هل يفجر سقوط الطائرة السعودية في مأرب الخلاف المكتوم بين الرياض وأبوظبي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2252
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

خالد جمال – التقرير
يبدو أن حادثة إسقاط طائرة هليكوبتر سعودية من طراز “بلاك هوك” في مأرب والذي أودى بحياة 12 عسكريًا سعوديًا، قد تعكس مدى الخلاف المكتوم بين السعودية والإمارات بشأن اليمن خاصة وأن الموقع الإلكتروني الإخباري لوزارة الدفاع اليمنية كشف أن الطائرة أسقطت بـ”نيران صديقة”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن بيان من التحالف الذي تقوده السعودية قوله إن الطائرة “سقطت أثناء تأدية مهامها العملياتية في محافظة مأرب ونتج عن الحادث استشهاد أربعة ضباط وثمانية ضباط صف من القوات المسلحة السعودية”.
بينما ذكرت وكالة سبأ للأنباء التي يديرها الحوثيون أن الطائرة تحطمت في منطقة تعرف باسم التداوين شمال شرقي عاصمة محافظة مأرب وأن 13 ضابطا وجنديا لاقوا حتفهم.
وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى في القوات الحكومية اليمنية الموالية للرئيس المعترف به، عبدربه منصور هادي، لوكالة فرانس برس، إن “المروحية السعودية لم تعرف عن هويتها للعمليات على الأرض” في محافظة مأرب.
وأضاف: “النظام الدفاعي تعامل معها بشكل تلقائي وأصابها بشكل مباشر، مما أدى إلى مقتل العسكريين”.

اتهام الإمارات
الإعلام الموالي للتحالف وجه أصابع الاتهام إلى الإمارات بالوقوف وراء إسقاط الطائرة السعودية، لاسيما بعد أن نفى مصدر في وزارة الدفاع اليمنية بصنعاء أن تكون الدفاعات التابعة للجيش واللجان الشعبية لها علاقة بإسقاط الطائرة السعودية.
ونشر موقع الدفاع التابع لحكومة هادي أن الطائرة السعودية أسقطت بنيران صديقة، ونقل نفس الموقع عن خبير عسكري قوله: سقوط الطائرة كان نتيجة خلل فني تسبب في قراءة خاطئة لمنظومة الدفاع الجوي مما أدى إلى تدمير الطائرة قبل هبوطها، مشيرا إلى أن باتريوت إماراتي أسقطها.
وبدوره وجه حزب الإصلاح الموالي للسعودية أصابع الاتهام للإمارات، حيث قال مصدر في الإصلاح إن إسقاطها يأتي على خلفية التوترات التي شهدتها مأرب الاثنين بين قيادات موالين للإمارات وآخرين موالين للسعودية وصلت إلى محاصرة البنك المركزي.

تجاهل “هادي”
وفي فبراير الماضي، تلقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي صفعة جديدة من الإمارات، حيث صدم لدى وصوله مطار أبوظبي الدولي بعدم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد له بل استقبله اللواء علي محمد حماد الشامسي، رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي، وهو ما فسره مراقبون أنها رسالة واضحة فحواها “هذا هو قدرك ومقامك في دولة الإمارات وعليك ألا تتوقع أكثر من ذلك.. فأنت مجرد أحد مواضيع الملفات الأمنية اليمنية بالنسبة إلينا”.
ويشير مراقبون إلى أن دولة الإمارات نقلت، من خلال تعاطيها مع زيارة هادي، الرئيس اليمني من خانة رئيس دولة، إلى مسؤول أمني فقط، سواء من خلال عدم وجود أي شخصية سياسية بين مستقبليه في المطار، أو عدم لقائه مع الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، والمسؤول الأول عن ملف الحرب في اليمن، أو أي مسؤول إماراتي آخر.
وكانت ردة فعل الرئيس اليمني أنه قرر مغادرة الإمارات بعد ساعتين من وصوله، احتجاجا على طريقة وطبيعة الاستقبال، وتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض.

