هكذا تُهرب شحنات الأسلحة إلى مناطق النزاع بغطاء دبلوماسي!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2680
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الميادين وضمن برنامج "ندوة الأسبوع" تستضيف محمد أبو عاصي مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في بلغاريا، والذي يكشف عن وثائق مهمة تم تسريبها من السفارة الأذربيجانية في بلغاريا، تظهر صفقات سلاح بمليارات الدولارات وأسماء دول كبرى متورطة من ضمنها الولايات المتحدة الأميركية والسعودية والإمارات وتركيا وبلغاريا ودولاً أوروبية أخرى. أما الدول التي وصل السلاح إليها فهي سوريا والعراق واليمن وأفغانستان وباكستان والكونغو، والخطير أن الأسلحة تنقل على متن رحلات دبلوماسية.

"سيلك واي إيرلاينز"، هو اسم لشركة طيران تديرها دولة أذربيجان. لكنّها ليست كأي شركة طيران عادية، لأنها تُهرّب الأسلحة الثقيلة والذخائر إلى دول وأفراد وإرهابيين تحت غطاء دبلوماسي. هذا ما كشفه برنامج "ندوة الاسبوع" عبر الميادين من خلال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في بلغاريا محمد أبو عاصي الذي عرض لأبرز ما جاء في الوثائق المسرّبة من السفارة الأذربيجانية في صوفيا عبر حساب تويتر مجهول.

 الوثائق كشفت عن صفقات سلاح بمليارات الدولارات وتورط دول كبرى من ضمنها الولايات المتحدة الأميركية والسعودية والإمارات وتركيا وبلغاريا ودول أوروبية أخرى. أما وجهة الأسلحة فالبؤر المتوترة من سوريا إلى العراق واليمن وأفغانستان وباكستان والكونغو.

اللافت والخطير في الأمر أن الأسلحة كلها التي تُنقل على متن رحلات ديبلوماسية - حسب الوثائق- تنتهي بأيدي الإرهابيين في سوريا واليمن، وأخرى اكتشفها الجيش العراقي في أحد مستودعات تنظيم داعش في الموصل.

ما لا يقل عن 300 رحلة دبلوماسية نظمتها الشركة المذكورة قامت خلالها بنقل أسلحة لدعم الحروب والنزاعات حول العالم في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وبحسب الوثائق التي عرضتها الميادين فإن الشركة عرضت رحلات دبلوماسية لشركات خاصة ومصنعي الأسلحة في الولايات المتحدة ودول البلقان وإسرائيل، بالإضافة إلى جيوش المملكة السعودية والإمارات وقيادة العمليات الخاصة الأميركية، والقوى العسكرية الألمانية والدنماركية في أفغانستان والسويدية في العراق. وتعفى الرحلات الدبلوماسية من التفتيش وبوالص الشحن الجوي والضرائب، مما يعني بأن "سيلكوي إيرلاينز" نقلت بحُرية مئات الأطنان من الأسلحة إلى مناطق مختلفة حول العالم من دون تنظيم. وقامت بهبوط تقني وتراوحت مدد توقفها من بضع ساعات إلى يوم كامل في مواقع بسيطة من دون أي سبب منطقي، مثل الحاجة لتزويد الطائرات بالوقود.

الولايات المتحدة زبون رئيسي للرحلات الدبلوماسية المموّهة

أحد الزبائن الرئيسيين لخدمة "الرحلات الدبلوماسية لنقل الأسلحة" التي تؤمنها "سيلكوي إيرلاينز" الشركات الأميركية التي تمدّ بالأسلحة الجيش الأميركي وقيادة العمليات الخاصة الأميركية. العامل المشترك هنا هي أنها ترسل أسلحة لا تستوفي المعايير الأميركية، وبالتالي هذه الأسلحة لا تستخدمها القوات الأميركية.

وفقاً لسجل العقود الاتحادية، منحت الشركات الأميركية خلال السنوات الثلاث الأخيرة عقوداً بمقدار مليار دولار تحت برنامج حكومي أميركي حول إمدادات الأسلحة التي لا تستوفي المعايير الأميركية. كلها استخدمت "سيلكوي إيرلاينز" لنقل الأسلحة. في بعض الحالات، عندما لم يكن لدى "سيلكوي إيرلاينز" الطائرات الكافية بسبب جدول أعمالها المزدحم، قامت طائرات القوات الجوية الأذربيجانية بنقل الحمولة العسكرية، علماً أن الأسلحة لم تصل إلى أذربيجان.

