“واشنطن بوست”: 4 خرائط تشرح الفوضى في الشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 435
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 

 واشنطن بوست – التقرير

خلال الجدل الدائر في الولايات المتحدة بشأن أسباب الفوضى المستمرة في الشرق الأوسط، لا يزال جورج بوش الابن مدانا لتدخله في العراق عام 2003 ما أدى إلى نشوب حرب أهلية، بينشما يدان أوباما لعدم تدخله في الحرب الأهلية السورية وفى ليبيا، وفشل أيضا فى التدخل الجزئى الأمريكى فى إحداث السلام، بينما يفطن قليل جدا من الأمريكيين إلى دور بلادهم في الصراع الدائر باليمن.

ودون محاولة الدفاع أو تبرئة السياسة الأمريكية، فإن الأمر يستحق الرجوع للخلف والتساؤل حول التجارب التاريخية المشتركة التي أدت بهذه الدول الأربع “العراق وسوريا وليبيا واليمن”، إلى خطر الانهيار نتيجة العنف، وتساعد الخرائط التالية على توضيح كيف تآمرت الظروف التاريخية، عند نقاط محددة خلال العقد السابق، لدعم استقرار بعض الدول في المنطقة بينما تقوض استقرار دول أخرى.

١. الدول التي يمتد تاريخها لأكثر من قرن هي الأكثر استمرارا اليوم

1

وتعد الدول التي تمتد سوابقها السياسية والجغرافية لأكثر من قرن هي الأكثر استقرارا اليوم، وهي تركيا ومصر وإيران، وإلى حد ما، الأسر الحاكمة فيما يعرف الآن بالكويت وقطر والبحرين وعمان والإمارات العربية كلها، بطريقة أو بأخرى، ذات بنى سياسية ترجع إلى سن الـ19 قبل مجيء الاستعمار الأوروبي إلى المنطقة، وبناء على ذلك، فإن لديهم موارد تساعدهم على الاحتفاظ ببعض الاستقلال في وجه الاستعمار الأوروبي، أو على الأقل التفاوض حول شكل أقل تخريبًا من الحكم الاستعماري.

ونجت تركيا من الاستعمار في بداية القرن الـ20 بسبب هزيمة الجيش العثماني الذي كان موجودا بالفعل لعدد من المستعمرين المحتملين، أولا خلال الحرب العالمية الأولى ثم بعد سقوط الإمبراطورية في حرب تركيا من أجل الاستقلال.

وفي الوقت نفسه، تم تقسيم إيران إلى مناطق نفوذ غير رسمية على يد البريطانيين والروس في أواخر القرن ال20، لكنهم تجنبوا الاستعمار الرسمي وأبقوا على أسرة “قاجار” في الحكم.

أما مصر، فكانت تحت الحماية البريطانية لعدة عقود، وتعد الدولة الأولى في المنطقة التي تحصل على الاستقلال الاسمي عام 1922، تحت حكم الأسرة التي أسست الدولة المصرية قبل نحو 100 عام.

ونتيجة لهذا، امتلكت مصر وإيران مؤسسات حاكمة سبقت النفوذ الاستعماري الأوروبي، وظلت في مكانها. في كلتا الدولتين، تم السماح للسياسات المحلية بالاستمرار، بدرجة أكبر من أماكن أخرى، لكنها كانت خاضعة للقيود والتصحيح الخارجي.

وأصبحت الممالك الخليجية الصغيرة تحت حماية الإمبراطورية البريطانية بشرط المنفعة المتبادلة، ما نشأ عنه علاقات تكافلية قدمت بريطانيا بموجبها الدعم العسكري والفرص التجارية التي جعلت هذه الأنظمة أكثر قوة وثراء مما كانت عليه في السابق.

٢. الحكم الاستعماري أدى إلى وجود دول هشة

2

وعلى العكس من هذه الدول مسبقة الوجود، خرجت دول مثل سوريا والعراق وليبيا ولبنان إلى الوجود في بدايات القرن الـ20، ورسمت حدودها وتم تعيين حكوماتها بشكل متعجل من قبل حكامها المستعمرين، ومنذ البداية، افتقدت هذه الحكومات العميلة الشرعية أو الدعم الشعبي لهؤلاء الحكام الذين كانوا من بني جلدتهم، والذين خضعوا، رغما عنهم، لنفوذ القوى الاستعمارية، وشهدت جميع هذه الدول ثورات عنيفة مناهضة للاستعمار.

واستمرت تبعات هذه الصراعات طوال القرن، فبعد احتلال ليبيا في العام 1911، قامت إيطاليا بقمع مقاتلي الميليشيات المحلية فقط بعد حملة عسكرية استمرت 10 سنوات عن طريق التجويع والترحيلات الجماعية ومعسكرات الاعتقال.

وأخمدت بريطانيا الثورة العراقية عام 1920 بمساعدة القوات الجوية الكثيفة، ثم أطلقت غازا ساما على القبائل الكردية التي استمرت في الثورة، وفي سوريا، انتهت ثورة حاشدة عام 1925 بعد ضرب فرنسا دمشق بالقصف المدفعي.

وانتصرت القوات الاستعمارية من خلال تجنيد حلفاء محليين للقتال إلى جانبهم ضد الثوار، ففي سوريا، حصل الفرنسيون على الدعم من المجتمعات المسيحية والعلوية، وفي العراق، تعاونت قبائل سنية كبرى مع البريطانيين ضد الثوار مقابل مكافآت سياسية ومالية، ونتيجة لهذا، عمقت الثورات الانقسامات الاجتماعية داخل هذه الدول وجردت المؤسسات الحاكمة من شرعيتها منذ بدايتها.

وبدأ الشعور بتبعات هذه المؤسسات غير المستقرة بشكل كامل بعد الاستقلال، فبعد الثورة العراقية، عيّن البريطانيون الملك فيصل الأول لحكم البلاد لصالحهم على أمل أنه قد يخفف من الغضب القومي تجاه الحكم الاستعماري، واحتفظت أسرة فيصل بالحكم بدعم بريطاني حتى عام 1958، عندما تمت الإطاحة بحفيد فيصل وإعدامه في انقلاب عسكري.

٣. عدم الاستقرار وتغيير النظام

5

وأشار مراقبون إلى أن الممالك التي امتدت لوقت طويل في الشرق الأوسط وتبدو أكثر استقرارا من الجمهوريات، لكن هذه القراءات تخلط بين السبب والنتيجة، فقد كان حكم ليبيا والعراق بالإضافة إلى إيران ومصر وتركيا في الأصل حكم ملكي، على الأقل حتى ثبت أن هذه الممالك غير مستقرة لدرجة تجعل بقاءها مستحيلا، وربما كان من الأدق أن نقول أن الممالك غير المستقرة بالمنطقة قد سقطت، بينما بقيت الممالك الأكثير استقرارًا.

وخلال أربعينيات وخمسينيات القرن الـ20، كان بقاء الأنظمة الملكية جزء لا يتجزأ من سياسات الحرب الباردة، وبينما كان لدى المسؤولون الأمريكيون تحفظات بشأن الاستعمار البريطاني، إلا أنهم مع بداية الحرب الباردة كانوا يفضلون استمرار على النفوذ البريطاني على توسع النفوذ السوفيتي، ونتيجة لهذا، أصبح الحكام الموالون بريطانيا مثل شاه إيران والملك فيصل الثاني بالعراق والملك فاروق في مصر عناصر مهمة في الجهود البريطانية الأمريكية لاحتواء النفوذ السوفيتي في المنطقة.

وعندما سقطت هذه الأنظمة في إيران عام 1979، والعراق عام 1958، ومصر عام 1952 – ابتعدت هذه البلاد عن تحالفاتها مع الغرب، كما انتهجت ليبيا أيضا نفس النهج عندما قام معمر القذافي بالإطاحة بالملك إدريس، الذي كان رغم مناهضته للاستعمار، كان معروفا بسياساته الموالية للغرب، وفي الأردن والسعودية والخليج العربي، على العكس، بقيت الممالك الموالية للغرب وظلت تدور في فلك الغرب خلال الحرب الباردة.

٤. ظلال الحرب الباردة

4

توجد أحد أبرز الارتباطات التاريخية بين الدول التي تعاني من الحروب الأهلية اليوم، وتلك التي كانت تميل إلى الاتحاد السوفيتي بدرجات متفاوتة خلال الحرب الباردة، لكن ما العلاقة بين الجغرافية السياسية للعراق وسوريا وليبيا وعلى الأقل جزء من اليمن والاضطرابات التي تحدث بها الآن؟.

أولا، جعلت التحديات السياسية التي واجهتها بعض الدول تميل إلى عدم الاستقرار والاصطفاف مع السوفيت، لدرجة أنه في بداية الحرب الباردة كانت الدول، شعوبا وحكومات، سعيدة، ومن ثم، ساهمت في الحفاظ على الوضع القائم، وكانوا على الأرجح يميلون إلى الاصطفاف مع الغرب، ومن ثَمّ، ظلت الممالك التي استفادت من علاقاتها مع البريطانيين على ولائها للغرب، بينما رأت تركيا، التي حافظت على استقلالها، أن الدعم الغربي هو طريقة للحفاظ على استقلالها ضد توسع النفوذ السوفيتي.

فيما حظيت هذه الأنظمة بموافقة، أو على الأقل طاعة، المجتمعات التي حكمتها كما في الأردن ودول الخليج أو تركيا، فقد ظل الوضع كما هو، وعلى العكس، في دول مثل العراق وسوريا ومصر، زاد الاستياء الشعبي من الوضع القائم وقمع الحكومات من احتمالية عدم الاستقرار السياسي ومن قابلية الاتحاد السوفيتي كحليف.

وفي الوقت نفسه، حظيت العديد من الدول التي ظلت في معسكر الغرب بفوائد أسهمت في الحفاظ على استقرارها، بينما عانت الدول التي حاولت مغادرة المعسكر الغربي تبعات ذلك، وقدمت الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية وتكنولوجية لحلفائها أكثر مما يستطيع الاتحاد السوفيتي تقديمه، على سبيل المثال. كما أن هؤلاء الحلفاء كانوا أيضا جزءًا من الاقتصاد العالمي، بينما تعثرت الدول الأخرى التي تحدت الغرب بسبب العقوبات.

وقد لعب الدعم العسكري الغربي دورا مهما كذلك، فقد أرسلت بريطانيا قوات لدعم المملكة الأردنية عام 1958، بينما ساعد تدخل الجيش البريطاني في حماية الكويت من الغزو العراقي عام 1961، أي قبل عملية عاصفة الصحراء بـ3 عقود. ومرة أخرى، كانت هناك تبعات عنيفة من شأنها زعزعة استقرار الدول التي حاولت الخروج من المعسكر الغربي. والجدير بالملاحظة أن الولايات المتحدة دعمت انقلابات ضد الأنظمة في سوريا وإيران حيث كانت واشنطن تخشى من أن ينتقلوا إلى المعسكر السوفيتي.

كما أن هناك أيضا بعدًا فكريًا لكل هذا، فقد كانت واشنطن دائما تغض الطرف عن السلوك الاستبدادي للأنظمة التي كانت تدعمها في الشرق الأوسط. لكن الأنظمة البعثية في العراق وسوريا وكذلك القذافي في ليبيا أظهروا درجة من الطموح الشمولي والاستبداد الممنهج جعلتهم منفصلين عن الأنظمة الأخرى في المنطقة، وأظهر صدام حسين أن الستالينية، كمصدر للإلهام الفكري، لا تفضي إلى استقرار.

وفي بدايات القرن الـ20، لم تكن العراق وسوريا وليبيا ولا اليمن موجودة كدول أو حكومات بشكلهم الحالي. وقد شهدوا جميعًا حكمًا استعماريًا مباشرًا بين الحربين العالمية الأولى والثانية، ونتيجة لهذا تمت الإطاحة بأنظمتهم الحاكمة في فترة ما بعد الحرب. وأخيرا، انتهى الحال بهذه الدول الأربع في الطرف الخاسر في الحرب الباردة.