"إيكونوميست": لماذا يتقرب "بن سلمان" إلى الشيعة السعوديين؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2092
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 في العام الماضي، سحق ولي العهد السعودي الشاب "محمد بن سلمان" منطقة العوامية، وهي بلدة شيعية متمردة بالقرب من الساحل الشرقي. وخلال الصيف، قصفت القوات السعودية أحياء عمرها 400 عام، وأنشأت أسوارا لحصار نحو 200 مسلح. لكن في فبراير/شباط، عندما توقف الثوار عن إطلاق النار، أرسلت الحكومة مهندسيها وحفاراتها ورافعاتها لإصلاح الأضرار.
وبعد مرور 6 أشهر، بدأت الطرق الجديدة ومراكز التسوق والمستشفيات الصغيرة في الارتفاع من بين أطلال المدينة التي تم تسويتها بالأرض، ويمر طريق سريع جديد يمتد عبر المنطقة الشرقية عبر العوامية، التي كانت معزولة إلى حد كبير. وبحلول شهر مارس/آذار المقبل، سيتم الانتهاء من عملية تجميل المنطقة بتكلفة تبلغ 64 مليون دولار.
ويأمل "بن سلمان" أن ترسل إعادة الإعمار عدة رسائل. ففي مقابل الولاء المطلق، يعرض ولي العهد أن يعامل رعاياه الشيعية، الذين تبلغ أعدادهم بين مليونين إلى 3 ملايين، مثل الكثير من أتباعه السنة البالغ عددهم 18 مليون شخص، حيث قام بكبح جماح الشرطة الدينية، التي فرضت التفوق السني ووصفت الشيعة بالكفر لعقود. كما عين أول وزير في الحكومة في السعودية من الشيعة، (وإن كان بدون حقيبة حقيقية).
ويضم مجلس "نيوم"، المدينة الذكية المخطط لها، والتي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، عضوا شيعيا، وكذلك فريق كرة القدم الوطني. وتمت إزالة النقد اللاذع ضد الشيعة من الكتب المدرسية وشبكات التلفزيون. ويقول رجل أعمال شيعي على صلة بالتطورات: "سنصبح جزءا لا يتجزأ من المملكة كمواطنين كاملين للمرة الأولى"، ويتوقع أن يبنى في الرياض، العاصمة، أول مسجد شيعي في غضون 3 أعوام.
وتهدف إعادة بناء "العوامية" إلى إغراء العرب الشيعة في المنطقة. ويقول مسؤول سعودي: "يمكننا إعادة بناء جنوب العراق الفقير أيضا"، في إشارة إلى الجزء الشيعي من البلاد. وقد دعم الحكام السعوديون السابقون الأقلية السنية في العراق، لكن "بن سلمان" يرى فرصة في كسب الشيعة على أمل إغرائهم بالتخلي عن الدعم الإيراني.
واستضاف ولي العهد رجال دين شيعة من العراق، وخطط لاستقبال طائرات مليئة بالحجاج الشيعة في المدن المقدسة وأنفق المليارات في الاستثمار لإحياء الجنوب العراقي. وفي حين تلعب إيران على المشاعر الدينية للشيعة، فإن السعودية تناشد فيهم شعورهم بالقومية العربية، والريبة من الفرس. وكما يقول أمير سعودي شارك في هذا الجهد: "لقد اعتدنا على استخدام الإسلام لمقاومة القومية، والآن نفعل العكس".
ويثني الشيعة الأثرياء على "بن سلمان" لتخليص العوامية من الأحياء الفقيرة الموبوءة بالمجرمين المدججين بالسلاح وتجار المخدرات، والشيعة الشيرازيين، الذين يثيرون الفلاحين الذين لا يملكون الأراضي في المنطقة الشرقية. وقد حمل بعض الشيرازيين السلاح، وطالبوا بقتل آل سعود، بعد أن تم إعدام "نمر النمر"، وهو داعية شيعي مثير للجدل، عام 2016.
لكن إعادة تطوير العوامية لها نقاد أيضا. وقد قامت الجرافات بنقل الطرق العامة بعيدا عن الأزقة القديمة التي استخدمها الشيرازيون للاختباء. وتم هدم السوق القديم واستبداله بمتاجر في ساحة مفتوحة، وتم تسوية بساتين النخيل. ويبدو دخول العوامية الآن كدخول المدن الفلسطينية في الضفة الغربية التي تحتلها (إسرائيل). ويجب على السكان والزوار المرور عبر نقاط تفتيش متعددة تقطع الأسوار التي تحاصر المنطقة، بينما تقوم السيارات المدرعة بدوريات في المدينة.
ولا يعتقد الكثيرون أن موقف الشيعة السعوديين قد تحسن كثيرا في عهد ولي العهد، حيث لا يوجد حتى الآن أعضاء شيعة في السلطة الدينية العليا، ولا يجلس قضاة شيعة في المحاكم الوطنية، ولا يوجد ضباط شرطة أو سفراء من الشيعية. وفي الوقت نفسه، فإن حرب السعودية على "الحوثيين" في اليمن، وهي مجموعة من المتمردين الشيعة، تثير التوترات الطائفية.
وكان الملك السعودي السابق، "عبدالله"، قد أطلق حوارا مع زعماء الشيعة في المملكة، لكن "بن سلمان" لا يظهر هذا اللين. وقد جاءت جميع تغييراته بمراسيم فوقية، وهو يرفض التحدث إلى متمردي العوامية، ويصر على أن يسلموا أنفسهم. وفي أغسطس/آب، دعا النائب العام لأول مرة إلى إصدار حكم بالإعدام على امرأة سعودية شيعية بسبب "جريمة الاحتجاج"، وهي رسالة أخرى يأمل ولي العهد أن يرسلها إلى السنة والشيعة على حد سواء، ألا وهي أن الاحتجاج خيانة سيتم العقاب عليها بقسوة.

المصدر | إيكونوميست