الوثائق المسربة من السفارة تشمل أمثلة صادمة عن نقل الأسلحة. على سبيل المثال: في 12 أيار/ مايو 2015، نقلت طائرة من القوات الجوية الأذربيجانية 7.9 طن من  PG-7V و10 طن من PG-9V إلى الوجهة المزعومة عن طريق بورغاس (بلغاريا) -إنجرليك (تركيا) -بورغاس ناسوسني (أذربيجان). وكان المرسل الشركة الأميركية purple shovel “بيربيل شافل”، والمرسل إليه وزارة الدفاع الأذربيجانية. لكن حسب الوثائق تم تفريغ الشحنة العسكرية في القاعدة العسكرية في إنجرليك ولم تصل أبداً إلى المرسل إليه.

مقاول أميركي آخر مشارك في برنامج الإمدادات العسكرية التي لا تستوفي المعايير الأميركية هي شركة Orbital ATK "أوربيتال آي تي كاي". حصلت هذه الشركة على 250 مليون دولار في العامين الأخيرين فقط. كل المعلومات سرية حول نوع الأسلحة والجهة التي استلمتها.

وفق الوثائق، قامت شركة Orbital ATK "أوربيتال آي تي كاي" بنقل أسلحة على متن 6 رحلات دبلوماسية من "سيلكوي إيرلاينز" في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2015، على طريق باكو (أذربيجان) - توزلا (البوسنة والهرسك) - باكو - كابول (أفغانستان). المرسل إليه كانت الشرطة الوطنية الأفغانية. والمثير للاهتمام أن كل الرحلات الدبلوماسية المحملة بالأسلحة قامت بهبوط تقني وتوقفت لمدة 7 ساعات و30 دقيقة في مطار (باكو) قبل الوصول إلى وجهتها النهائية أفغانستان.

Chemring Military Products (شيمرينغ ميليتاري برودكت) هي مقاول رئيسي في برنامج إمداد الأسلحة التي لا تستوفي المعايير الأميركية إلى الجيش الأميركي عن طريق الرحلات الجوية الدبلوماسية لـ"سيلكوي إيرلاينز". هذه الشركة الموردة للمنتجات العسكرية لديها أربعة عقود بمقدار 302.8 مليون دولار. تم شراء الأسلحة من مصنعين في صربيا وبلغاريا ورومانيا وفق الوثائق التي تم نقلها إلى العراق وأفغانستان على متن  رحلات دبلوماسية.

أكبر مورد أسلحة لا يستوفي المعايير الأميركية هو شركة Alliant Techsystems Operations آليانت تيكسيستم أوبراشين. في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي نقلت هذه الشكرة أطناناً من القنابل من صربيا إلى وزارة الدفاع الأفغانية على متن رحلات دبلوماسية على طريق باكو - بلغراد - كابول.

السعودية.. الراعي وموزع الأسلحة

إلى جانب الولايات المتحدة، توجد دولة أخرى اشترت كميات هائلة من الأسلحة المصنعة في أوروبا الشرقية وصدّرتها على متن رحلات دبلوماسية لـ"سيلكوي إيرلاينز" هي السعودية. في عامي 2016 و2017 نقلت 23 رحلة دبلوماسية أسلحة من بلغاريا وصربيا وأذربيجان إلى جدة والرياض.

وبحسب الوثائق فإن كل الأسلحة التي تنقل على متن رحلات دبلوماسية تنتهي بأيدي الإرهابيين في سوريا واليمن الذين تعترف السعودية لكون الجيش السعودي يستخدم أسلحة غربية حصراً، والأسلحة الأخرى لا تتوافق مع معاييرها العسكرية.

كما توزع السعودية أيضاً حمولة عسكرية إلى جنوب أفريقيا لأجل السيطرة على ثروة الذهب والألماس الموجودة في الدول الأفريقية.

في 28 نيسان/ أبريل و12 أيار/مايو من هذا العام، أرسلت "سيلكوي إيرلاينز" رحلتين دبلوماسيتين من باكو إلى بورغاس - جدة - برازافيل (جمهورية الكونغو). الحمولة العسكرية على متن الطائرتين كانت مدفوعة من قبل السعودية، حسب الوثائق المسربة من السفارة الأذربيجانية إلى مصادر بلغارية. قامت الطائرة بهبوط تقني في مطار جدة لمدة 12 ساعة و30 دقيقة للرحلة الأولى و14 ساعة للرحلة الثانية.

