غريغوري غوز: لماذا يجب على أمريكا البقاء خارج السياسة السعودية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 930
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 في عدد مايو/أيار - يونيو/حزيران 2018 من مجلة "فورين أفيرز"، كتبت أن ولي العهد السعودي، "محمد بن سلمان"، قد عزز مكانته في العائلة الحاكمة للدرجة التي جعلت سلطته خالية من أي قيود فرضتها القيادة الجماعية سابقا، وهو النموذج الذي ميز النظام السعودي في الماضي.
وقد سمحت حرية الحركة هذه لـ"بن سلمان" باتخاذ خطوات مهمة نحو التغيير الاقتصادي والاجتماعي، مثل خصخصة 5% من شركة النفط الحكومية، "أرامكو السعودية"، والسماح للنساء بقيادة السيارة.
لكنها سهلت أيضا مغامراته في السياسة الخارجية، التي لم تكن لتحدث في السابق، وحذرت من أنه "في ضوء طموحه واندفاعه، فإن على العالم أن يتوقع المزيد من المفاجآت".
ولقد كان اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، وهو من رجال النظام السابقين، وناقد معتدل لولي العهد، في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بمثابة مفاجأة.
ولقد تعامل النظام السعودي بوحشية مع منتقديه في الخارج في الماضي، ولكن لم يكن بهذه الطريقة الصارخة، ومن الواضح أن ولي العهد مسؤول عن قتل "خاشقجي"، على الرغم من النفي السعودي الرسمي ومحاولات إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للتشكيك في دوره.
ولم يقتصر قتل "خاشقجي" على تدمير سمعة "بن سلمان" العالمية كمصلح اقتصادي واجتماعي (وليس سياسيا)، بل أطلق العنان لعاصفة من الانتقادات في الولايات المتحدة، حيث كان لدى "خاشقجي" شبكة من الأصدقاء والمعارف في الدوائر السياسية والإعلامية والأكاديمية، بما في ذلك أنا.
وفي تصويت بالإجماع في 13 ديسمبر/كانون الأول، اتهم مجلس الشيوخ الأمريكي رسميا "بن سلمان" بقتل "خاشقجي"، وفي الوقت نفسه، صوت لإيقاف دعم الولايات المتحدة للحرب التي قادتها السعودية والإمارات في اليمن.
وقد أصبحت هذه الحادثة أخطر أزمة في العلاقات الأمريكية السعودية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وفي مقالي، تساءلت عما إذا كان "بن سلمان" سيصبح أكثر شبها بالرئيس الصيني "شي جين بينغ"، أم الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، أم الملك "هنري الثامن" ملك إنجلترا.
وكان هذا من حيث كيفية استخدام الأصول التي اكتسبها في حملة القمع التي قام بها في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما سجن أكثر من 300 من ما أسمتهم حكومته بالنخب "الفاسدة" من القطاع الخاص والعائلة الحاكمة في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض.
ويوضح مقتل "خاشقجي" أنه على الأقل فيما يتعلق بالتعامل مع منتقديه، يرى ولي العهد أن القادة الثلاثة نماذج يحتذى بها، ولقد تجاوز كل من "شي" و"بوتين" في محاولة إسكات المنتقدين والخصوم المحتملين.
لكن مشكلة "بن سلمان" هي أنه على الرغم من أنه قد يرغب في محاكاة "بوتين" و"شي" في معاملته للمعارضة، لكنه لا يترأس قوة عظمى مثلهما.
ويمكن لـ"بوتين" و"شي" أن يتصرفوا مع الإفلات من العقاب على المسرح الدولي، لأنهما لا يحتاجان إلى مساعدة الحكومات الأخرى للحفاظ على حكميهما وتعزيز مصالح بلديهما.
فالمملكة العربية السعودية ليست قوة عظمى، وهي تعتمد على الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لأمنها، وهي بحاجة إلى استثمار أجنبي إذا أرادت التقليل من اعتمادها على صادرات النفط، كما يريد "بن سلمان".
وتملك السعودية النفوذ في سوق النفط، وكواحدة من قادة العالم الإسلامي، لكن هذا النفوذ محدود، مثل عدم قدرة السعودية على كسب الحرب في اليمن، أو إسقاط الرئيس "بشار الأسد" في سوريا، أو عكس التأثير الإيراني في العالم العربي.
