لماذا لم ترد السّلطات السعوديّة على الدّعوات الإيرانيّة لاستِئناف جولات الحِوار بين البلدين؟ وما هي الأزمات الطّارئة والقديمة التي تُعرقِل ذلك؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 856
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تُمارس العربيّة السعوديّة فيما يبدو الصّمت الرسمي وعدم التعليق على دعوات تحسين العلاقات وتطويرها مع إيران الصّادرة عن مسؤولي الأخيرة، فيما لم يصدر عن المملكة بعد تصريحات عن مسؤوليها الكبار، تدعم بشكلٍ صريح الاحتجاجات الإيرانيّة الشعبيّة، ولكنها وفق الاتهامات الإيرانيّة، والمُتابعة وفق ما ترصد “رأي اليوم” تُطلق العنان لقنواتها الإعلاميّة ومنصّاتها لتغطية الاحتجاجات، وتوجيه النقد الحاد لطهران، واستضافة المُعارضين الإيرانيين، وفتح الشاشات لهم.

ويبدو الإعلام السعودي معنيّاً بتغطية الاحتجاجات الإيرانيّة، وبعيدًا عمّا جرى من خمس جولات من التفاوض في بغداد والآمال في تحسين العلاقات بين الرياض، وطهران، وصولاً لتطبيع كامل للعلاقات المقطوعة على إثر إعدام الشيخ نمر النمر والهجوم على السفارة السعوديّة في طهران، وإعادة فتح السفارات بين البلدين، وعلى عكس قطر، وقناة “الجزيرة” التي تنظر للاحتجاجات في إيران من منظور الحكومة الإيرانيّة، وصولاً لمُصادرة الشرطة القطريّة لمُشجّعين إيرانيين فور حملهم لأعلام إيرانيّة لا تحمل شعار الثورة الإسلاميّة، والطلب منهم مُغادرة المُدرّجات، وأنباء عن توقيفهم خلال مونديال كأس العالم في قطر.

ورغم ما تُثيره إيران، عن وجود دعم سعودي لقناة “إيران انترناشونال”، وقناعتها بدورها في إثارة الشغب، واتخاذ طهران خطوات قانونيّة سيجري الإعلان عنها لاحقاً وفق ما ذكر المتحدث باسم الخارجيّة الإيرانيّة ناصر كنعاني، جدّد الأخير ترحيبه باستئناف المُفاوضات مع السعوديّة، مُؤكّدًا بأن تحسين العلاقات بين إيران والسعوديّة يخدم مصالح البلدين، وكذلك مصالح المنطقة.

هذه الدعوة الإيرانيّة للتقارب مع السعوديّة، أو تجديدها بجولة سادسة في العراق، لا يبدو أنها تعني الرياض بالدرجة الأولى، فالمتحدث الإيراني، قال بأنه علينا أن نرى ما هي الخطوة العمليّة من الجانب الآخر (الرياض)، وفيما يبدو هُنا أن الأخيرة لا تُظهر أيّ بوادر للتقارب، أو الاتجاه نحو تحسين العلاقات، والتي أعلنت الحكومة العراقيّة استعدادها لاستكمال هذه العمليّة، والترحيب الإيراني الذي أشار إليه المتحدث ناصر كنعاني.

وتُطرح تساؤلات فيما إذا كانت الاحتجاجات الإيرانيّة الشعبيّة بخُصوص قضايا اجتماعيّة تخص المرأة، وتقول طهران بأنها مدعومة من الخارج، أحد الأسباب الرئيسيّة التي تدفع الحكومة السعوديّة للتريّث، وعدم الاندفاع نحو التطبيع الكامل للعلاقات مع إيران، ولكن طهران لم توجّه اتهامات رسميّة للمملكة بدعم أعمال العنف التي تجري في إيران، كما فعلت مع الولايات المتحدة الأمريكيّة، حيث أكّد وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأن أمريكا تدعم العنف، “من أجل الضغط على طهران وإرغامها على قبول مطالبها بشأن المُفاوضات النوويّة”.

وأساساً لم يكن الاتهام الإيراني من فراغ للأمريكيين، فالمبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران روبرت مالي قالها صراحةً بأن الولايات المتحدة ستُركّز على دعم المُتظاهرين في إيران، بدلاً من المحادثات المُتوقّفة لإحياء الاتفاق النووي الدولي.

من غير المُحتمل أن تتقاطع الرغبة الأمريكيّة، والسعوديّة بخُصوص “دعم أعمال العنف” في طهران، كون العلاقات السعوديّة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سيّئة، لرفض المملكة زيادة الإنتاج النفطي، بل وتخفيضه بالاتفاق مع روسيا ضمن اتفاق “أوبك+”، ومع هذا قد يُفيد التذكير بأن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، كان قد هدّد في تصريحات سابقة بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني، هذا عدا عن الصراع السياسي والطائفي بين البلدين، ومخاوف أمنيّة تُعبّر عنها الرياض، جرّاء تدخّلات إيرانيّة في دول عربيّة.

وقد يكون لافتاً ومُثيرًا للتساؤلات مُواصلة طهران دعوة الرياض للتفاوض، وتحسين العلاقات، في حين كانت وجّهت اتهامها للسعوديّة بالوقوف خلف الاحتجاجات وتمويلها، فهل هي رغبة إيرانيّة بثني السعوديين عن الصّدام بطريقة سلميّة، والابتعاد عن الجبهة الإيرانيّة، وعدم تنفيذ تهديدات إيرانيّة مثل إذا قرّرنا الرد ستتهاوى القصور الزجاجيّة، أو الوقوع بالفخ الأمريكي، والذي يُقدّم إيران بالخطر الأكبر على دول الخليج، وخاصَّةً السعوديّة.

في المُقابل، تبادلت الرياض مع واشنطن معلومات تُفيد بوجود هجوم إيراني وشيك على السعوديّة قبل أسابيع فقط من التصريحات الإيرانيّة التي تُعيد فتح الأبواب أمام مُفاوضات جولة سادسة مع السعوديين في بغداد، ورغم الاتهام الإيراني بوجود تحريض إعلامي سعودي يُرافق الاحتجاجات الإيرانيّة، يبقى السؤال هل يُحاول الإيرانيون تجربة كل الطرق لإقناع وطمأنة السعوديين بأنهم لا يُشكّلون خطرًا على بلادهم، وهل ستُظهِر الرياض أي تجاوب معهم، أم أن العيون السعوديّة لا تزال تترقّب وتثق بما بات يُسمّى بقُرب سُقوط العمائم، وهو تقدير لعلّه غير صائب تماماً على الأقل وفقاً للتقديرات الإسرائيليّة التي تقول بأن ما يحدث في طهران بمثابة ثورة شعبيّة، ولكن لا يصل لمُستوى إسقاط النظام الإيراني.