تحقيقُ استقصائيٌ في “هآرتس”: إسرائيل باتت “الإمبراطوريّة” في بيع وتصدير أدوات ومُعدّات التجسس وقمع المُواطنين والتصنت للدول الأكثر استبدادًا في العالم بمن فيها السعوديّة
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
كشف تحقيقٌ إستقصائيٌّ نُشِر اليوم الجمعة في مُلحق صحيفة (هآرتس) العبريّة، والذي استند على أكثر من مائة مصدرٍ في 15 دولةٍ،، بمن فيها إسرائيل، كشف النقاب عن أنّ إسرائيل تحولّت إلى الدولة الأولى في تصدير أدوات التجسس وراء المُواطنين، لافتةً في الوقت عينه، إلى أنّه بمُساعدةٍ من وحدة الاستخبارات العسكريّة النخبويّة 8200، يقوم زعماء الاستبداد والقمع في العالم بالتنصّت والتعقّب والتجسس وراء نشطاءٍ في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، والذين يعملون في تلك البلاد، كما أضاف التحقيق أنّ أدوات التجسس التي تُشترى من إسرائيل تُتيح الفرصة للاستخبارات في الدول الديكتاتوريّة بقراءة البريد الالكترونيّ للمُعارِضين، واختراق التطبيقات الأكثر تطورًا، بالإضافة إلى تسجيل مُكالماتٍ هاتفيّةٍ بين النشطاء، وتلفيق ملفّاتٍ ضدّ النشطاء بتهمة الردّة الدينيّة عن الإسلام، كما أكّدت الصحيفة العبريّة.
ونشرت (هآرتس) قائمةً بأسماء الدول التي تشتري مُعدّات التجسس من إسرائيل وهي: البحرين، إندونيسيا، أنغولا، جمهورية الدومينيكان، موزامبيق، أذربيجان، بنغلاديش، السلفادور، نيكاراغوا، ماليزيا، فييتنام، المكسيك، جنوب السوادن والإمارات العربيّة المُتحدّة، ودولٍ أخرى.
وشدّدّ التحقيق على أنّ عمليات البيع تتّم بغطاءٍ من المحكمة العليا الإسرائيليّة التي فرضت أمر منع نشر عن الصفقات، واقتبست الصحيفة رئيسة المحكمة، إستير حايوت، التي قالت في قرارها: “ما العمل! اقتصادنا يعتمد على صفقات بيعٍ من هذا القبيل”.
وكانت شركات استخباراتيّة وتجاريّة إسرائيليّة، تبيع معلومات وأدوات أمنية، كشفت مؤخرًا النقاب عن تصدير خدماتها، إلى السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجيّ، بالإضافة إلى الأردن ومصر. ونقل موقع (WALLA) العبريّ، عن مالك شركة “إنتو فيو” لبيع المعلومات رجل الأعمال الإسرائيلي شموئيل بار، قوله إن المقاطعة العربية لإسرائيل ليست موجودةً على أرض الواقع. وأضاف: وزارة الأمن منحت شركتي رخصة تصدير للسعودية، حيث كانت الشركة وجهة المسؤولين السعوديين قبل أكثر من سنتين، لشراء خدماتٍ استخباريةٍ لمصلحة العائلة الحاكمة.
وذكّر الموقع، بصفقة أسلحة أبرمت قبل عامين بين السعودية وإسرائيل، تبيع بموجبها الأخيرة طائرات من دون طيّار للمملكة، حيثُ تُنقل الطائرات إلى جنوب إفريقيا ومن هناك إلى السعوديّة بهدف إخفاء المصدر، أيْ إسرائيل.
وتابع أنّ شركة استخبارات إسرائيليّة، كشفت عن بيعها للسعوديّة خدماتٍ أمنيةٍ واستخباراتيةٍ بهدف خدمة العائلة المالكة عبر برنامجٍ خاصٍّ يدفع الرأي العّام في المملكة إلى تأييد نظام الحكم في الرياض، وأوضح مؤسّس ومالك شركة IntuView لبيع المعلومات (سايبر)، رجل الأعمال الإسرائيليّ، شمؤئيل بار، أنّ السعوديين طلبوا قبل أكثر من سنتين شراء خدماتٍ استخباريّةٍ من شركته بهدف خدمة العائلة المالكة عبر برنامجٍ خاص يدفع الرأي العّام في المملكة إلى تأييد النظام الحاكم.
