المفاوضات السعودية الايرانية هل تنطلق قريبا؟
كمال خلف
تتحدث العديد من المصادر عن تحول في المقاربة السعودية تجاه ايران، وحسب تلك المصادر التي تبدو قريبة من قادة ايران، فإن السعودية قد تبدا قريبا جدا إطلاق حوار جدي مع طهران حول أمن الملاحة و الاستقرار في منطقة الخليج .
إلا أن هذا العنوان فيما يبدو لن يكون سوى بوابة الولوج إلى الملفات الآخرى التي لاتقل أهمية عن ملف الأمن المائي وسلامة الملاحة . ويغدو ملف الحرب اليمنية في مقدمة تلك الموضوعات التي سوف تشملها عملية التفاوض .
من الواضح أن السعودية بدأت تعد العدة وتمهد الأرضية المناسبة لوقف الحرب على اليمن، ما تريده السعودية وهو ما يبدو أنه وصل إلى طهران، عبر قناة ما سرية، هو وضع سيناريو نهاية الحرب وفق معادلة لا تخرج فيها الرياض بمظهر المهزوم. وهذا الشرط تتعامل معه الرياض بتشدد، وتعتبره مسألة أساسية وجوهرية في قياس مدى جدوى الحوار مع ايران.
الظاهر أن التحولات التي تجريها الإمارات في مقاربتها لدورها في الحرب على اليمن، ارخت بظلالها على الموقف السعودي. وتتحدث التقارير كثيرا هذه الأيام عن خلاف سعودي إماراتي يتعلق بالموقف الاماراتي الجديد تجاه ايران والحرب في اليمن.
ما عزز هذا الاعتقاد هو المعارك الطاحنة في عدن بين المجلس الجنوبي لانتقالي المدعوم من الإمارات وقوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من السعودية، ويزيد عن ذلك ما بدأت تتحدث به شخصيات محسوبة على دوائر القرار في أبو ظبي حول شرعية وصلاحية الرئيس “عبد ربه منصور هادي”. ووجه رئيس شرطة دبي “ضاحي خلفان” “وهو لا ينطق عن الهوى” في تغريدات على موقع توتير وجه انتقادات للرئيس هادي معتبرا أن القائد الحقيقي لا ينتصر من غرف الفنادق، وأن الوقت والواقع نزع الشرعية عن السلطة الشرعية “.
إلا أن كل هذه المعطيات تنفيها أخرى تدلل على عمق ومتانة التحالف بين الرياض وأبو ظبي وعلى العلاقة الشخصية القوية والواضحة بين ولي عهد ابو ظبي” محمد بن زايد” وولي عهد السعودية” محمد بن سلمان”، وهما القائدان الفعليان في بلديهما. وبالتالي فإن أبو ظبي وفق هذه المعطيات تكون قد نسقت تحركاتها الجديدة مع الرياض، وربما تكون هي قناة التواصل الغير مباشرة بين الرياض وإيران.
إلا أن ثمة من هو اقدر وأقرب للعب هذا الدور وهو الرئيس “فلاديمير بوتين” ، الذي لديه علاقة ممتازة مع الأمير”محمد بن سلمان” وعلاقة تحالف مع إيران . وإذا كان ثمة قناة مناسبة لنقل الرسائل المتبادلة بين الرياض وطهران فإن روسيا هي الجهة الأكثر قدرة على القيام بهذه المهمة.
وتظهر الرياض دوما متأخرة خطوة عن حليفها في أبو ظبي في مراجعة السياسات ومعالجة الأزمات والملفات. وهذا ما ظهر بشكل واضح في خطوة الإمارات نحو فتح العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بينما ترددت السعودية ثم احجمت. وحسب تقديرنا فإن هذا الأحجام والتردد والذي جاء بضغط أمريكي سوف ينتهي قريبا جدا جدا، وستخطو الرياض خطوة مهمة نحو دمشق في الأشهر القليلة المقبلة. تماما كما ستفعل على صعيد الحوار مع ايران.
وبكل الأحوال فإن نجاح لغة الحوار والمفاوضات على لغة الصراع و العداء، هو أفضل هدية لشعوب المنطقة، ولعل لغة التحريض الطائفي والمذهبي البغيضة التي طغت على المشهد العام، وخاصة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تختفي إلى غير رجعة. والمنتفعين منها يصبحون عاطلين عن العمل، ويريحونا من وجوههم الكالحة واصواتهم النشاز.
وإن تطغى لغة الحوار ومعالجة الأزمات بالجلوس على الطاولة والحديث بصراحة بين السعودية وإيران لإعادة التوازن إلى العالم الإسلامي والاستقرار إلى المنطقة العربية. شعب إيران شعب عظيم وصاحب تاريخ وكبرياء حضارة، والشعب السعودي شعب متحضر مثقف وطيب مثل باقي الشعوب العربية، وهم بلا شك يتطلعون إلى حكمة قيادتهم في تجنبيهم الحروب والعبث. نأمل أن تكون تلك المؤشرات والمعطيات مقدمة لتطبيقها على أرض الواقع. وإن نرى المنطقة مستقرة آمنة.
كاتب واعلامي فلسطيني