«حاطم 2» يقلب المعادلة: اليمن إلى نادي «الفرط صوتي»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 370
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

دخل اليمن، رسمياً، نادي الدول القليلة المصنّعة للصواريخ الفرط صوتية، ليصبح أول دولة عربية منتجة لهذا السلاح الإستراتيجي. وكشفت القوات المسلحة اليمنية عن إمكانات الصاروخ الباليستي الفرط صوتي الجديد «حاطم 2» الذي يعمل بالوقود الصلب، كما نشرت لقطات لاستخدامه للمرة الأولى ضد سفينة إسرائيلية. ومن شأن ما تقدّم، أن يفرض تغييراً في المعادلة العسكرية براً وبحراً، ويدفع نحو توازن ردع مختلف في الحروب التي تشنها واشنطن وحلفاؤها في المنطقة، نظراً إلى قدرة هذا الصاروخ الذي يجمع بين «السرعة والقدرة على الطيران على ارتفاعات منخفضة والمناورة أثناء الطيران، ما يزيد من صعوبة اكتشافه بواسطة الرادار أو الأقمار الصناعية. وذلك يجعل من المستحيل تقريباً اعتراضه بواسطة الأنظمة الحالية»، بحسب ما تؤكده «وول ستريت جورنال» الأميركية.والسلاح الفرط صوتي هو عبارة عن صاروخ يمكنه الانطلاق بسرعة 5 ماخ – أي أسرع خمس مرات من الصوت على الأقل –، وهو ما يعني أن بإمكانه اجتياز ميل في الثانية الواحدة. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين في البحرية قولهم إن اليمن استخدم أكثر من مرة صواريخ بسرعة 3 ماخ، وفي حالة واحدة على الأقل بسرعة 5 ماخ، فيما يجري حالياً تطوير نوعين من الأسلحة الفرط صوتية، الأول الصواريخ الجوالة المزودة بمحركات نفّاثة تدفعها لاجتياز سرعات الصوت، وهذا ما شوهد في الإطلاق اليمني المعلن؛ والآخر الرؤوس الحربية الفرط صوتية التي يمكن إطلاقها من مقاتلات.
ويأتي الإعلان عن إطلاق «حاطم 2»، في سياق الرسائل التي تطلقها صنعاء لتأكيد إصرارها على المضي في نصرة القضية الفلسطينية، بأي وسيلة ومهما تطلبت المواجهات. رغم أن الجيش الأميركي، الذي يخوض مواجهة مع «أنصار الله» في سياق هذه الحرب، لا يزال الأقوى عالمياً، فإن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، يمكن أن تساعد اليمن في تحدي هذا التفوق عبر التهرّب من أنظمة الإنذار المبكر الأميركية، المصمّمة لاكتشاف الهجمات أو التعامل معها. ومن هنا، تشخص أنظار صنعاء نحو استهداف الأصول البحرية الأميركية في البحرين الأحمر والعربي، بما في ذلك حاملات الطائرات، والقواعد الرئيسية في المنطقة في حال تمادي واشنطن في العدوان على أراضيه. وفي السياق، تشير المراكز البحثية في واشنطن إلى أن حركة «أنصار الله» التي تقرن الأقوال بالأفعال، سوف تحاول توسيع أهدافها إلى ما وراء البحر الأحمر والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، باعتبار أنه كلما اتسعت المنطقة المستهدفة، كلما كان تأثيرها أكبر، وأنها هدفت عبر زيادة الضربات على الأصول الأميركية، إلى إظهار هشاشة القدرة الأميركية أمام محور المقاومة، ولا سيما اليمن.

وحقّقت المفاجآت الإستراتيجية التي تطلقها صنعاء، وخصوصاً في مجال التسليح، من خطوط إنتاج محلية، تحوّلاً في الصراع القائم في البحر الأحمر، رفع اليمن إلى مستوى التحدي مع واشنطن، وأفشل مبكراً أهداف الأخيرة القائمة على «ضرب القدرات العسكرية اليمنية»، باعتبارها تشكل تهديداً من وجهة نظر واشنطن، ليس فقط للكيان الإسرائيلي، بل للتواجد الأميركي في المنطقة. وفي سياق تنامي هذا «التهديد»، يستعد اليمن للانتقال إلى «المرحلة الخامسة» من العمليات، والتي يفترض أن تشمل تصعيداً نوعياً رداً على المجازر الإسرائيلية بحق أهل غزة، وهو ما لمسته وسائل إعلام إسرائيلية، معتبرة دخول منظومات صاروخية سرعتها تفوق سرعة الصوت تهديداً مباشراً لتل أبيب.
ولا يمكن فصل الحدث عن التطورات المحلية اليمنية، إذ تحاول واشنطن الضغط على صنعاء بواسطة الورقة الاقتصادية، عبر الإيعاز إلى الحكومة الموالية لها بنقل فروع البنوك وشركة الطيران الوطنية والشركات الكبرى إلى عدن. وفي هذا الإطار، تحمّل القيادة اليمنية، السعودية، المسؤولية الكاملة عن الخطوات التصعيدية والأحادية، وقد أشعرت الرياض بالأمر، ما دفع بالأخيرة إلى طلب مهلة إلى ما بعد الأعياد للمعالجة. وفي حال التلكؤ، سيلجأ اليمن إلى خطوات يمكن أن تطال دول «التحالف العربي». وفي هذا الإطار، استغل نشطاء يمنيون فرصة إطلاق الصاروخ، وطالبوا على وسائل التواصل الاجتماعي القيادة السياسية في صنعاء بالرد بالمثل على عواصم دول «التحالف»، فيما رأى كتاب يمنيون أن السعودية لم تتوقّف عن عدوانها السابق، وهي حاضرة في قلب العدوان الراهن إلى جانب العدو الإسرائيلي، مع فارق أن قواعد الاشتباك حالياً تقتضي منها أن تحتجب عن الواجهة، حيث تتقدّم واشنطن الصفوف. وفي الاتجاه نفسه، نزع نائب وزير الخارجية في صنعاء، حسين العزي، في منشور على «إكس»، الصفة المحلية عن الإجراءات الأخيرة، واصفاً إياها بـ«التصرف العربي» بحق اليمن، في إشارة واضحة إلى الدور السعودي، معتبراً أن «من المؤسف جداً» أن ذلك يأتي «في ظل الحرب مع العدو الإسرائيلي».
غير أن الأهم في رسالة «حاطم 2» الإقليمية إلى الدول المطبّعة أو التي على وشك التطبيع مع العدو، هو أن اليمن ألقى الحجّة على هذه الدول بالرسائل التي بعث بها قائد «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في الأسابيع الأخيرة، ويقرنها اليوم بالتجارب العسكرية الإستراتيجية، ومفادها أن صنعاء لن تقبل بأن يهدّد التطبيع الأمن القومي اليمني، أو أن تهدّد إسرائيل الحدود الشمالية لليمن. والجدير ذكره، هنا، أن «أنصار الله» تكشف تدريجياً، منذ بداية الحرب على غزة، عن سلسلة مفاجآت جديدة، في سياق جهدها المستمر لأخذ زمام المبادرة وتركيز قوتها العسكرية المتفوّقة في الزمان والمكان اللذين تختارهما، بشكل لا تتوقّعه التحالفات البحرية وكذلك «التحالف العربي». وفي هذا السياق، نشر «الإعلام الحربي اليمني» مشاهد تعرض للمرّة الأولى لزورق «طوفان1» المسيّر محلي الصنع، والذي أغرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر في 12 حزيران الجاري.