تصاعد السخط الأميركي على “السعودية”: حِلفٌ منبوذ داخليا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 133
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لم يكن حظر بيع الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية إلى “السعودية” يوما احتجاجا من الأولى على جرائم الأخيرة في اليمن أو مع أبناء الداخل “السعودي”. لكن ذروة حظر الأسلحة –الذي أُزيل مؤخرا- حصل بُعيد إعادة البلاد تطبيع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية في إيران بوساطة صينية. حتى أن الموقف السعودي حينها –من خلال اختيار بكين لإعلان التقارب- بدا وكأنها ترسل برسائل إلى الحليف الأميركي أن “انتبهوا نحن منفتحون على الانقلاب”. فترة “الخصام” السعودي- الأميركي لم تدم طويلا، فسرعان ما عاد السعودي إلى الحظيرة الأميركية مُبقيا على علاقات دبلوماسية فيها نوع من المهادنة وتأجيل للكثير من الخلافات المتجذرة بين البلدين. ورغم الاصوات الفريدة العديدة التي صدرت من سيناتورز أميركيين، لكن هذا لا يُبطل حقيقة أن الحرب على اليمن –كما الحرب اليوم على غزة- ما كانت لتكون لولا الدعم العسكري الأميركي والغطاء السياسي الذي توفره. فقد سبق أن أعرب السيناتور الجمهوري من ولاية كنتاكي راند بول عن قلقه إزاء مبيعات أسلحة جديدة لـ”السعودية”، حيث صرح بول بأن “المملكة العربية السعودية حليف غير موثوق به وله سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان. لا ينبغي لنا أن نسارع إلى بيع الأسلحة المتقدمة لهم وتعزيز سباق التسلح في الشرق الأوسط”. واليوم يعاود بول عبر تصريح لموقع “ذا أنترسبت” الأميركي التعليق على استئناف مبيعات الأسلحة للسعودية تزامنا عن ما كُشف من الموقع نفسه، عن مبلغ الـ15 مليون دولار التي أظهرت “السعودية” تهرّبا من سدادها للولايات المتحدة الأميركية. وقال السيناتور الجمهوري لموقع “ذا إنترسيبت”: “سيكبر أطفال اليمن وهم يدركون أن الحرب الوحشية التي تشنها السعودية والتي تسببت في الكثير من المذابح والمجاعة كانت ممكنة بفضل الدعم الأمريكي. والآن، يبدو أن ولي العهد الملياردير لن يعوض دافعي الضرائب الأمريكيين عن تزويد طائراته الحربية بالوقود”، وتابع “إن تقصير السعودية، والافتقار المفرط لحكومتنا إلى الشفافية، يثبتان بشكل أكبر أن خضوع أمريكا لهذا النظام الاستبدادي يشكل وصمة عار وطنية”. في عام 2019، أرسلت مجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب تحثه فيها بشدة على التوقيع على قرار من شأنه إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وقد تم تمرير القرار، الذي رعاه ساندرز، في مجلس الشيوخ في مارس/آذار من ذلك العام، ثم تم تمريره في مجلس النواب. وكانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يتم فيها تمرير قرار يستدعي قانون صلاحيات الحرب لعام 1973 في مجلسي الكونجرس. ويُعدّ قرار سلطات الحرب لعام 1973 (المعروف أيضًا باسم قانون سلطات الحرب) “قرارًا صادرًا عن الكونجرس يهدف إلى  الحد من قدرة رئيس الولايات المتحدة على بدء أو تصعيد العمليات العسكرية في الخارج”. ويهدف القانون إلى التحقق من موقف السلطة التنفيذية عند إرسال القوات العسكرية الأمريكية إلى صراع مسلح دون موافقة الكونجرس الأمريكي. وينص على أن الرئيس يجب أن يخطر الكونجرس في غضون 48 ساعة من العمل العسكري. إلا أن رئيس أميركا حينها –عام 2019- استخدم حق النقض الفيتو، وهو الأمر الذي أظهر حينها مدى تناقض الخطابات التي يصدرها رؤساء أميركا فترة الانتخابات الرئاسية مع سلوكهم عند فوزهم. فقد سبق لترامب أن انتقد التدخلات الأميركية في مختلف دول العالم متوعدا بالتخلص منها. مبلغ الـ ١٥ مليون دولار المستحق على “السعودية” يعود تاريخه إلى عملية نُفذت بين مارس 2015 ونوفمبر 2018. أنفق البنتاغون حوالي 300 مليون دولار لتسيير مهام التزود بالوقود جواً لدعم الطائرات الحربية السعودية والإماراتية خلال حربهما على اليمن. فيما يُقرأ قرار