ارتياح كبير بإسرائيل لردود الفعل العربيّة والإسلاميّة بعد إعلان ترامب: السعوديّة مُهتمّة فقط بإيران ومصر ترفض قيادة المعركة وعبّاس لم يُعلن عن خطوةٍ هامّةٍ
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
يُعتبر موقع (المصدر) الإسرائيليّ، أحد الأذرع التنفيذيّة لوزارة الخارجيّة في الدولة العبريّة، حيث يُركّز على نقطتين هامّتين: الأولى والمُهمّة جدًا، خوض الحرب النفسيّة ضدّ العرب والمُسلمين وإحباطهم وتيئسيهم في مسعى لاستدخال الهزيمة، والنقطة الثانيّة، إبراز التفوّق الإسرائيليّ على الأمّة العربيّة في جميع مناحي الحياة، أوْ بكلماتٍ أحرى، تكريس النظريّة الصهيونيّة الكاذبة بأنّ اليهود يتفوّقون على العرب الدونيين.
وعلى الرغم منن ذلك، فإنّ قراءة الأخبار والتقارير المُوجهّة للآذان العربيّة تكشف عمّا يُفكّر به صنّاع القرار في دولة الاحتلال، علاوةً على الرسائل السياسيّة التي يعملون على تمريرها إلى الناطقين بالضّاد من فوق رؤوس الزعماء، وبالتالي فإنّ الموقع خطير جدًا إذا كان القارئ يتلقّى ما يكتب وكأنّه أصّح من الصحيح.
رئيسة تحرير الموقع، شيمريت مئير، نشرت مقالاً زعمت فيه أنّه تستعرض فيه ردود الفعل العربيّة على إعلان ترامب القدس عاصمةً لإسرائيل من وجهة نظر الصهاينة. وغنيٌ عن القول إنّها تعتمد على مصادر رفيعة في وزارة الخارجيّة، التي يقودها بنيامين نتنياهو، إذْ أشارت إلى أنّه في الساعات ما بعد الإعلان الهّام لترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، عملت طواقم الإعلام في البيت الأبيض على تهدئة الصحافيين العرب في واشنطن. وأوضحت أنّ القرار ليس سوى خطوةً رمزيّةً، غايتها الوفاء بالوعد الذي قطعه ترامب أثناء حملته الانتخابية؟
علاوة على ذلك، زعم البيت الأبيض أنّ الخطوة لا ترسم الحدود النهائية للقدس. والتصريح الأهّم لدى الكثيرين أنّه سيتم الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، وشدّدّت على أنّ الرئيس الأمريكيّ استخدم عمدًا مصطلح “الحرم القدسي الشريف”. والهدف، ساقت مئير قائلةً، هو بطبيعة الحال التقليل إلى حدٍّ أدنى من تداعيات الخطوة التي اتخذها ترامب والتي كانت قد عارضتها المنظومة الأمنيّة الأمريكيّة التي لا تريد المزيد من “المتاعب” مع العالم العربيّ.
ففي اليوم التالي للإعلان، أوضحت رئيسة تحرير الموقع الإسرائيليّ شبه الرسميّ، شاعت إدانات كثيرة في العالم العربيّ، ولكن يُمكن التمييز بتوجهاتٍ واضحةٍ: أولاً، كان ردّ فعل مصر والسعودية معتدلاً نسبيًّا. حتى لو كانتا تفضلان ألّا يثير ترامب قضية حساسّة مرّةً أخرى مثل القدس، ليست لديهما مصلحة في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الراهن. وشدّدّت مئير على أنّ الهدف السعوديّ الرئيسيّ هو التعامل مع إيران، ومن خلال هذه النقطة ينظر السعوديون إلى كلّ الأمور، أمّا السيسي، فأكّدت الصحافيّة الإسرائيليّة، فهو يدين هذه الخطوة ويعارضها، ولكن حتى في هذه الحالة، لا تنوي مصر قيادة الحملة ضدّ ترامب، بحسب تعبيرها.
ثانيًا، رأت مئير، طبعًا اعتمادًا على المصادر في خارجيّة دولة الاحتلال، أنّ الأردنيين أبدوا نشاطًا أكثر من غيرهم في محاولتهم إقناع ترامب بألّا يمس بقضية القدس الآن ولاحقًا أيضًا، مُوضحةً في الوقت عينه، أنّه كعادته، حذّر العاهل الأردني من التبعات. ومن المرجح، أضافت مئير، الافتراض أنّ أجزاء الخطاب المتعلقّة بالأماكن الإسلاميّة المقدسّة تمّ إدراجها بفضل الضغط الأردنيّ.
ثالثًا، الرئيس التركيّ، زعمت، رجب طيّب أردوغان يُسيطر على هذا الحدث، في ضوء الفراغ العربيّ، يُهدد أردوغان، إضافة إلى المحور “ألإخواني” بقطع العلاقات مع إسرائيل، مُشدّدّةً على أنّ وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة لم تتلقَ إشعارا بذلك حتى اللحظة، وهو، أيْ أردوغان، يُصدر تصريحات نارية كما لو أنّه عيّن نفسه رئيسًا لفلسطين، لكنّه لا يتسّرع في شنّ هجومٍ مباشرٍ ضدّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
رابعًا، برأي الصحافيّة الإسرائيليّة، الفلسطينيون، لافتةً إلى أنّه في الواقع، لم يبقَ الكثير من الخيارات أمام رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس وأمام حماس أيضًا. وأشارت إلى أنّه في خطابه الليلة قبل الماضية، بدا عبّاس غاضبًا، لكنه لم يُعلن عن اتخاذ خطوةٍ هامّةٍ، بحسب تعبير المصادر التي اعتمدت واستندت عليها، كذلك هي الحال مع إسماعيل هنية، الذي ذكر كلمة “الانتفاضة” عشرات المرات في خطابه صباح أمس، ولكن، مثلاً، لم تُطلق حماس أيضًا صواريخ ضدّ إسرائيل.
خامسًا، تناولت الصحافيّة، أيْ صحافية البلاط الإسرائيليّ، قضية الفضائيات، وقالت إنّ قناة الجزيرة عادت إلى نشراتها الدراماتيكيّة والهادفة إلى تحريك المشاعر بشأن القضية الفلسطينية، لا سيما، بهدف مهاجمة الصمت السعوديّ، على حدّ تعبيرها.
وفي النقطة السادسة والأخيرة، قالت مئير إنّ الشباب ينتظرون ما الذي سيحدث في أرض الواقع بعد الخطاب. هل سيخرجون إلى الشوارع؟ ما يؤثر في الأحداث هو عدم وجود علاقة للمسجد الأقصى بخطاب ترامب، وبشكلٍّ عامٍّ لأنّه من الصعب أخذ أقوال ترامب بجديّةٍ، على حدّ قولها.