أمن العراق و أمن الخليج

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2450
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

د. جواد الهنداوي
 وُقّعت مذكّرة التفاهم يوم الأربعاء الموافق ٢٠١٩/٤/٢٤ ،خلال زيارة الامين العام لمجلس التعاون الخليجي الى بغداد ، و موضوعها التعاون والتفاهم في مجالات الاقتصاد و التجارة و الثقافة و السياحة وتبادل الخبرات و التشاور .
بكل تأكيد، الانفتاح الخليجي تجاه العراق ،دولاً او منظمات ، يستحق الترحيب و التفاؤل و الأمل بترجمته الى ممارسات و مبادرات على صعيد الاستثمار و الاقتصاد ، وهذا ما تتمكّن عليه دول المجلس ، اكثر من غيرها ، وما ينبغي أنْ تؤديه قبل غيرها ،على الأقل ، لتعويض ما أصاب العراق من ضرر في أمنه و اقتصاده ، جراّء سياسة الجفاء و الخصام التي اتبعّتها بعض دول مجلس التعاون الخليجي تجاه العراق لمدة اكثر من عشر سنوات .
لا اقول علينا عتابهم وهم مُقبلون علينا ، و إِنْ صّحَ العتاب بين الاشقاء و الأحباب ، ولكن ينبغي أنْ يكون تجاوبنا لهذا الانفتاح في اطار التعاون الممكن و الواقعي ، و أنْ تكون مُفردات خطابنا الرسمي في اطار المقبول و المعقول ،بأعتبار الخطاب هو خطاب دولة ، مضمونه سياسة و دبلوماسيّة ، وليس خطاب علاقات عامة و مجاملة .
القول ، وفي تصريح رسمي للسيد وزير خارجية العراق ، بأنَّ “أمن و سلامة الخليج العربي هو من أمن و سلامة العراق و أمن و سلامة العراق هو من أمن و سلامة الخليج ” و أنَّ العراق ينظر اليوم الى دول مجلس التعاون الخليجي على انها الحامية لظهر العراق و تنظر دول مجلس التعاون الخليجي للعراق بانه الحامي لصدر دول مجلس التعاون ” ، هو حديث، نعتقده ، مُبالغْ في المجاملة ، ولا يُعّبر عن سياسة الواقع ، ولا يأخذ بنظر الاعتبار ، مُجريات ماتشهده اليوم المنطقة (الخليج ،العراق ،ايران ) مِنْ توتّر و انفعال و غطرسة أمريكية .
مِنْ مَنْ تحمي دول الخليج ظهر العراق ؟
و مِنْ مَنْ يحمي العراق صدر دول الخليج ؟
و الكلام عن الأمن و الحماية وَرَدَ في وصفْ و إسهاب ،بَيدَ أن موضوع المذكرة هو تعاون اقتصادي وثقافي وسياحي و اجتماعي ، وهذا ما أكّدَ عليه حصرا السيد أمين عام مجلس التعاون الخليجي . الضيف الكريم لم يُعّرجْ على امن العراق ، و لا على حماية ظهرهِ ، ولم يُعّلق على استعداد العراق لحماية صدر دول الخليج ! يتمنى و يأمل كل مواطن عربي أن يكون الحال او الهاجس الأمني بين الدول العربية او دول المنطقة كذلك ، ولكن هل فعلاً هناك أمن عربي مشترك او أمن خليجي مشترك او امن إقليمي مشترك لدول المنطقة .
أمن دول مجلس التعاون الخليجي هو جزء من الامن القومي لامريكا ، امريكا تقول ذلك و الاشقاء في الخليج لا يخفون ذلك ، و الجميع يعلم ذلك ، و أمن العراق هو بأرادة شعبهِ و جيشهً وحشده و مرجعيته ، وبالتعاون مع اصدقاءه ، وهذا ما برهّنته الوقائع و الاحداث .
لا أظن بأنَّ الاشقاء في دول الخليج فرحون بأنَّ ينتظر العراق منهم حماية أمنهِ و حماية ظهره ، ولا أظّن بأطمأنانهم لغير امريكا في أمنهم و حماية صدور دولهم .
حُسن النيّة قادنا الى القول بأنَّ التصريح هو مبالغة في المجاملة ، ربما الغيّر يرى في التصريح رسائل الى دول الخليج بطمأنتهم بحماية لهم تنطلق من العراق في حال تعرضهّم الى ايَّ اعتداء ، لاسيما وتوتّر الوضع وتبادل التصعيد و التهديد بين بعض دول الخليج و أيران جرّاء العقوبات الامريكية القادمة .
سفير سابق لدى جمهورية العراق