السعودية والإمارات وحرب اليمن… خلافات تعصف بعلاقتهما مع الشركاء المحليين… ماذا يجري في البحر؟
صلاح السقلدي
أحتدم الجدل السياسي والإعلامي داخل اليمن وداخل التحالف السعودي الإماراتي – الذي يخوض حربا متعثرة منذ أكثر من ست سنوات باليمن – حول إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميّــــون الاستراتيجية الواقعة في قلب مضيق باب المندب، حيث تتحدث بعض الجهات داخل الحكومة والسلطة اليمنية الموالية للسعودية عن أن الإمارات تقوم منذ شهور بإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة دون علم الجانب اليمني،وهو الاتهام الذي ترفضه أبوظبي، فضلا عن اتهامات أخرى توجهها لها هذه السلطة منها سيطرتها على جزيرة سقطرة في بحر العرب وإدخال قوات وخبراء اسرائيليين إليها وتسيير رحلات طيران مباشرة بين الإمارات والجزيرة دون معرفة الجهات اليمنية، وهو الأمر نفته الإمارات أيضا.
السلطة والحكومة اليمنية الموالية للرياض انقسمت على نفسها حيال موضوع الجزيرتين، ففي الوقت الذي يؤكد فيه بعض المسئولين اليمنيين صحة الاتهامات ويستهجنون تصرفات الإمارات معتبرين ذلك انتهاكا للسيادة اليمنية وانتقاصاً من مكانة الحكومة ,فأن مسئولين آخرين ينفون هذا ويؤكدن بألّا صحة لها وأنها مجرد مزاعم، سواء فيما يتعلق بموضوع إنشاء الإمارات للقاعدة في جزيرة ميون أو فيما يتعلق بإدخالها لقوات وخبراء إسرائيليين الى جزيرة سقطرة وتسيير رحلات جوية، فوزير الخارجية اليمنية الموالي للرياض السيد\ أحمد عوض بن مبارك قال أن لا صحة لأخبار إنشاء القاعدة العسكرية في ميون ولا يوجد هناك أي اتفاق مع أحد بهذا الشأن، كما ألّا صحة للأخبار عن إدخال الإمارات خبراء عسكريين وأجانب الى جزيرة سقطرى، بل وذهب الى أبعد من هذا النفي بقوله أن لا وجود عسكري للإمارات من اساسه في الجزيرتين وان القوات الموجودة في سقطرة هي للجيش الوطني الموالي لحكومته، وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات أخرى تابعة للسعودية.
من جانبه أصدر التحالف أو بالأحرى السعودية بيانانا بشأن الجزيرتين كان صادما للجميع، حيث وضَـعَ الحكومة بشقيها :الذي اتهم الإمارات، والذي نفى عنها التهمة في مأزق محرج تجاه الشعب، أكد فيه أيضا ألّا وجود لأية قوات عسكرية إماراتية في الجزيرتين وأن ما يتم انشائه في جزيرة ميون من قاعدة عسكرية إنما يقوم به التحالف لمواجهة القوات الحوثية ولحماية الملاحة البحرية – بحسب البيان-. فالقوى التي اتهمت الإمارات بأنها تنتهك السيادة اليمنية بإنشائها هذه القاعدة صارت بعد البيان السعودي المنسوب للتحالف صارت أمام أمتحان مع السعودية التي أقرت فيه بأنها هي من ينشئ هذه القاعدة دون علم أصحاب الشأن، وبالتالي بات على هذه القوى إمّا أن تطلق ذات الاتهامات بوجه السعودية التي كانت تطلقها بوجه الإمارات ومنها تهمة انتهاك السيادة اليمنية وإدخال خبراء اسرائيليين، وتتصدى لهذا السلوك السعودي وتدخل مع المملكة في خلاف مباشر قد يفضي الى الطلاق البائن بينهما، خصوصا وأن السعودية صارت تضيق ذرعا من الهزائم التي تتعرض لها القوات الحكومية تجاه قوات الحوثيين، وإما أن تبلع هذه السلطة لسانها خشية من غضب المملكة ومن فقدان الدعم المالي السعودي الغزير الذي يصب بخزائنها وجيوبها وتسقط مزاعمها بالحرص على السيادة الوطنية ،وتتعرى في نهاية الأمر أمام الجميع وتخضع للإذلال السعودي.
أما المأزق الذي سيجد فيه مَــن ينفي التهمة عن الإمارات أنفسهم فسيكون في حالة ثبتت صحة الاتهامات الموجهة للإمارات بأنها هي فعلا من قام بإنشاء هذه القاعدة العسكرية، وبأنها تجلب خبراء وقوات صهيونية الى سقطرى ،حيث ستبدو هذه الجهات أمام الشعب بأنها شريكة بانتهاك السيادة ومتواطئة مع من خان الوطن وفرط بأرضه وسيادته الوطنية، وسيكون مستقبلها على المحك، خصوصا وأن ثمة توافق داخل هذه السلطة مع مواقف الحوثيين الرافضة لأي وجود إماراتي أو سعودي في هذه الجزر.
بقي أن نشير الى أطرف ما بهذه الكوميديا السوداء وهو أن الرئاسة اليمنية على لسان مدير مكتب الرئيس هادي حين سُــلتْ عما يجري بهذه الجُـزر قالت بأن لا عِــلم لديها بما يجري هناك أبداً.