الإيكونوميست: الإصلاحات الاقتصادية السعودية لا تجذب المستثمرين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2282
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 إذا تجولت في الرياض سوف يبدو لك اقتصاد المملكة العربية السعودية نابضا بالحياة، حيث تزدحم مراكز التسوق في العاصمة بالمتسوقين والموظفين، فيما يبدو الشباب حريصين على إنفاق المال على وسائل الترفيه الآن بعد أن كانوا يخشون الخروج إلى الشوارع بسبب الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
وتبدو المدينة وكأنها موقع بناء، حيث يعمل العمال على إنشاء فنادق ومراكز تسوق جديدة. وارتفع سوق الأوراق المالية السعودي بأكثر من 9% هذا العام. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.9%، وأن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.3% العام المقبل.
ويشير هذا إلى أن "رؤية 2030"، وهي خطة المملكة الطموحة لتنويع اقتصادها، تعمل.
وتهدف الرؤية إلى خلق فرص العمل وجذب الاستثمارات وتطوير الصناعات، مثل السياحة.
ولعقود من الزمن، قدمت دول الخليج الغنية بالنفط وعودا مماثلة، لتتراجع عنها من جديد مع ارتفاع أسعار النفط. لكن "محمد بن سلمان"، ولي العهد السعودي القوي، حافظ على مسار الإصلاح في بلاده على نحو أفضل من أسلافه غير أن هذا التقدم يبدو خادعا. فإذا تجاوزنا الأرقام الرئيسية، فإن نتائج إصلاحات الأمير كانت مخيبة للآمال.
وبالنظر إلى "البورصة"، يتضح الأمر جزئيا، حيث دعمتها الحكومة سرا بوضع أوامر شراء ضخمة لمواجهة عمليات البيع في أعقاب الأزمات السياسية الأخيرة، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتعد أرقام الناتج المحلي الإجمالي مضللة أيضا، ولا يزال الاقتصاد يميل إلى النفط. ويعزز ارتفاع أسعار النفط، على الرغم من الانخفاض الحاد في الأسابيع الأخيرة، كل القطاعات.
ولكن بالنسبة لاقتصاد يفترض أن ينمو بسرعة مع زيادة النمو السكاني، فإن الأداء ليس مرضيا. وقبل 3 أعوام، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 4%.

سياسات متقلبة
ويريد "بن سلمان" أن يعتقد المستثمرون الأجانب أن المملكة رهان آمن. لكن سياساته المتقلبة، من سجن السعوديين الأثرياء عام 2017، إلى الصراعات الدبلوماسية التي لا طائل من ورائها مع كندا وألمانيا، تخيف هؤلاء المستثمرين. وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دولار (0.2% من الناتج المحلي الإجمالي) عام 2017، من 7.5 مليار دولار في العام السابق.
وتسابق الكثيرون للانسحاب من مؤتمر استثماري في الرياض، في أكتوبر/تشرين الأول، بسبب قتل "جمال خاشقجي"، الصحفي السعودي المنفي، في قنصلية سعودية في تركيا. ويحاول السعوديون الأغنياء نقل أموالهم إلى الخارج؛ حيث غادرت 80 مليار دولار البلاد في العام الماضي.
وكانت هناك خطوات لتحسين مناخ الاستثمار، بما في ذلك قانون جديد لإجراءات الإفلاس في السعودية. ويتم إعادة النظر في المشاريع التي كانت الدولة تسيطر عليها لآن ويتم التخطيط لها كشراكات بين القطاعين العام والخاص.
على سبيل المثال، ترغب وزارة الإسكان في أن تقوم الشركات الخاصة بتمويل ما يقدر بـ 100 مليار دولار مطلوبة لبناء مليون مسكن بأسعار معقولة. ويوجد أكثر من 1.5 مليون سعودي على قائمة الانتظار للحصول على الإسكان المدعوم.
لكن عندما ينظر المستثمرون إلى المملكة، يجدون أن "بن سلمان" يركز على المشاريع الضخمة التي تديرها الدولة، مثل "نيوم"، وهي مدينة مستقبلية تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، ويعمل بها رجال آليون، على الساحل الشمالي الغربي للمملكة، ورغم ذلك فلم يتم إنجاز إلا القليل منها.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول، تم إطلاق مشروع "سبارك"، وهي "مدينة طاقة" تبلغ تكلفتها 1.6 مليار دولار في الشرق بهدف توفير 100 ألف فرصة عمل. ونادرا ما تسير مثل هذه المخططات على النحو المطلوب، ولا تزال مباني منطقة الملك عبدالله المالية، وهي مشروع بقيمة 10 مليارات دولار في الرياض، شاهدة على ذلك.
وساعد ارتفاع إيرادات النفط وتدابير التقشف، مثل تخفيض الإعانات وضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، على تخفيض العجز في الميزانية بدرجة كبيرة. وزادت الحكومة الإنفاق الحكومي، وهو شريان الحياة للاقتصاد. ويشتري السعوديون أكثر مما فعلوا خلال فترة الركود، لكن لا يزال الكثيرون منهم يشعرون بصعوبة العيش في حين تنخفض مبيعات التجزئة. وانخفض عدد وظائف قطاع التجزئة بمقدار 177 ألف وظيفة منذ عام 2017، مما يعني فشل جهود الحكومة لخلق فرص للسعوديين من خلال حظر الأجانب من تولي وظائف المبيعات.

