منظمات حقوقية تفنّد مناقضة السلطات السعودية لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 40
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أصدرت ٧ منظمات حقوقية بيانا مشتركاً استنكرت فيه استجابة السعوديّة المختلطة والمتناقضة في كثير من الأحيان مع نفسها للاستعراض الدوري الشامل الرابع، والذي تم اعتماد نتائجه في يوليو 2024،. وهذا التناقض يلقي بظلال من الشكّ على صدق نيّتها المعلنة لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان؛ وفقا للبيان. أوضحت المنظمات أن السعوديّة قبلت نسبة كبيرة من توصيات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك بعض التدابير المهمّة، لكنها “علقت” أو رفضت رسميًّا العديد من التوصيات الحيوية الأخرى. وفي ضوء ذلك، تسلّط المنظمات غير الحكوميّة الموقّعة أدناه الضوء على ضرورة قيام السلطات السعوديّة بمنح مراقبي حقوق الإنسان المستقلّين حق الوصول إلى البلاد لمتابعة تنفيذ التوصيات ورصد حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع. وقد قبلت السعوديّة 83% من التوصيات المقدّمة، وبعضها مهم، مثل الدعوات للتصديق على الاتفاقيّة الدوليّة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ومع ذلك، فإنّ قبول التوصيات لن يؤدي في حد ذاته إلى إحداث تغيير، حيث يجب أيضًا التصرف بناءً عليها بسرعة وفعاليّة، وهو ما لم تفعله السلطات السعوديّة بعد الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للمملكة في عام 2018. لذلك سيرغب المجتمع الدولي في مراقبة استجابة السلطات الفعليّة على الأرض عن كثب. كما وتضمنت التوصيات الحاسمة التي تم رفضها رسميًا دعوات للإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، وإلغاء حظر السفر المفروض عليهم، والامتناع عن اتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم. وعليه، يجب التراجع عن هذه القرارات على الفور. وفي الوقت نفسه، كانت التوصيات الأخرى مجرد “ملاحظات”، وأحيانًا في تناقض واضح مع التوصيات المعتمدة. وشمل ذلك الدعوات إلى التصديق على الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وتعديل الأنظمة المحلية، والتعاون مع الأمم المتحدة. قبلت السعودية جميع التوصيات الثلاث الخاصة بمؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان، هيئة حقوق الإنسان السعوديّة، لتكون متوافقة مع مبادئ باريس، وهي مجموعة من المعايير الدولية لمثل هذه الهيئات ، وأركانها الرئيسية هي التعدديّة والاستقلال والفعالية. إلا أن المنظمات أكدت أنه هيئة حقوق الإنسان السعوديّة في الوقت الحالي بعيدة كل البعد عن الاستقلاليّة والفعاليّة، فقد تصرّفت بخيانة تجاه العديد من ضحايا الانتهاكات، كما هو موضح في تقرير صادر عن منَا لحقوق الإنسان، والقسط لحقوق الإنسان، والمنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان. علاوةً على ذلك، فإنّ حقيقة أن رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعوديّة، هلا التويجري، قادت الوفد السعودي خلال جلسة اعتماد الاستعراض الدوري الشامل تظهر بوضوح أنها تواصل انتهاك مبدأ أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يجب أن تكون مستقلة عن حكوماتها الوطنية. جول قضية تمكن الامم المتحدة من الوصول إلى البلاد والتعاون معها؛  حُرم خبراء تقصي الحقائق التابعون للأمم المتحدة من الوصول إلى السعوديّة لسنوات، وهو ما يعكس غيابًا أوسع للمساءلة يقوض العديد من حقوق الإنسان الأساسية. وقد قبلت السلطات السعوديّة العديد من التوصيات لتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة، مثل “منح إمكانية الوصول دون عوائق إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة” . ومع ذلك، في الوقت نفسه، وأثناء الترشح لمقعد في مجلس حقوق الإنسان، أشارت الوفود