اشتباكات عدن
بداية الخلاف بين القيادة الإماراتية والرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي، ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى الاشتباك الذي وقع بين قوات تأمين الرئاسة مع قوات تابعة للإمارات في محيط مطار عدن ليلة وصول رئيس الحكومة اليمنية آنذاك ووزراء من الحكومة إلى العاصمة المؤقتة يوم 5 يونيو العام الماضي.
وذكرت مصادر مطلعة، أن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، جاء إلى عدن دون علم الرئيس “هادي”، في حين أن حراسة المعاشيق حيث يقع القصر الرئاسي، كانت جلها من الإماراتيين، إذ أبلغوا الرئيس “هادي” عبر التحويلة أن هناك ضيفا سيزوره بعد ربع ساعة، فأبدى “هادي” استغرابه، كونه لم يدعُ أحدا لزيارته”. وأضافت المصادر أن الرئيس “هادي” تفاجأ بمروحية تهبط في المعاشيق وإذا به عبدالله بن زايد، فانزعج الرئيس جدا وقال” أنا ما طلبت أحدا، ولم يستأذني أحد بالزيارة لذا أبلغوه أني لن أقابل أحدا واعتذروا له أني لن أستطيع مقابلته “، مشيرة إلى أن هذه الواقعة تمثل بداية تحول الموقف الإماراتي تجاه الرئيس هادي .
ونقلت المصادر عن هادي قوله غاضبا من الواقعة: ” هذا تعامل محتل وليس حليفا ونحن بلد ذات سيادة ولا يمكن أقبل بتعامل مثل هذا”.
ومما يعكس النظرة الفوقية التي تمارسها الإمارت في اليمن، كشفت المصادر، أن الامر وصل بالقيادة الإماراتية أن تطالب الرئيس “هادي” بنفي شخصيات، من عدن، وعدم تعيينها في أي منصب، وهو ما عكس الانسحاب المفاجئ لوزير الشباب والرياضة نايف البكري من رئاسة اللجنة الوزارية لصرف مرتبات المنطقة العسكرية الرابعة في عدن وإعلانه تقديم استقالته، أمام الرأي العام، ومغادرته عدن إلى دولة السودان، مطلع ديسمبر الماضي.
وشددت على أن الإمارات سعت وبكل السبل إلى أن يصطدم الرئيس هادي بحزب الاصلاح، مع أن الرئيس أفهمهم مرارا أن استهداف الإصلاح، هو استهداف للشرعية وله شخصيا وللجيش والمقاومة لأنهم أحد أهم أكبر المكونات الرئيسية التي تقاتل على الأرض.

اعتقال دعاة حضرموت
واتساقا مع دورها المشبوه، وجهت الإمارات قواتها ومن تحت إمرتها في حضرموت “جنوب شرق” اليمن، بشن حملة اعتقالات على علماء ودعاة حضرموت، بتهم ارتباطهم بالقاعدة، حيث وجه الرئيس “هادي” بالإفراج عنهم بعد 3 أسابيع من الاعتقال، لكن الإماراتيين رفضوا تنفيذ توجيهاته.
كذلك يرفض الإماراتيون تعيين أي شخص ينتمي إلى حزب الاصلاح في أي منصب حكومي، عسكري أو مدني، ويشترطون على الرئيس هادي إخراج أي قيادي إصلاحي من المحافظة، حيث أكدت المصادر الرفيعة أن خروج الشيخ حمود المخلافي من تعز، كان شرطا إماراتيا على الحكومة اليمنية، مقابل دعم جبهة تعز “جنوب غرب اليمن”، لكنها لم تفِ بذلك ونكثت بوعدها بعد خروجه، ولم يصل جبهات المقاومة في المدينة المحاصرة أي دعم، واكتشفت الحكومة أن الهدف من إصرار القيادة الإماراتية إخراج المخلافي من تعز كان بهدف إضعاف وخلخلة جبهة تعز وإخلائها لقائد الجبهة الشرقية عادل عبده فارع المعروف بـ “أبي العباس”.
ومن أسباب الخلاف أيضًا بين الإماراتيين والرئيس “هادي”، رفضه تغيير محافظ أبين الخضر السعيدي، الذي تعرض لمحاولة اغتيال من القوات الموالية للإمارات “الحزام الأمني” في 23 ديسمبر الماضي في عدن، في حين أفشلت القوات الإماراتية في عدن، مدير أمن أبين العميد عبدالله الفضلي، في أداء مهامه، ودفعته لتقديم استقالته في 5 فبراير الماضي، بعد أن وجهت عناصرها بالانسحاب من كل مديريات المحافظة، بحجة عدم دعمهم من قبل “الفضلي” بالآليات والمعدات العسكرية اللازمة، وهو الأمر الذي دحضه “الفضلي” في بيان الاستقالة، وكشف عن تلقي القوات المنسحبة من مواقعها في “أبين” توجيهات من شخصيات موالية للإمارات، ما حال دون تنفيذ الخطة الامنية.