كما كشف المدير العام لشركة “عرب ماركت” الإسرائيلية إليران ملول، عن النشاط التجاريّ الواسع لشركته مع دول مجلس التعاون الخليجيّ، بالإضافة إلى الأردن ومصر، موضحًا أنّ التجارة مع الدول العربيّة تتمّ تحت غطاءٍ كثيفٍ من السريّة، وأضاف إنّ الدولة ذات الاحتمال المُرتفع للمُبادرين الإسرائيليين وفق اعتقاده، هي السعوديّة، مُشدّداً على أنّ المملكة تُشكّل سوقًا قويًا جدًا.
وفي السياق عينه، بشكلٍ أوْ بآخر، يُمكِن اعتبار المُحلّل سيفر بلوتسكر من صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية، رائد الكشف عن تجارة الأسلحة القذرة التي تقوم بها إسرائيل مع عددٍ من الدول العربيّة الديكتاتوريّة، بالإضافة إلى دولٍ مُستبدّةٍ أخرى في جميع أنحاء العالم. بلوتسكر، وهو مُحلّل للشؤون الاقتصاديّة، كان قد قال إنّ هناك علاقة قويّة بين السياسة الخارجيّة للدولة العبريّة في عهد حكومة بنيامين نتنياهو وبين بيع الأسلحة الإسرائيليّة إلى دول العالم، أمّا محلّل الشؤون الأمنيّة والعسكريّة يوسي ميلمان، في صحيفة (معاريف) العبريّة، وهو من أكثر المقربين للمنظومة الأمنية في تل أبيب، قد كشف النقاب عن أنّ شركة AGT International السويسريّة، التي أُقيمت في العام 2007، ويُديرها رجل الأعمال الإسرائيليّ-الأمريكيّ ماتي كوخافي، فازت بعقدٍ بملايين الدولارات، لبناء مشاريع للحفاظ على الأمن الداخليّ في دولة الإمارات. وأضاف أنّ قائد سلاح الجو الإسرائيليّ الأسبق، إيتان بن إلياهو، كان يعمل في الشركة، التي تقوم بتشغيل كبار القادة السابقين في الشاباك الإسرائيليّ، وفي شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان).
وشدّدّ المُحلّل ميلمان، على أنّ إسرائيل تهدف من وراء بيع الأسلحة تحقيق الأرباح والعلاقات الدبلوماسيّة مع دول العالم الثالث، وبحسبه فإنّ 10 بالمائة من تجارة السلاح في العالم تسيطر عليها الدولة العبرية، مشيرًا إلى أنها تحصد أرباحًا ماليةً هائلةً من صفقات السلاح، لكنها لا تأخذ في الحسبان الضرر الكبير المترّتب على صورتها بعدما باتت تعرف بعلاقاتها مع أنظمةٍ استبداديّةٍ تنتهك حقوق الإنسان بفظاظة، على حد تعبيره.
كما كُشفت معلوماتٍ خطيرةٍ عن شركة أمنٍ إسرائيليّةٍ تحرس العديد من المؤسسات العربيّة وتُقدّم الحرّاس الشخصيين لكثير من المسؤولين العرب، واعترفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة، ضمنًا، في تقريرٍ نشرته مؤخرًا، بعمل شركة أمنٍ إسرائيليّةٍ في الإمارات لتدريب وتأهيل مقاتلين وحرّاس لآبار النفط ومواقع حساسّة أمنيًّا، ونشرت الصحيفة صورًا لمُدرّبين إسرائيليين تحت أسماءٍ أوروبيّةٍ وغربيّةٍ مستعارةٍ، خشية انكشاف هويتهم الإسرائيليّة وتعريض حياتِهم للخطر.