قصف الحوثيين لمطار أبها للمرّة الثّالثة هل سيُؤدّي إلى تصعيد الحرب أم الدّفع باتّجاه المُفاوضات المُباشرة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 963
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وماذا يقصِد المُتحدّث الرسمي الحوثي بحديثه عن تنفيذ المرحلة الثانية من عمليّة الرّدع.. والرّدع المشروع؟ وما هي الأسلحة الجديدة التي يُلوّح بها؟
 قصَفت حركة “أنصار الله” الحوثيّة اليوم الثلاثاء مطار أبها للمرّة الثّالثة في غُضون ثلاثة أسابيع، وأسفَرَ القصف عن إصابة ثمانية سعوديين ومُواطن هندي، وتعطيل حركة الطّيران في المطار لبِضع ساعات.
استخدام طائرة مُسيّرة لقصف المطار، وليس الصّواريخ الباليستيّة المُجنّحة، مثلما حصل في الهُجوم السابق، يُوحي بأنّ الحركة باتت تملك أنواعًا مُتقدّمةً من هذا النّوع من الطائرات يستَعصي كشفها، وبالتّالي إسقاطها، الأمر الذي يجِب أن يُقلق القِيادة السعوديّة بشقّيها العسكريّ والسياسيّ.
العميد يحيى سريع، المُتحدّث باسم الجيش اليمني وقوّات المُقاومة الشعبيّة، كشف أن القوّات التّابعة للحركة نفّذت 36 عمليّة بطائراتٍ مُسيّرةٍ خِلال الشّهرين الماضيين وخمس عمليّات بالصّواريخ الباليستيّة المُجنّحة، من بينها 10 عمليّات على مطار أبها، و7 عمليّات على مطار جازان و3 عمليّات على مطار نجران.
أخطر ما في هذه العمليّات يتمثّل في نجاح حركة “أنصار الله” في نقل الحرب إلى العُمق السعودي، وإحداث حالة من الشّلل والخوف في المُؤسّسات الحيويّة مِثل المطارات ومضخّات النفط وأنابيبه، أيّ أنّ هذه الحرب لم تعُد طريقًا في اتّجاه واحد مثلما كان عليه الحال طِوال السنوات الأربع الماضية من عُمر الحرب اليمنيّة.
العُمق السعودي لم يشهد أيّ عمليّات عسكريّة حقيقيّة مُنذ اقتحام قوّات إبراهيم باشا نجل محمد علي باشا والي مِصر مدينة الدرعيّة، عاصِمة الدولة السعوديّة عام 1818 وتدميرها، فالحرب اليمنيّة في الستّينات من القرن الماضي التي خاضتها الدولة السعوديّة في اليمن ضِد مِصر وراح ضحيّتها 40 ألف جندي مِصري بعد انقلاب السّلال ضِد الدولة الملكيّة ظلّت محصورةً داخل الأراضي اليمنيّة أو أطرافها، أيّ لم يتأثّر بها العُمق السعوديّ بشكلٍ مُباشرٍ مثلما هو الحال حاليًّا.
العبارة اللّافتة التي وردت على لِسان العميد السريع اليوم تمثّلت في قوله إنّ القيادة العسكريّة لحركة “أنصار الله” بصَدد دراسة تنفيذ المرحلة الثانية من عمليّات الرّدع والرّدع المَشروع، ورغم أنّه لم يُقدّم إيضاحات حول هذه الخطّة، فإنّ الخُبراء في الحُروب يعتقدون أنّ المرحلة الثانية هذه ربّما تستهدف مطارات في الشّمال والغرب، مثل مطاريّ جدّة والرياض، وربّما منشآت حيويّة أخرى.
هذا التّصعيد من قبل حركة “أنصار الله” الحوثيّة يهدف إلى استغلال حالة الضّعف التي تعيشها المملكة العربيّة السعوديّة مُنذ مقتل جمال خاشقجي وإيقاف دول أوروبيّة عديدة بيع صفقات أسلحة لها احتجاجًا على هذه الجريمة، أو استخدام هذه الأسلحة ضِد أهداف مدنيّة، ومُحاولة (أيّ الحركة الحوثيّة) فرض شُروطها، وأبرزها التّفاوض المُباشر مع الأسرة الحاكِمة السعوديّة، وليس مع وكلائها اليمنيين، والجُلوس مع مُمثّليها على قدمِ المُساواة ومن موقع المُنتصر إذا أمكَن.
استخدام حركة “أنصار الله” طائرة مُسيّرة وصواريخ كروز مُجنّحة قادرة على اختِراق الرّادارات والوصول إلى أهدافها في الداخل السعودي، تعكِس تغييرًا للمُعادلات العسكريّة في أرض المعارك، وبات السّؤال المطروح هو عن نوعيّة الأسلحة الأحدث، والأكثر فتكًا التي توعّد “أنصار الله” باستخدامها في الأسابيع والأشهر المُقبلة، والتي دفعت السعوديّة إلى التّأكيد على أنّها إيرانيّة، وبهدف كسر الحِصار الأمريكيّ على طِهران.
استهداف مطار أبها الذي يُعتبر الثّالث في المملكة بعد مطاريّ الرياض وجدّة، وللمرّة الثالثة، يُعزّز الموقف التّفاوضي لحركة “أنصار الله” الحوثيّة في حال تجاوبت القِيادة السعوديّة مع أبرز شُروطها، أيّ الجُلوس إلى مائدة المُفاوضات للتوصّل إلى حلٍّ سياسيٍّ يضع حدًّا لهذه الحرب.
لا نستبعِد أن تلجأ القِيادة السعوديّة إلى هذا الحل، لِما تتّسم به من “واقعيّة” أو “براغماتيّة”، فعندما أدركت أنّ الحل العسكريّ في الأزمة السوريّة غير مُمكن، وأنّ مشروعها لتغيير النّظام عبر تسليح المُعارضة بات شِبه مُستحيل، تراجعت عدّة خطوات إلى الوراء، وتخلّت عن الهيئة العُليا للمُفاوضات السوريّة المُعارضة، وكادَت أنّ تفتح قنوات التّواصل مع الدولة السوريّة لولا “الفيتو” الأمريكيّ.
السّؤال الذي يطرح نفسه بقُوّةٍ: هل يُمكن أن يتكرّر السّيناريو السوريّ نفسه في اليمن؟
نترك الإجابة لتطوّرات الأسابيع والشّهور المُقبلة، واللُه أعلم في جميع الأحوال.
“رأي اليوم”