ولقد عانى "بن سلمان" حتى من نكسات مؤخرا في جدول أعماله الاقتصادي المحلي، ولقد فهم أعمام ولي العهد، الذين حكموا المملكة لعقود، حدود قوتهم، وقد كانوا حذرين على المسرح الدولي.
ومن ناحية أخرى، يتعلم "بن سلمان" عن تلك الحدود بالطريقة الصعبة، إذا كان يتعلم في الأساس.
وقد ارتكبت إدارة "ترامب" خطأ فادحا عندما ربطت نفسها علانية بـ"بن سلمان" أثناء صعوده إلى السلطة.
ولقد ظلت إدارات الولايات المتحدة السابقة، على الأقل منذ أوائل الستينات من القرن الماضي، بعيدة عن صراعات السلطة داخل العائلة المالكة السعودية، وهي واثقة من أن أيا كان الرجل الذي سيظهر سيبقي على هذه العلاقة.
لكن "ترامب" دعم "بن سلمان" بشكل علني، بينما كان ولي العهد يطيح بالمزيد من الأقارب خارج السلطة، والآن، يدفع ثمن ذلك التدخل غير الضروري في السياسة الداخلية السعودية.
لكن أشد منتقدي العلاقات الأمريكية السعودية في أعقاب مقتل "خاشقجي" يرتكبون خطأ مشابها، وفي دعوته لإخراج ولي العهد من السلطة، يؤكد السيناتور الأمريكي "ليندسي غراهام" على حق الولايات المتحدة في إملاء من سيحكم الرياض، وهو تدخل في السياسة الداخلية السعودية مباشرة، مثل دعم "بن سلمان" غير المدروس.
وقد انتهت جهود تغيير النظام في الشرق الأوسط بشكل سيئ للولايات المتحدة، من الانقلاب الذي أطاح برئيس الوزراء الإيراني "محمد مصدق" عام 1953، إلى غزو العراق عام 2003.
ويجب على واشنطن الخروج من هذا العمل، وبشكل خاص في هذه الحالة، حيث عزز "بن سلمان" موقعه داخل العائلة الحاكمة، ويسيطر على الأذرع الأمنية والعسكرية للحكومة، من غير المرجح أن تنجح الجهود النشطة لتشجيع المعارضة ضد ولي العهد.
وتعد الأزمة الحالية في الشرق الأوسط نتاج فشل الدول والحروب الأهلية في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن، ولا يحتاج العالم إلى سعودية غير مستقرة لتضاف إلى تلك القائمة.
ويمكن لواشنطن، ويجب عليها، التعبير عن رفضها لسلوك ولي العهد، كما يمكنها حث الملك السعودي "سلمان" بقوة على تعيين وزير خارجية جديد ليكون بمثابة المحاور مع الولايات المتحدة وصوت ضبط النفس في صناعة السياسة الخارجية السعودية.
ويمكن أن توضح أن الرياض بحاجة إلى سفير جديد في واشنطن، حيث إن شقيق "بن سلمان" الحالي، لم يعد ممثلا ذا مصداقية لبلده، لكن ينبغي على واشنطن تجنب انتقاء أشخاص محددين، أو الإصرار على تغيير الخلافة داخل العائلة المالكة، لقد حكمت العائلة السعودية لأكثر من قرن من الزمان، فدعها تقوم بعملها.
وبدلا من التركيز على الشخصية، على واشنطن أن تضغط على السياسة، وقد اتخذت إدارة "ترامب" بعض الخطوات في هذا الاتجاه، ما دفع السعوديين إلى إيجاد حل دبلوماسي لحرب اليمن، وإنهاء المواجهة التافهة مع قطر.
والآن، يحتاج "ترامب" إلى مضاعفة تلك الجهود، خاصة حول اليمن، باستخدام أي قوة جاءت نتيجة مقتل "خاشقجي"، من أجل الحد من عدم الاستقرار السياسي الذي يعاني منه الشرق الأوسط والمعاناة الإنسانية التي تصاحبه.

المصدر | فورين أفيرز