كيف أنهت قطر خلال عام اعتمادها على دول الحصار؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 717
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حمزة سيد
 تعرضت قطر لحصار اقتصادي غير مسبوق من 4 دول منذ 5 يونيو/حزيران 2017 ولكنها نجحت في مواجهته والتخلص من اعتمادها على السعودية، إذ أعلنت قبل يومين حظر منتجات جميع دول الحصار داخل الأسواق القطرية.
ووجهت وزارة الاقتصاد والتجارة في قطر تعميما رسميا لكل منافد البيع والمجمعات الاستهلاكية العاملة في الدولة، بعدم تداول البضائع والسلع التي تم استيرادها من دول الحصار، بدءا من السبت، محذرة باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين.
وتسبب الإعلان السعودي الإماراتي البحريني المصري المفاجئ للحصار على قطر، قبيل أيام قليلة من رمضان الماضي، في أزمة كبيرة بالمتاجر القطرية، والتي كانت تعتمد على المنتجات الغذائية السعودية، لاسيما في الألبان ومشتقاتها، بنسبة 90% تقريبا.
ومنعت الرياض شركة «المراعي» وشركات أخرى من توريد منتجاتها إلى قطر، فور بدء قرار الحصار، ما أحدث ارتباكا في المتاجر القطرية التي خلت أرففها بعد تزاحم كبير من المواطنين والمقيمين لشراء حاجياتهم الرمضانية، فور علمهم بقرار الرباعي العربي، ودفع الدوحة إلى تدبير مصادر بديلة لاستيراد الأغذية سريعا من تركيا وإيران.
وبدأت قطر، في ديسمبر/كانون الأول 2017، استراتيجية فورية لتحقيق طفرة في الصناعات الغذائية الوطنية لضمان عدم تكرار الأزمة، فاستوردت آلاف الأبقار الحية من الولايات المتحدة وأستراليا وأوروبا، وأنشأت مزارع متطورة، وخطوطا لإنتاج الألبان ومشتقاتها، وكذلك العصائر وباقي المنتجات الأخرى، ووضعت البلاد هدفا بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية في منتصف 2018.
وبالفعل تمكنت المصانع القطرية، خلال الأيام الماضية، من تقديم 100 سلعة وطنية على أرفف المتاجر القطرية، جعلت من قرار مقاطعة بضائع دول الحصار أمرا سهلا.

كسر الحصار
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي السعودي المعارض، «سعد الفقيه»، بأن القطريين تمكنوا من حل الإشكاليات المرتبطة بالحصار.
وأشار الكاتب، إلى أن «القطريين استطاعوا كسر الحصار البري، من خلال فتح خط تنسيقي مع إيران، وتركيا، للاستغناء عن البضائع السعودية التي كانت تغطي 80% من حاجة البضائع المستهلكة مدنيا»، حسب «عربي21».
وأضاف أنه تم الاستغناء عن الموانئ الإماراتية، واستبدالها بالموانئ العمانية والباكستانية، وهناك دعم لتوسيع هذه الموانئ على المدى البعيد، ما ستتضرر بسببه الإمارات.
وأوضح، أنه على الرغم من أن إغلاق المجال الجوي للطيران أمام قطر قد أرهقها، لكن القطريين تمكنوا من إيجاد مسارات تجارية واستهلاكية بديلة لها.
وذهب «الفقيه»، إلى أن قطر «استفادت سياسيا وإعلاميا، من الأزمة الحالية»، على الرغم من تأثرها الكبير بالأزمة، موضحا أن «دول الحصار خسرت كثيرا أمام شعوبها وأمام العالم».
من جهته، رأى الأكاديمي السياسي القطري «علي الهيل»، أن الأزمة كان لها أثر إيجابي، إذ دفعت بالقطريين للاعتماد على ذاتهم، مضيفا: «أصبحنا نأكل مما نحصد».
وأضاف الأكاديمي القطري، أن «الدوحة خلال الأزمة نهضت بصناعاتها المحلية الخفيفة التي تغطي الاحتياجات المحلية، وتغلبت على الحصار من خلال الاستثمار بدول عدة، وسد حاجاتها منها»، مشيرا إلى أن قطر تشترك مع إيران في حقلين من الغاز، الأول بنسبة 50%، والثاني بنسبة 70%، واستطاعت بناء تحالفات عسكرية معها.
وأوضح أن «تركيا ردت الجميل لقطر التي وقفت ضد محاولة الانقلاب فيها، ووقفت معها»، من خلال بناء تحالف عسكري بين الدولتين، بتزويد قطر بقواعد عسكرية.