صداع الوظائف
وتعد الوظائف هي المشكلة الأكثر إلحاحا لدى المملكة. وتحتاج السعودية إلى خلق 1.2 مليون وظيفة بحلول عام 2022، لتحقيق هدفها بتقليل البطالة إلى نسبة 9% من المواطنين السعوديين.
ولتوفير فرص العمل لهم، أصبحت تشجع على تقليص توظيف الأجانب. ومنذ يناير/كانون الثاني 2018، تم فرض رسم 400 ريال (107 دولار) شهريا على كل عامل أجنبي، مع خصومات لمن يوظف المزيد من المواطنين السعوديين مقارنة بالمغتربين.
وسوف تتضاعف هذه الضريبة بحلول عام 2020، ويدفع المغتربون رسوما أخرى لكل من يعولونهم. وللوهلة الأولى، يبدو أن هذه الإجراءات تجدي، فقد غادر ما يقرب من مليون عامل أجنبي المملكة منذ بداية عام 2017.
لكن السعوديين لا يسارعون لشغل الكثير من تلك الوظائف. ولقد تأثر التوازن في قطاع البناء بشكل غير متناسب. ويستخدم القطاع 45% من المغتربين، ومع ذلك، انخفض عدد السعوديين العاملين في قطاع البناء. وبشكل عام، منذ يناير/كانون الثاني 2017، نما عدد السعوديين العاملين بأقل من 100 ألف. وارتفع معدل البطالة بنسبة 0.2%، ليصل إلى 12.9%. ولا يتم شغل الوظائف التي شغلها المغتربون سابقا، لأنهم لم يعودوا موجودين.
ويقول "عبدالله الحسن"، الخبير الاقتصادي الحكومي: "لديك هؤلاء المغتربين ذوي المهارات المرتفعة، والأجور المنخفضة، ولكن لا يمكنك بسهولة تجديد عقودهم".
ويتردد الشباب السعوديون تجاه العمل بأيديهم. وعلى أي حال، لا تستطيع الشركات تحملهم. ويأخذ عامل أجنبي منخفض المهارة نحو 1500 ريال كل شهر. لكن الحد الأدنى للأجور الفعلية للمواطنين السعوديين تبلغ 3000 ريال. وتعد الفجوة في الأجور أضيق بكثير بالنسبة للوظائف الماهرة، وهناك مجموعة من المواهب المتحمسة للقيام بهذا العمل؛ حيث يحمل 56% من الباحثين عن عمل من السعوديين درجة البكالوريوس على الأقل.
ولذلك ناقش المسؤولون فرض رسوم المغتربين بشكل تدريجي مرتبط بالدخل.
ورغم أن العديد منهم عاطلون عن العمل، إلا أن الشباب السعودي، الذين يشكلون غالبية السكان، ما زالوا يتحدثون بحماسة عن الأمير "محمد بن سلمان".
وبعد أن قلص سلطة رجال الدين في المملكة، وأبعد عنه الأمراء المنافسين، فإنه يعتمد على دعم الشباب بشكل أكبر من الحكام السعوديين السابقين. ويحظى أسلوبه الجريء بشعبية كبيرة بينهم، لكنه يثير قلق المستثمرين. وبدون المال الأجنبي، سيجد الأمير صعوبة في إبقاء كل هؤلاء الشباب السعوديين سعداء.

المصدر | الإيكونوميست