استئناف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية في سياق تصاعد التوتر في المنطقة وحشد أميركا قواها للدفاع عن كيان الاحتلال من أي هجمة قد يتعرض لها من إيران في ردها المرتقب على اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية خلال تواجده في طهران. كان كشف تقرير صادر عن البنتاغون، حصلت عليه حصريًا موقع “ذا أنترسبت” أن السعودية خدعت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا بشأن فاتورة الوقود المستحقة عليها. بعد أن سددت والإمارات العربية المتحدة جزءًا كبيرًا من الدين في عامي 2021 و2022، دفعت “السعودية” ما يزيد قليلاً عن 950 ألف دولار من رصيد مضى عليه سنوات، والذي بلغ إجماليه حتى أواخر العام الماضي 15.1 مليون دولار. وكُشف عن هذا الأمر بُعيد إزالة أميركا الحظر عن “السعودية” لتمكين دفاعاتها في ظل أجواء حرب إقليمية محتملة. وقد تكشّف تباعا أن قيمة ذخائر سوف ترسلها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى “السعودية” تبلغ نحو 770 مليون دولار. هذا وتشمل الشحنات 3000 قنبلة صغيرة القطر من طراز  GBU-39s بقيمة 290 مليون دولار، وستزود هذه القنابل السعودية بذخيرة تزن 250 رطلاً يمكن إطلاقها من مسافة بعيدة لتنفيذ هجمات دقيقة، بما في ذلك في المناطق الحضرية. وإلى جانب ذلك، سترسل واشنطن أيضاً 7500 قنبلة من طراز بيفواي “Paveway IV” بقيمة 468 مليون دولار، وهي ذخيرة تستخدم أشعة الليزر أو الأقمار الصناعية لتحديد أهدافها. وستعمل هذه الأسلحة على زيادة قدرة القوات الجوية السعودية على تنفيذ ضربات جوية دقيقة من مقاتلاتها أمريكية الصنع، وسيمكن بيع المزيد منها للبلاد في السنوات المقبلة. تراكم المشاعر السلبية تجاه “السعودية” في ذكرى 11 أيلول تزامنت أخبار استئناف أميركا بيع الأسلحة الهجومية للسعودية وما تم كشفه من الدين المستحق عليها لأميركا منذ حربها على اليمن؛ مع ذكرى هجوم ال ١١ من أيلول لتزيد من حالة السخط العام على “السعودية”. فعادت التساؤلات عن الدور السعودي في هجمات أيلول الـ ٢٠٠١ التي أدت إلى مقتل حوالي ٣٠٠٠ شخص؛ وهي “الحليف المفترض” لأميركا. ويتناقل الإعلام الأميركي ما يجري تداوله أميركيا؛ بالقول أن السخط الداخلي من “السعودية” لا يعمل حسابا للنفط السعودي أو المليارات التي قُدمت أو لثقلها الجيوسياسي. وهذا السخط مرده أيضا لتواطؤ الحكومة الأميركية بنفسها مع السعودية عبر إخفاء المعلومات التي تم جمعها خلال التحقيقات. وحتى بايدن الذي وعد خلال حملته الانتخابية بالافراج عن وثائق التحقيقات؛ كانت الوثائق محررة ومعدلة بشكل أفقدها قيمتها. وفي أحدث تطور في القضية ضاعف من أدلة تورط “السعودية” أكثر، حيث فاز المدعون بحكم في يونيو/حزيران أرغم على نشر مواد لم يسبق أن قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى لجنة 11 سبتمبر/أيلول التي تشكلت بعد الهجمات. في فيديو حديث نشرته شبكة CBS  يظهر عمر البيومي ــ مخبر لدى المخابرات السعودية وفق ما أكده مكتب التحقيقات الفيدرالي، على الرغم من نفي السعودية ــ وهو يراقب مبنى الكونجرس الأميركي، ويبين المداخل ومواقع الأمن ومواقف السيارات، فيما يُرجح أنه كان توضيحا لمديريه من تنظيم القاعدة. وفي تصريح لريتشارد لامبرت، الذي قاد تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في هجمات 11 سبتمبر في سان دييغو، لشبكة سي بي إس: “إن الفيديو هو لبنة أخرى ضخمة في جدار هائل من الأدلة التي تشير في هذه المرحلة إلى أن الحكومة السعودية كانت متواطئة في هجمات 11 سبتمبر”. وفي شحن إضافي لمشاعر مُحيي حادثة أيلول ٢٠٠١؛ أصدرت نانسي بيلوسي مؤخرا كتابا خصصت جزءا منه لحديث عن الحادثة وكيف أن الأدلة اليوم تشير أكثر فأكثر إلى تورط السعودية؛ فتذكر في كتابها “هناك موضوع رئيسي لم يُسمح لنا في البداية بتقديمه للجمهور: العلاقة السعودية، وتحديدًا المسار الواضح للتمويل والمساعدة لإرهابيي 11 سبتمبر الذين قدمهم مواطنون سعوديون، وخاصة من قبل الدبلوماسيين السعوديين وأفراد العائلة المالكة”.