الأسلحة نفسها التي كانت على متن تلك الرحلة اكتشفها الجيش العراقي منذ شهر في مستودع لـ"داعش" في الموصل فضلاً عن إمكانية رؤية مسلحي داعش يستخدمون هذه الأسلحة في فيديوهات البروباغاندا التي تنشرها المجموعة الإرهابية على الإنترنت. على سبيل المقال ظهر المدفع الرشاش من نوع "كويوتي" 12,7х108 mm في فيديوهات وصور نشرتها الجماعات المسلحة في إدلب ومحافظة حماة السورية، بيد أن هذا السلاح جرى نقله على متن رحلة دبلوماسية عن طريق تركيا والسعودية قبل بضعة أشهر.

الإمارات هي دولة عربية أخرى اشترت أسلحة مصنعة في أوروبا الشرقية لا تتوافق مع معاييرها العسكرية وعلى ما يبدو أعادت إرسالها إلى طرف ثالث، مع أن المرسل إليه النهائي هو الجيش الإماراتي، تكشف وثائق هذه الرحلة الجوية أن الطرف الراعي هو المملكة العربية السعودية.

الرحلات الدبلوماسية تنقل الفسفور الأبيض القاتل

الفسفور الأبيض هو سلاح حارق يعتبر استخدامه مثيراً للجدل بسبب الأضرار القاتلة التي يمكن أن يلحقها. في 31 آذار/ مارس 2015، نقلت "سيلكوي إيرلاينز" 26 طناً من الحمولة العسكرية، منها الفسفور الأبيض من صربيا (المصدر: شركة يوغويمبورت Yugoimport) و63 طناً من بلغاريا (المصدر: Arsenal). في 22 آذار/مارس، تم تصدير 100 طن إضافي من الفسفور الأبيض من شركة يوغويمبورت Yugoimport، من بلغراد إلى كابول. لم يوثّق أي عقد تلك الرحلات الجوية.

في 2 أيار/مايو 2015، حملت طائرة من "سيلكوي إيرلاينز" 17 طناً من الذخيرة، منها الفسفور الأبيض، في مطار بورغاس. كان المصدر Dunarit دوناريت، بلغاريا. قامت الطائرة بهبوط تقني وتوقفت لمدة 4 ساعات في باكو قبل أن تصل إلى وجهتها النهائية - كابول. كان المرسل إليه الشرطة الأفغانية. ولم يرفق أي عقد كدليل.

انقلاب عسكري بعد رحلة دبلوماسية إلى بوركينا فاسو

تحمل بعض الرحلات الدبلوماسية أسلحة إلى مناطق الصراع المختلفة التي تعبر أوروبا وآسيا وأفريقيا. وهذا كان الحال بالنسبة لرحلتين من القوات الجوية الأذربيجانية إلى مقصد باكو - بلغراد - جدة - برازافيل - بوركينا فاسو في 30 آب/ أغسطس و 5 أيلول/ سبتمبر 2015 وقد قامت الطائرة بهبوطين تقنيين في تركيا وفي السعودية.

وظهرت المدافع الرشاشة على متن تلك الرحلات في الفيديوهات والصور التي نشرت على الانترنت من قبل الجماعات المسلحة في إدلب ومحافظة حماة في سوريا بعد بضعة أشهر.

مدافع رشاشة وذخائر للكرد

في آذار/مارس من عام 2017، يزعم أن أكثر من 300 طن من الأسلحة أرسلت إلى وحدات حماية الشعب في شمال سوريا. ونقلت ست رحلات دبلوماسية 43 طناً من القنابل اليدوية على كل رحلة إلى وزارة الدفاع العراقية. غير أنه لا توجد عقود مطابقة. وفي 28 آذار/ مارس، أرسل  82 طناً من الأسلحة من رومانيا إلى أربيل.

وفي 16 آذار/ مارس 2016، قامت طائرة دبلوماسية أخرى من "سيلكوي إيرلاينز" بحمل 40 طناً من البضائع العسكرية من سلوفينيا إلى أربيل.

المصدر: الميادين