فورين بوريسي: كيف يقمع المحمدان والسيسي عوائل المعارضين؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1851
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 لا يكتفون بملاحقة معارضيهم في الخارج، بل ينتقمون من عائلاتهم بالداخل.. هكذا بات الديكتاتوريون العرب مغرمون بالعقاب الجماعي، وفقا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
ورصدت المجلة 3 دول رئيسية ترتكب مثل هذه الانتهاكات بصورة ممنهجة وهي مصر والإمارات والسعودية، واستشهدت بعدة أمثلة لمعارضين من تلك البلدان.
ولاحظت المجلة -وفق عدة مقابلات مع معارضين- استخدام تلك الأنظمة الديكتاتورية نفس الأسلوب في قمع عائلات المعارضين، ومنها: الطلب من العائلات الضغط على أقاربها المعارضين، التبرؤ منهم، تشويههم وشجب أفعالهم. والعائلات التي ترفض ما طلب منها تواجه حظر السفر، العزل الاجتماعي، فقدان الوظائف، وحتى السجن.
وقالت المجلة إن المعارضين بدورهم لجئوا إلى فضح تلك الانتهاكات بالخارج، مشيرة إلى أن هذا النهج أجبر الحكومات الغربية -بضغط من منظمات حقوقية والرأي العام- على شجب تلك الممارسات القمعية من قبل تلك الأنظمة المستبدة.

مصر
في مصر، استشهدت المجلة بالفنان والمقاول المصري "محمد علي"، الذي عمل مع الجيش في مجال البناء، وأثار ضجة واسعة في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد كشفه لحياة البذخ والتبذير التي يعيشها الرئيس "عبدالفتاح السيسي" وعائلته. وعلى إثر ذلك، أعلن والد وشقيق المعارض المصري التبرؤ منه من أجل تشويه سمعته.
ونقلت المجلة عن "علي"، الذي يعيش في إسبانيا، قوله: "لم أفاجأ مما قالها أفراد عائلتي؛ فنحن في ديكتاتورية، وما أعرفه أنهم تحدثوا حسبما طُلب منهم".
وأضاف "علي" أن والده اتصل به عدة مرات، وطلب منه الاعتذار عن الفيديوهات التي بثها وفضح خلالها "السيسي" وحاشيته.
وتابع: "سألني أبي لماذا فعلت هذا، وقال لي: كنا سعداء، والسيسي سيقتلك".

وعقب "علي": "بكيت، لكن لا عودة إلى الوراء".
والشهر الماضي، كشفت تقارير صحفية عن محاولات السلطات المصرية ترحيل "علي" من إسبانيا بتهم التهرب الضريبي، في وقت يواصل فيه "السيسي" حملته الشرسة لإسكات المعارضين.

السعودية
وفي السعودية، نقلت "فورين بوليسي" عن معارضين سعوديين في الخارج قولهم إن تلك الأساليب القمعية في ملاحقة المعارضين والانتقام من عائلاتهم لم تكن معروفة في المملكة أو منظمة في الماضي.
وربط معظم المعارضين، الذين تحدثت معهم المجلة، هذه الأساليب بالفترة التي تلت تعيين "محمد بن سلمان" وليا للعهد عام 2017، وبالتحديد عندما بدأ بملاحقة النقاد والرموز المؤثرة والأمراء والناشطين والعلماء ورجال الدين.
واستشهدت المجلة باعتقال "بن سلمان" للشيخ "سلمان العودة" في سبتمبر 2017، الذي وفقا لنجله "عبدالله" تتعرض عائلته منذ ذلك الحين للمضايقة والتحرش من قبل السلطات السعودية.
وهناك 18 فردا من عائلة "العودة" ممنوعون من السفر؛ بمن فيهم طفل عمر 9 سنوات. ولا يزال "خالد العودة" في السجن؛ لأنه نشر تغريدة عن سجن شقيقه.
وفى السعودية، أيضا، هناك الناشطة النسوية "لجين الهذلول" التي اعُتقلت عام 2018، ومُنع والديها من السفر بعد ذلك. وأُجبر زوجها على العودة من الأردن؛ حيث انفصلا لاحقا.
كما تعرض أخوتها للضغوط، وطُلب منهم التزام الصمت حول ما تعرضت له "لجين" من تعذيب وتحرشات جنسية في السجن.
كذلك، هناك الناشط واللاجئ السياسي السعودي "عمر بن عبدالعزيز"، الذي يعيش في كندا. ففي 2018 حظي بزيارة من شقيقة في كندا.
وكان برفقته رجلان قالا إنهما يحملان له رسالة من "بن سلمان" مفادها "إما أن يذهب إلى السفارة السعودية في كندا أو يرافقهم إلى السعودية".
ولم يستجب "عبدالعزيز" لأي من الطلبين. وعندما عاد شقيقه إلى السعودية، سُجن مع عدد من زملاء "عبدالعزيز" للضغط عليه. وبعد عامين وبدون تغيير مواقفه من الحكومة السعودية، حذرته المخابرات الكندية بأنه أصبح هدفا للرياض.
ولجأت السلطات السعودية إلى استخدام الأسلوب ذاته مع مسؤول المخابرات السابق "سعد الجبري" الذي فر إلى كندا. والذي يُعرف بجهوده لمواجهة القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
لكن السلطات السعودية اعتقلت ابنه وابنته وأحد إخوته في محاولة لإجباره على العودة إلى السعودية.
وكانت الحكومة اعترفت بعد جريمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي" بوجود أمر لجلب المعارضين من الخارج دون توضيح الطريقة.