إقالة خالد بحاح
ومن الأسباب الأخرى فيما يتعلق بالغضب الإماراتي من الرئيس هادي، هو إقالة خالد بحاح الموالي للإمارات، حيث أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي في إبريل 2016 قرارا جمهوريا أعفى بموجبه نائبه ورئيس الحكومة السابق “بحاح”، من منصبه، حيث أكدت المصادر أن تخلى “بحاح” عن حياديته وارتمائه في أحضان الإمارات وأهدافها، والدوران في فلكها وما تخطط له، إضافة إلى الرغبة الخفية التي كانت لدى الحوثيين وحزب صالح، في استمرار الرجل في منصبه، كونه متقاربا معهم في التوجهات والأهداف، ناهيك عن موقفه من ملف دعم المقاومة اليمنية وخاصة في تعز، سببًا كافيا لإقالته مهما كانت الخسائر.
وفي مسعى للسيطرة على المجالات الاقتصادية، تسعى الإمارات إلى الاستحواذ والسيطرة على ميناء عدن، أو تهميشه وتعطيله بشكل متعمد لأسباب اقتصادية، أبرزها أنه الأكبر في الشرق الاوسط من حيث المساحة بعكس ميناء دبي الذي لا يتسع للسفن العملاقة ويخلو من امتيازات متوفرة في نظيره اليمني ليست لديه.
ومن أجل ذلك تدفع الإمارات باليمن نحو التقسيم وانفصال جنوب اليمن، حتى وإن خالف ذلك أهداف عاصفة الحزم التي تقودها السعودية وترفض تشظي جوارها، حفاظا على أمنها القومي.

ترحيل المواطنين
ومن ضمن أسباب الخلاف بين الإمارات والرئيس هادي، قيام القوات الموالية لها بترحيل المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية، وامتهانهم وتغذيتها للمنطقة من خلال تمويلها لوسائل إعلام ومدراء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، للنفخ في بالون المناطقية والعنصرية، وإثارة مختلف النزعات، واستهداف مسوؤلين في الحكومة بشائعات مغرضة، هدفها إضعاف أدائهم والتقليل من قدراتهم، وتشويههم أمام الراي العام اليمني.
ولفت مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية أن الرئيس هادي بحوزته ملفا كاملا عن الدور الإماراتي في جنوب اليمن، بما في ذلك عملية الاغتيالات التي سجلت عدن وبوابتها لحج أكبر عدد في حوادث الاغتيالات، لكن تحرك هادي الأخير وقرارات اللجنة الأمنية العليا بإنشاء غرفة عمليات موحدة تتبع وزارة الداخلية يعتبرها البعض خطوات تمهد لإجراءات أكثر صرامة وربما معركة مؤجلة مع عدة أطراف تساهم في خلط الأوراق في العاصمة المؤقتة عدن، التي تشهد عبثا أمنيا واغتيالات اتهمت المصادر شخصيات جنوبية مقربة من الإمارات بالوقوف خلفها.
ويؤكد سياسيون أن تفاقم الخلاف بين دولة الإمارات والرئيس هادي مجرد ستارة لاخفاء خلاف اكبر بين اكبر حليفين في “التحالف العربي” الذي يخوض حرب اليمن، أي الإمارات والمملكة العربية السعودية، وهو خلاف ربما يؤدي الى حدوث قطيعة، وربما انسحاب الإمارات من التحالف كليا.
وإذا صحت الكهنات فإن الخلاف الإماراتي السعودي المكتوم سوف يعكس مدى الصعوبات التي تواجهها “العاصفة” والتحالف العربي، ويرسم صورة “غير وردية” على الاطلاق للمستقبل.