بن سلمان: اعتذار لإسرائيل وازدراء للمسلمين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1675
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

رأي القدس
 تصدّر ظهور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة «ذا أتلانتيك» الأمريكية الأنباء يوم أمس، وقد أنجز اللقاء جيفري غولدبرغ، وهو صحافي كان ضابطا في الجيش الإسرائيلي خلال فترة الانتفاضة الأولى، وكان مراسلا لصحيفة «جيروزاليم بوست». يثير هذا الاختيار بحد ذاته السؤال، ولكن الأمر، للأسف، لم يقتصر على قبول (وفي الأغلب تقصد) بن سلمان لأن يكون الصحافي يهودياً إسرائيليا (إضافة إلى كونه أمريكياً)، قضى خدمته العسكرية في «قمع المشاغبين من رماة الحجارة».
جوابا على سؤال غولدبرغ إن كان الأمير يؤمن بحق «الشعب اليهودي» بتكوين دولة ـ أمة، «على الأقل في جزء من أرض أسلافهم»، حسب قوله، فإن ولي العهد السعودي لم يعترض، بداية، على توصيف الصحافي لفلسطين التاريخية باعتبارها «أرض أسلاف اليهود»، وهو خطأ سياسي فظيع لأن الصحافي جرّ الأمير إلى تعريفه الخاص وألزمه به من دون اعتراض فعليّ.
ردّ الأمير على السؤال الذي أراد أن يكون عمومياً (كما لو أن الحديث يتمّ عن بلد في أمريكا اللاتينية أو شرق آسيا) كان أنه يؤمن أن كل شعب لديه الحق في العيش في «أمة مسالمة»، لكنّه ما لبث أن تخلى عن عموميته وقدّم لإسرائيل هديّة كبرى بقوله إن لدى الفلسطينيين والإسرائيليين الحق بامتلاك أرض، وهو أمر لم يشرّع ادعاء إسرائيل بملكيتها للأرض فقط، ولكنه ترك الحدود مشرعة لها لامتلاك أرض أكبر عبر «اتفاق سلام يضمن الاستقرار للجميع ويؤمن علاقات طبيعية بينهم».
لم يكتف الأمير بالتطويب المجاني لأرض فلسطين لصالح الاستيطان الإسرائيلي المتوسع ولكنه تابع تقديم خطاب اعتذاريّ طويل، فالأمير ليس لديه اعتراض على «أي شعب»، والسعودية «ليس لديها مشكلة مع اليهود» بدليل أن «النبي محمد تزوج يهودية»، والسعودية تستقبل يهودا من أمريكا وأوروبا، والمملكة، «بغض النظر عن إيران»، لديها «مصالح مشتركة مع إسرائيل»، بل إن الأمير لم يتبرع بإعلان اهتمام المملكة بهذه المصالح مع إسرائيل، بل أشرك دولا خليجية ومصر والأردن، باعتبارها كلّها في سلّة واحدة.
وإذا لم يكن هذا كلّه يكفي فإن الأمير قام أيضاً بوضع محور للشرّ يضمّ إلى إيران وتنظيمات السلفية المسلحة المتطرّفة («القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»)، كلاً من الإخوان المسلمين… وحركة «حماس».
وفي الحالتين الأخيرتين فإن تنسيب الأمير هاتين الحركتين في عضوية «محور الشر» (باستعارة المصطلح البائس للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش) يعود إلى أن الحركتين «تكافحان لنشر الإسلام»، وهذه المهمة اكتملت و«الرسالة وصلت»، ولم يعد مطلوبا من الدول الإسلامية «أن تقاتل لنشر الإسلام».
الإخوان حسب تعريف الأمير «تنظيم متطرف يريد أن يستخدم النظام الديمقراطي لحكم خلافة في الخفاء في كل مكان»، وبعد ذلك يحولونها إلى امبراطورية للمسلمين. ولكن ماذا عن «حماس»، وما هي الإمبراطورية التي تريد تحقيقها؟ أليس المقصود من وضعها في «محور الشر» مغازلة إسرائيل وإضعاف نضال الفلسطينيين؟
يعلم الأمير طبعا أن كل الأمم تسعى لبناء دول قوية وامبراطوريات، وأن أمريكا نفسها دولة امبراطورية، وكذلك روسيا والصين، لكنّه يعتبر دعوة تنظيم إسلامي ذلك أمرا لا يستوجب مطاردته واعتباره «شريرا» وإرهابيا فحسب، بل هو يرفض النظام الديمقراطي نفسه لأن هذا التنظيم يستخدمه لدخول أجهزة الحكم.
تقدّم مقابلة بن سلمان حاكما اعتذاريا تجاه دينه وهويته وثقافته الإسلامية، يتنازل مجانا للأمريكيين والإسرائيليين ويتقبل تبريراتهم لكنه يستقوي على أبناء شعبه ويرفض الديمقراطية والحرية ويمتدح الاستبداد.