تل أبيب: علينا تعلّم الإتقان والذكاء الإيرانيين بضرب العدوّ ومُهاجمة (أرامكو) حدثٌ تاريخيٌّ تأثيراته الإقليميّة خطيرة وأرعب حُكّام الخليج والقدرة التنفيذيّة لطهران تفوق تحليل وتقدير المؤسسة الأمنيّة بالكيان
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
رأت مصادر أمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب أنّ التحقيق في هجوم إيران على منشآت النفط السعودية في 14 أيلول (سبتمبر) الجاري يستند إلى نقاشاتٍ متراكمةٍ من الأدلّة، والأجهزة الاستخبارية الغربية يمكنها الإشارة بثقة إلى إيران باعتبارها من يقف وراء الهجوم الذي تسبب بأضرار كبيرة غير مسبوقة لصناعة النفط السعودية، وهزّ سوق الطاقة العالمية وأدخل حُكّام الخليج في حالةٍ صعبةٍ من الرعب الحقيقيّ، على حدّ تعبيرها.
ولكن، أوضح مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) أنّ رئيس إيران حسن روحاني، استُقبل هذا الأسبوع باحترام الملوك في اللقاء السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة، لافتًا إلى أنّ رؤساء الدول العظمى الذين بقوا ملتزمين بالاتفاق النووي مع طهران التقطوا معه الصور بسرور، ورغم المحاولات الكثيرة، لم يعقد لقاء قمة بين روحاني وترامب، ولا يبدو أنّ الإيرانيين في عجلة من أمرهم، فلديهم الكثير من الطلبات من الأمريكيين، قبل الانتقال إلى المرحلة العلنية من الاتصالات، ويريدون في المقام الأول رفع العقوبات التي أضرت بالنظام بشكل كبير، وهو إنجاز لم يمنحه ترامب حتى الآن.
وتابعت المصادر، وفقًا لـ(هآرتس) أنّ حملة طهران العسكرية لتخفيف ضغط العقوبات الاقتصادية بدأت في أيار (مايو) وهي تجري بصورة مخططة وثابتة وبصبر، وفي شهر الخمسة الأخيرة هاجم الإيرانيون، بمساعدة الحوثيين ومليشيات شيعية في العراق، أهدافًا سعودية وإماراتية متعلقة بصناعة النفط وخطوط النقل البحرية، بلغت الهجمات ذروتها بقصف منشأتي أرامكو.
وبحسب المصادر عينها، فإنّ حملة طهران العسكرية لتخفيف ضغط العقوبات الاقتصادية، وهي تجري بصورة مخططة وثابتة وبصبر، وفي الأشهر الأخيرة هاجم الإيرانيون، بمساعدة الحوثيين ومليشيات شيعية في العراق، أهدافاً سعودية وإماراتية متعلقة بصناعة النفط وخطوط النقل البحرية، وبلغت الهجمات ذروتها بقصف منشأتي أرامكو.
وأقرّت المصادر أنّ الإيرانيين أثبتوا قدرةً على التخطيط والتنفيذ مثيرة للانفعال، فقد أصاب دمج صواريخ كروز ذات المدى المتوسط وطائرات بدون طيار أهدافه بصورة مدمرة ودقيقة، مع تجاوز أنظمة الدفاع الأمريكية باهظة الثمن التي اشترتها السعودية، وعمليًا، هناك استنتاج قاطع بأنّ هذه كانت عملية أدارتها وأعدّتها إيران.
وأردفت المصادر الإسرائيليّة إنّ ترامب يعرف ذلك لكنّه لا يسارع إلى فعل شيء، ويصغي إلى التهديد الإيراني بأنّ هجومًا عقابيًا أمريكيًا يمكن أنْ يدهور المنطقة نحو الحرب، وبعد شهر تقريبًا سيدخل ترامب سنة انتخابات، والتورط فيها بحرب جديدة في الشرق الأوسط قد تقلص فرصه في ولاية أخرى.
ورأت المصادر أنّ مهاجمة منشآت النفط السعودية ليست بأقل من حدثٍ مفصليٍّ، تمتد تأثيراتها الإقليميّة لفترةٍ طويلةٍ، دون صلة بخطوات ترامب، فالقدرة التنفيذيّة التي أظهرتها إيران تفوق كلّ ما تمّ تحليله وتقديره في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة من قبل، وإصابة دقيقة وفعالة جدًا تضع مواقع البنى التحتية الإستراتيجية لإسرائيل في دائرة الخطر، خاصّةً إزاء حقيقة أننّا نعمل بدون احتياط.
وتابعت المصادر إنّه علينا أنْ نأخذ بالحسبان أنّ جزءًا كبيرًا من أنظمة السلاح الإيرانية تمر أوْ يتم نقلها في حالة الطوارئ إلى حزب الله، وهذه التطورات تلزم بتحسين استعداد إسرائيل للدفاع ضد صواريخ وقذائف وطائرات بدون طيار وطائرات مسيرة، وفي المستقبل وإزاء مخازن الصواريخ الضخمة لحزب الله والفجوة في التكلفة (عشرات الأضعاف) بين الصاروخ المهاجم والصاروخ المدافع، لن يكون مناص من البحث عن حلولٍ استكماليّةٍ، قالت المصادر.
ولفتت المصادر إلى أنّ المصادقة على الخطة متعددة السنوات الجديدة التي بادر إليها رئيس الأركان افيف كوخافي، مجمدة في الوقت الحالي بسبب المعضلة السياسية الطويلة، ولكن هناك نيّة لإعادة فحص تطوير احتمالات الاعتراض بواسطة الليزر، البديل الأرخص، الذي خسر قبل عقد في المنافسة مع (القبة الحديدية)، بعد أنْ توصل الجيش ووزارة الأمن إلى استنتاجٍ مفاده أنّه لم يحن بعد الوقت لنضوجٍ تكنولوجيٍّ وعملياتيٍّ.
وشدّدّت المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب على أنّ الحديث يجري عن قرارٍ مشحونٍ، ولا يوجد أيّ تنافسٍ أيديولوجيٍّ وعاطفيٍّ قويٍّ بين المعسكرين المؤيدين للخيارات المتنافسة، ولكن الحديث في هذه المرحلة يدور عن فحص إمكانية مستقبلية، والجيش الأمريكيّ يفحص في الوقت الحالي حلولاً في مجال الليزر، إذْ أنّ نية أمريكا هي أنْ تضع حتى عام 2023 ثلاثة نماذج رئيسية محتملة للاعتراض بواسطة الليزر، لكن التركيز هو على حلولٍ تكتيكيّةٍ لتهديداتٍ أصغر نسبيًا، مثل صواريخ قصيرة المدى، وطائرات بدون طيّار، وطائرات مروحية مُسيرّة، طبقًا لأقوالها.