ميناء «حمد» الدولي
وفي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، افتتح أمير قطر، الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» ميناء حمد الدولي في منطقة أم الحول الاقتصادية جنوبي الدوحة، ليصبح أحد أكبر وأحدث المرافئ البحرية في الخليج والمنطقة العربية، ليشكل أهم بوابة بحرية للتجارة الخارجية لقطر.
وسيضم هذا الميناء مشروعا كبيرا لتخزين السلع الغذائية، وسيمكنه توفير مخزون استراتيجي يكفي ثلاثة ملايين نسمة لمدة عامين، إضافة الى تأمينه العديد من مواطن العمل، وبإمكانه توفير أكثر من 200% من التزامات واحتياجات السوق المحلية، كما يتوقع أن يساعد الميناء على خفض كلفة الاستيراد، وأن يستحوذ على 35% من تجارة الشرق الأوسط، بالإضافة الى كونه دعما مهما للقطاع الخاص في قطر.
وقد تم إنشاء منطقة اقتصادية متاخمة للميناء، والمقرر أن تتم في المرحلة الثانية من إنشائه بين عامي 2020 و2021، في إطار سعي البلاد لزيادة صادراتها غير النفطية، وإنشاء صناعات تحويلية.
وسيمثل الميناء وفق مسؤولين نقلة نوعية في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتحسين القدرة التنافسية للبلاد، وفقا لرؤية قطر الوطنية 2030، حيث ستصل قدرته الاستيعابية بعد إنجاز كل مراحله إلى 7.5 مليون حاوية سنويا.
ويلعب هذا الميناء دورا بارزا في التغلب على الحصار المفروض على دولة قطر من ثلاث دول خليجية إضافة مصر، من خلال توفير خطوط نقل بحرية عالمية متعددة، وتنشيط حركة الاستيراد، فمنذ بدء الحصار المفروض من قبل السعودية والإمارات والبحرين قبل ثلاثة أشهر، دشنت قطر ثمانية خطوط ملاحية جديدة مع دول عدة.

توسع اقتصادي
الخطوط الجوية القطرية أبرمت عددا من الصفقات الكبرى في ظل الحصار، كما استحوذت على أسهم في شركات طيران عالمية.
وحصلت «القطرية» على لقب ثاني أفضل شركة طيران في العالم لهذا العام، وأعلنت الشركة، استحواذها على 9.61% من خطوط «كاثي باسيفيك» الجوية المحدودة، التابعة لحكومة هونغ كونغ، كما بدأت الناقلة القطرية تسيير رحلات إلى عواصم أوروبية جديدة.
وعلى صعيد القطاع المصرفي، تمكّنت مجموعة بنك قطر الوطني، المعروفة اختصارا بـ(QNB)، من الحفاظ على لقب العلامة التجارية الأعلى قيمة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ثم تصدّرت قائمة أفضل 100 بنك من البنوك العربية عام 2017، وفقا لمجلة «ذي بانكر» العالمية.
ومطلع الشهر الجاري، قال وزير المالية القطري «علي العمادي» إن اقتصاد بلاده تجاوز بنجاح تداعيات الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على بلاده في الخامس من يونيو/حزيران الماضي.
واعترف «العمادي» بصعوبة الأسابيع الأولى بعد الحصار، وحدوث أزمات اقتصادية بالفعل، لكنه شدد أن الأمور باتت مستقرة حاليا.
وأكد، في تصريحات لصحيفة «فايننشال تايمز»، أن معدلات نمو الاقتصاد القطري أصبحت جيدة، بل تجاوزت جيرانها، مشيراً إلى أن الدوحة تستهدف أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% هذا العام.
وأوضح أن قطر «حولت النقمة إلى نعمة»، حيث تجاوزت حظر التجارة والسفر، من خلال تسريع الإصلاحات الاقتصادية لتعزيز الاستثمار، كما استخدمت الحظر المفروض من قبل جيرانها كفرصة لإعادة تشكيل اقتصادها.

المصدر | الخليج الجديد