السعوديّة فقط إلى دعوات مماثلة، بما في ذلك دعوة واحدة “لتوجيه دعوة دائمة إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان”، الذين أعربوا مرارًا وتكرارًا عن قلقهم بشأن سجن المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، من بين قضايا حقوق الإنسان الأخرى. فيما يتعلق بالتصديق على المعاهدات الدولية؛  قالت المنظمات ان السعوديّة قبلت العديد من التوصيات المتعلقة بالتصديق على المعاهدات الدوليّة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي كانت قد رفضتها خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير. فيجب على السلطات الآن التصديق على المعاهدة وإنهاء ممارستها المنهجية للاختفاء القسري، ومن أبرز ضحاياها المدافعان عن حقوق الإنسان محمد القحطاني وعيسى النخيفي، والعامل في المجال الإنساني عبد الرحمن السدحان. ومع ذلك، اكتفت السعودية بالإشارة إلى التوصيات المتعلقة بالتصديق على الآليات الدولية الرئيسية الأخرى، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (مع بروتوكوليها الاختياريين) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى أنها رفضت بعض التوصيات “بالنظر” في التصديق عليها. لفتت المنظمات الحقوقية الى ما دعت اليه عدة دول لمراجعة نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله (نظام مكافحة الإرهاب) القمعي ونظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة، اللذين تم استخدامهما كسلاح بشكل روتيني لقمع المعارضة السلمية. وقد قبلت السعوديّة توصيتين من هذا القبيل، بينما اكتفت بالإشارة إلى توصيات أخرى وأبدت تأييدها بالإشارة إلى أن “أنظمة البلاد تخضع لمراجعة منتظمة ومستمرة”. وهذا يلقي حتمًا بظلال من الشك على صدق نيّة السلطات في إجراء إصلاحات جوهريّة. وقد قبلت السعوديّة التوصية بإصلاح المحاكم الجزائية، والتي تشتهر بعدم احترامها للإجراءات القانونية الواجبة وافتقارها إلى الاستقلال. ومع ذلك، أشارت فقط إلى التوصية الهامة. بـشأن “قصر استخدام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة على القضايا التي يتم تعريفها بشكل مناسب على أنها إرهاب والسماح للصحفيين والدبلوماسيين بمراقبة مثل هذه المحاكمات بشكل روتيني”، وهو الوصول الذي تم رفضه منذ أكتوبر ٢٠١٨. حول قمع حرية التعبير؛ أشارت المنظمات في بيانهم أنه في ضوء استهداف السعوديّة المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الجهات الفاعلة المستقلة في المجتمع المدني لممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية، أصدرت العديد من الدول توصيات بشأن حماية الحق في حرية التعبير والتجمّع السلمي وتكوين الجمعيات. وقد قبلت السعوديّة بعض التوصيات العامة لضمان الحق في حريّة التعبير، وضمان بيئة آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والمجتمع المدني، لكنها أشارت فقط إلى الأجزاء من التوصيات المتعلقة بحريّة التجمع السلمي، مشيرة إلى أن “هذا يتجاوز التزامات المملكة”. في ضوء هذه الأمور تشير المنظمات الى ان ما يثير القلق أن السعوديّة رفضت رسميًّا توصيات حاسمة أخرى تتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، رفضت توصية بلجيكا “بالامتناع عن الأعمال الانتقاميّة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تفاعلهم مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة”. وادعت أنّ هذا يستند إلى “مزاعم لا أساس لها”، على الرغم من مجموعة واسعة من تقارير المجتمع المدني التي توثّق الأعمال الانتقاميّة التي تقوم بها السلطات السعوديّة. وعلى سبيل المثال، حُكم على المدافع عن حقوق الإنسان عيسى النخيفي، الذي تمت استشارته أثناء الاستعدادات لزيارة المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع إلى السعوديّة في يناير 2017، بالسجن