علاقة بن سلمان وبن زايد
من جانبها، قالت الباحثة والناشطة السعودية "هالة الدوسري": "حاولت عائلات المعارضين التزام الصمت، لكن الجديد مع بن سلمان أنك لو التزمت الصمت فلن يغير من مساره".
وأضافت: "هذا أمر جديد في السعودية، وهم يقولون: سنلاحقك وعائلتك ولا مجال للتفاوض، ولهذا السبب فلن يساعد الالتزام بالصمت".
ومع أن أوامر منع السفر ليست جديدة، إلا أنها في ظل ولي العهد السابق "محمد بن نايف"، الذي أطيح به عام 2017، كانت عرضة للمراجعة السنوية، ويمكن الاعتراض عليها. أما في عهد "بن سلمان" فـ"المنع من السفر دائم"، كما تقول "الدوسري".
ويعتقد الناشطون أن التحرش بعائلات المعارضين جاء بسبب العلاقة القريبة بين ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، الذي استخدمت بلاده أسلوب معاقبة العائلة منذ سنوات.
وفي هذا الصدد، تقول الناشطة الإماراتية الحقوقية "آلاء الصديق"، التي تعيش في لندن، وقدمت طلبا للجوء السياسي، إن الموجة تنتشر بقوة في السعودية في السنوات القليلة الماضية، لكنها عانت منها، فهي ابنة واحد من 94 مواطنا إماراتيا اتُهموا عام 2013 بتعريض أمن البلاد للخطر.
وأضافت أن 20 قريبا للمعتقلين سُحبت منهم جنسياتهم وهي واحدة منهم. ومُنع آخرون من السفر أو يعانون من الاستبعاد الاجتماعي أو الحصول على وظائف معينة.
وتابعت: "لو تقدم أحدهم للخطبة من أفراد عائلي فإن الحكومة تمنعه"، و "لا نعرف عدد الذين مُنعوا من السفر، فلا وثيقة أو بلاغ، لكن عندما يحاولون عبور الحدود يُخبرون بالمنع".
ولا يتم إخبار الممنوعين من السفر في السعودية مقدما، لكنهم يكتشفون عندما يذهبون إلى المطار.
وقال معارض سعودي إنهم يشجعون عائلته على التبرؤ منه، مضيفا أنهم قبل الحديث ضد الدولة يعرفون أن الحكومة ستعمل جهدها لكي تحرض أبناء العائلة عليهم.

فضح الانتهاكات
وفي الوقت الذي تبنت فيه الأنظمة أساليب وحشية ضد نقادها، بدأ المعارضون في الخارج باستخدام السبل القانونية لفضح الانتهاكات.
ومن خلال هذا النهج، تُجبر الحكومات الغربية، بضغط من منظمات حقوق الإنسان والرأي العام، على شجب الممارسات القمعية مع أنها تحاول الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع هذا النظام أو ذاك.
ففي بداية هذا العام، بدأت عائلات السعوديين السجناء وحلفائهم الاتصال بالمحامين وجماعات الضغط وجلب الحالات إلى الولايات المتحدة.
وقبل فترة تقدم الناشط "محمد سلطان" بدعوى قضائية ضد رئيس الوزراء المصري السابق "حازم الببلاوي"؛ بتهمة الأمر باعتقاله عام 2013؛ حيث تعرض للتعذيب.
وردت السلطات المصرية باعتقال 5 من أقارب "سلطان"، وحققت مع والده المعتقل، وتم احتجاز أقاربه كرهائن حتى يسحب "سلطان" الدعوى.
واعتبر المشرعون الأمريكيون الاعتقالات تدخلا واضحا في العملية القضائية الأمريكية.

صداع للإدارة الأمريكية
وقالت المجلة إن سياسة ملاحقة عائلات المعارضين ستكون مصدر صداع مستمر لإدارة "دونالد ترامب" أو الإدارة التي ستخلفه بزعامة "جو بايدن".
ولن يتغير الوضع بدون ضغوط تمارس على الأنظمة لتحسين سجلاتها في حقوق الإنسان.
وعبر "بايدن" عن قلقه من استهداف عائلة "سلطان"، وحذر أنه لن تكون هناك صكوكا بيضاء لديكتاتور "ترامب" المفضل، في إشارة لـ"السيسي".
وللأسف، مارست مصر ضغوطا على وزارة الخارجية الأمريكية لمنح "الببلاوي" حصانة دبلوماسية ضد الدعوى التي تتهمه بالتعذيب.
وفي الوقت الذي لا تستطيع فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية تصدير قيمها إلى العالم العربي، إلا أنها تستطيع مساعدة من لجأوا إليها للحصول على العدالة، خاصة في الحالات التي تصيب مواطنين لهذه الدول، وإلا فستتجرأ الأنظمة على مواصلة القمع والاضطهاد.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات