامب على حساب كلينتون؟
المصريون تكوّنت لديهم رؤية حول ترامب بعد فوزه في الانتخابات، لا أريد أن أقول إنها رؤية خاطئة كلياً، ولكنها تدل على عدم فهم، وهذه الرؤية تعود إلى شعورهم بأن أوباما وكلينتون كانا من أعوان جماعة “الإخوان المسلمين”، وترتب على هذا الأمر نظرة من التشكك والهواجس ارتبطت بالتفكير التآمري الشائع عن أن أمريكا تريد تفكيك كل دول المنطقة لصالح إسرائيل، ودور أمريكا في الربيع العربي. وأنا ضد هذا التفكير، ولكنني أفسر الظن السيئ تجاه أوباما وكلينتون، لذلك رحب المصريون بنجاح ترامب، وهذا أمر فيه شيء من خداع الذات.
هل ستتغير السياسة الأمريكية مع ترامب؟
كل السياسة الأمريكية ستنقلب رأساً على عقب لأن ترامب ليس رئيساً عادياً، كما أن هناك حد أدنى لا تستطيع النزول عنه بالنسبة للتوافق مع الإدارات السابقة، ولكن هناك أمور أساسية لا تتغير، النقاط الأساسية لاستراتيجية ترامب مختلفة وسيأخذ الأمريكيون وقتاً للائتلاف معها، لأنه يرى أن التناقض بين المصالح الأمريكية والروسية ليس كبيراً وبعضها مفتعل مثل قضية أوكرانيا، فهو يرى أن هذه قضية أوربية وعلى الأوربيين أن يحلوها ولا داع لإغضاب الروس من أمريكا، والاتفاق الذي سيشغله مع الروس هو حول كيفية سحق الإرهاب لأن هذا أمر مهم بالنسبة له، لأن الإرهاب يهدد أمريكا.
هل تتحسن العلاقات المصرية – الأمريكية في وجود ترامب بعد توترها في السنوات الأخيرة؟
ما حدث في السنوات العشر الأخيرة في العلاقات المصرية الأمريكية هو نفسه ما كان موجوداً دائماً، المصريون طول عمرهم لا يعتبرون أمريكا دولة حليفة، ويرونها داعمة لإسرائيل ولها أحلام استعمارية، ويرى الأمريكيون أن النظام في مصر نظام عسكري، وأن هناك مقاومة للإصلاح الاقتصادي والسياسي.
هل ستتبدل السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية بشكل عام؟
السياسة الأمريكية ستتغير بلا شك، وستكون أكثر عنفاً تجاه الإرهاب وستقوم على فكرة الثمن، ولن تكون هناك حماية بلا مقابل خاصة تجاه منطقة الخليج في الدفاع عنها ضد إيران، وعلينا أن نؤهل أنفسنا بأن معايير ترامب تجارية بالدرجة الأولى، وبالتالي لن ينظر للأمور من منظور الديمقراطية والديكتاتورية، وإنما من زاوية النجاح والفشل وقياسه هو المصلحة، ترامب ينظر للرئيس القوي بصرف النظر عن كونه رئيساً ديمقراطياً، مثلما ينظر للسيسي وبوتين.
هل تتوقع استمرار انخراط الإدارة الأمريكية في المنطقة العربية؟
سياسته ناحية المنطقة العربية ستكون حسب المواقف، ولكن لن ينغمس إلا إذا حدثت أزمات يُجبر وقتها على التدخل، وأعتقد أنه ما لم يتم شيء يمس إسرائيل فلن يتدخل، لأن الخطر الأساسي عليه سيكون من كوريا الشمالية، وما يهمه الآن هو منطقة شرق آسيا لأنها أنتجت صواريخاً تصل إلى أمريكا، وسيوّجه ضربة كبيرة لإنتاج النفط على مستوى العالم، وما يهمه هو أن ينهي الإرهاب وبالذات “داعش”.
من سيحدد السياسة الأمريكية مع ترامب.. الرئيس أم المؤسسات؟
هناك أزمات بينه وبين دولة المؤسسات في أمريكا سواءً مع الكونغرس والحزب الجمهوري والمخابرات المركزية الأمريكية، فنحن أمام أمر جديد يُشبه هتلر الذي بدأ بضرب المؤسسات ورغم ذلك انتخبه الألمان، وترامب مثل هتلر عام 1929 وليس عام 1933، وتفكيره سيدفعه لتحجيم المؤسسات الأمريكية وأي مؤسسة تعارضه سيهاجمها، ولديه قاعدة لدى الشعب الأمريكي الأبيض وهؤلاء يمثلون 70 في المائة من الشعب الأمريكي وهو يعبأ فيهم بموضوع الهجرة، وتحدث في خطاب تنصيبه وكأن أمريكا لم يحكمها رئيس جيد منذ 40 عاماً في وجود بوش وأوباما وآخرين.
ما تصورك لموقف ترامب تجاه الأزمة السورية؟
ترامب لن يهتم بمسألة بقاء بشار الأسد في السلطة من عدمه، ولكن سيكون جزءاً من الصفقة التي سيعقدها مع الروس، بصرف النظر عن فشل الأسد في الحكم، ولا أتوقع أن تنتهي الأزمة السورية في العام الحالي، لأن القضية فيها تعقيد شديد وتشابك مع لبنان والعراق وتركيا والأقليات، ولكن هناك بداية لخلق نظام إقليمي جديد في المنطقة وربما نظام عالمي جديد، ولكن أكبر انقلاب هو تدخل روسيا في الأزمة مباشرة عام 2016.
هل كان تغير موقف أردوغان من بشار الأسد بسبب وصول ترامب؟
هذا تغيير كبير، وما يهم أردوغان هو الأكراد، إذ يريد شخصاً يقتلهم بصرف النظر عن بشار.
كيف سيتعامل ترامب مع العراق وليبيا؟
ترامب ينظر للعراق وليبيا بنظرة مختلفة، بالنسبة لليبيا سيكون له رؤية لحل أزمتها من خلال مصر، لأن ليبيا بلد بترولي، أما العراق فموضوعها معقد بعض الشيء لأن النفوذ الإيراني فيها كبير، وربما يقبل فكرة التقسيم، ويمكن أن يوافق على دولة شيعية بدلاً من أن يأخذوا العراق كلها، ولكن في كل الأحوال لن تأخذ العراق وليبيا مساحة كبيرة بالنسبة لترامب.
ما توقعاتك لشكل العلاقات السعودية الأمريكية؟
ستكون أشبه بالعلاقة بين ألمانيا واليابان، دول حليفة لكنها غنية وسيكون لها نصيب في الدفاع عن أهداف مشتركة، ولا تضع عبئها على أمريكا دون أن تدفع مقابل ذلك، وهذه قضية مالية، والسعودية تتفهم أنه مع ترامب يمكن تسويتها، وترامب ينظر للعرب على أنهم كائنات خطرة وأصحاب دين عنيف، ولكن يمكن أن يعقد معهم صفقات، ولكن لن تكون العلاقة حميمة.