لمدة ست سنوات بتهم تتعلق بعمله الحقوقي. وبالمثل، رفضت السلطات السعودية توصية لوكسمبورغ “بالإفراج عن جميع المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين المحتجزين بسبب ممارستهم لحريّة التعبير”، مشيرة مرة أخرى إلى “مزاعم لا أساس لها”. ومع ذلك، فقد احتجزت السلطات السعوديّة عددًا لا يحصى من الأفراد في السنوات الأخيرة بعد ممارسة حقوقهم الأساسيّة بشكل سلمي، ولا يزال العديد منهم محتجزين دون تهمة، أو يواجهون محاكمات مطولة، أو يقضون أحكامًا بالسجن لفترات طويلة. كما رفض الوفد السعودي رفضًا قاطعًا توصية هولندا “بإلغاء حظر السفر للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين قضوا محكوميّاتهم”، مدعيًا مرة أخرى أنها تستند إلى “مزاعم لا أساس لها”. ومع ذلك، لا يزال العديد من معتقلي الرأي الذين تم الإفراج عنهم بشروط في السنوات الأخيرة يواجهون حظر السفر لفترات طويلة، سواء بأمر من المحاكم أو تم فرضه بشكل غير رسمي. على سبيل المثال، لا تزال الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول تخضع لحظر السفر التعسّفي على الرغم من انتهاء حظر سفرها الرسمي المفروض عليها في نوفمبر 2023. فيما يتعلق بعقوبة الإعدام تشير المنظمات في بيانهم إلى أن العديد من الدول كانت قد دعت إلى إلغاء عقوبة الإعدام للقاصرين، وهو ما قبلته السلطات السعودية جزئيًا، ولكن فقط على أساس خاطئ، أي أنها تعتبره مطبقًا جزئيًّا “بسبب إصدار نظام الأحداث”. في الواقع، فإن نظام الأحداث لعام 2018، بالإضافة إلى المرسوم الملكي اللاحق في عام 2020 الذي لم يُنشر بعد، يترك ثغرات كبيرة مفتوحة تسمح بالحكم على المتهمين القاصرين بالإعدام. وقد أصرّت هيئة حقوق الإنسان السعوديّة على أنّ “أي شخص حُكم عليه بالإعدام في جرائم ارتكبها عندما كان قاصرًا لم يعد يواجه الإعدام”، ولكن تم الكشف عن ذلك على أنه تعهد فارغ؛ بحيث لا يزال العديد من المتهمين القاصرين معرضين لخطر الإعدام الوشيك. والجدير بالذكر، إذا كانت هذه الادعاءات جديّة بشكل مطلق، فيجب إسقاط أحكام الإعدام الصادرة بحقهم على الفور. كما وأشارت السعوديّة فقط إلى معظم التوصيات الأخرى المتعلقة بعقوبة الإعدام، بما في ذلك الدعوات إلى فرض وقف استخدامها، والجرائم المتعلقة بالمخدّرات على وجه التحديد. تؤكد المنظمات أنه على الرغم من تعهد  محمد بن سلمان في عام 2018 بالحدّ من استخدام عقوبة الإعدام، إلا أن معدل الإعدامات استمر في الارتفاع، وفي عام 2023 تم إعدام ما لا يقلّ عن 172 شخصًا، وهو ثالث أعلى رقم معروف على مستوى العالم. إضافةً غلى ذلك، أيدت السعوديّة توصية واحدة فقط بشأن هذه القضية، وهي “إلغاء عقوبة الإعدام أو على الأقل قصرها على أخطر الجرائم مع تطبيق تعريف ضيّق للإرهاب وإلغائها على جميع الجانحين الأحداث”. وهذه توصية ذات أهميّة كبيرة سيرصدها المجتمع المدني عن كثب لضمان تنفيذها. في ختام بيانها؛  شددت على أنه من الأمر الضروري أن يتابع المجتمع الدولي عن كثب هذا الاستعراض الدوري الشامل الأخر،ي لضمان تنفيذ التوصيات المهمة التي تم قبولها رسميًا الآن، وإلغاء قرارات رفض التوصيات الأخرى. علاوةً على ذلك، وبالنظر إلى الافتقار التام للشفافية في البلاد، والذي يشكل عائقًا أساسيًا أمام ضمانات الحقوق الأساسية، حثت المنظمات السلطات السعوديّة على منح المراقبين الدوليين المستقلين والمنظّمات غير الحكوميّة حق الوصول، وأن توجه دعوات إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وتقبل زياراتهم. يُشار إلى أن المنظمات غير الحكومية التي وقّعت على البيان هي: القسط لحقوق الإنسان؛ المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان؛ مركز الخليج لحقوق اللإنسان؛ الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان؛ الخدمة الدوليّة لحقوق الإنسان ومنَا لحقوق الإنسان.

/