حملة اعلامية شعواء بين ليبيا والسعودية تتجاوز كل الاعراف
لندن ـ من توفيق رباحي: آل سعود من اصول يهودية وصنيعة الاستعمار الانكليزي .. ليبيا تشارك في بناء الجدار العازل في الاراضي الفلسطينية .. انقذوا شعب ليبيا من حكم المجانين .. هل عجز الملايين في السعودية عن انجاب انسان يمكن ان يكون اميرا ! هذا نموذج لما بلغته الحملة الاعلامية بين ليبيا والسعودية منذ اعلنت الرياض الاربعاء الماضي عزمها طرد السفير الليبي لديها واستدعاء سفيرها في طرابلس.
لم يسبق لدولتين عربيتين ان نزلتا الي مثل هذا المستوي المؤسف من الشتم والتجريح.
يحدث هذا بينما تقول تقارير صحافية ان السفير الليبي محمد سعيد القشاط لا يزال في الرياض، وان السعودية تواصل منح الليبيين تأشيرات دخول لاداء مناسك الحج!
الطريف في الامر ان الصحافة السعودية تستغل اقوال ومواقف المعارضة الليبية في الخارج، وترد الصحافة الليبية باجتهاد باستغلال تصريحات وانباء منسوبة للمعارضة السعودية في الخارج. والاطرف ان ما يصدر بصحف البلدين خليط من التعليق الذاتي والتحليل غير المنسوب لاية جهة او مصدر يعتد به.
ليبيا، في نظر الصحافة الليبية هي الجنة التي يغار منها العالم. اما في نظر صحافة الرياض، فالسعودية هي الارض الطيبة التي لا يوجد اطيب وأكرم منها.
وتشبه تقارير صحف البلدين هذه الايام صحافة الحرب الباردة: العلاقات مع امريكا، المسافة مع اسرائيل والموقف من القضية الفلسطينية هي المحاور التي يدور حولها الشتم والقذف الذي تجاوز حدود الادب. فبينما يفعل البلدان كل شيء لكسب ود واشنطن، يعيّران كلاهما الآخر بالهرولة للتقرب منها وخدمتها. بينما لم تعد اسرائيل مشكلة كبري في الحضن السياسي العربي، يفضح كلاهما الآخر باخفاء علاقة معها. بينما تحرج المعاناة الفلسطينية البلدين (وغيرهما)، يحاول كلا البلدين اتهام الآخر بأنه باعها وكان سبب خسرانها.
تقول صحيفة الشمس الليبية الصادرة امس الاحد، من بين ما تقوله في مقال تاريخي مطول: .. بعد خداع استمر مئة عام، بدأت بوادر نهاية حكم (...) آل سعود ـ اليهودية في شبه الجزيرة العربية.. فآل سعود هي اسرة يهودية بكل المقاييس، وقد كشف الله هذه الاسرة عندما اوكلت الي مؤرخ يدعي محمد التميمي بأن يضع لها شجرة نسب اذ دفعوا له 35 الف جنيه مصري .
ويقابل هذا الكلام مثله صحيفة المدينة السعودية: .. وعلي مستوي آخر خففت السلطات الليبية من اجراءات المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل، حيث بدأت المنتجات الليبية في الوصول للاسواق الاسرائيلية عبر وسيط ثالث (..) اعترف احمد ابراهيم الامين المساعد لشؤون المؤتمرات الشعبية الليبية بأن شركة الحديد والصلب الليبية تقوم بتصدير منتجات الحديد الليبي باسعار رخيصة لوسطاء يقومون باعادة تصديرها الي اسرائيل حيث تُستخدم في بناء المستوطنات والجدار الفاصل في الضفة الغربية .
وتسهب الصحف السعودية في جرد انتهاكات حقوق الانسان في ليبيا، مبدية تعاطفا غريبا مع الشعب الليبي المسكين . ولا تخفي صحف ليبيا حبها الجديد للشعب السعودي فتدعو لانقاذ ملايين الطيبين في الجزيرة العربية من الاغتصاب الوحشي للمنطق والعدالة والتاريخ . وتتواصل الحملة الاعلامية في البلدين بصفة يومية منذ بدء الازمة، لكن رغم التزام حكومتي البلدين واعلامهما الرسمي صمتا منذ اليوم الاول وعقب اعلان طرد السفير علي لسان وزير الخارجية سعود الفيصل في الرياض، ورد الفعل الليبي علي لسان حسونة الشاوش في طرابلس.
وتوقع معلق سألته القدس العربي امس الاحد ان تكون الحملة بتشجيع من حكومتي البلدين ولو عن طريق الصمت . وحجته ان الصحافة في السعودية وليبيا لا تتوفر علي الحد الادني من الحرية والشجاعة التي تؤهلها لخوض مثل هذه المعارك لولا التشجيع الحكومي، خصوصا وان الامر يتعلق باهانة وشتم رؤساء ومسؤولين كبار، وهو ما لا تتقبله العقلية السياسية العربية وتجرّمه دساتير بعض الدول .
القدس العربي 27 / 12 / 2004