القتل تحت الكعبة... بالسلاح الكيماوي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 31423
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

جعفر البكلي
«البرقية 8095 (¹).
من السفارة الأميركية في جدة، إلى وزير الخارجية الأميركي - واشنطن، دي سي.
1- سرّي.
2 - الأزمة في مكة دراماتيكية وعنيفة، ويبدو أنها قد انتهت. الطياران الأميركيان المتعاقدان لقيادة طائرات هيلكوبتر الدفاع المدني السعودي، أخبرا الضابط السياسي أنهما حلّقا فوق المسجد الحرام، والمنطقة المحيطة به ما بين الساعة 13:15، و13:35 بتوقيت غرينتش، في 24 نوفمبر، ولاحظا ما يعتقدان أنه مرحلة التمشيط (التطهير) في الهجوم الأخير على المسجد الحرام.

3 - لاحظ الطياران ناقلتي جنود مدرعتين (من نوع M113) تطوفان في صحن المسجد الحرام، وتطلقان أسلحتهما بسرعة على الأروقة المحيطة به. وشاهدا أيضاً دخاناً أسود يتصاعد من جزء من الجانب الشرقي للمسجد، ودخاناً آخر أشد كثافة يتصاعد من الجزء الشمالي الشرقي للمكان. الدمار الأكبر لحق بالجزء الشمالي من المسجد الحرام. وما زال حريق ضخم جداً يشتعل من الأرض حتى الطابق الثاني في المنطقة بين المئذنتين. عربات الإطفاء خارج المسجد تحاول احتواء الحريق كما أن بعض المآذن السبع في المسجد أصابها دمار كبير نتيجة نيران المدرعات.
4- قال الطياران الأميركيان إن الضابط السعودي المرافق لهما أخبرهما بسرّ. بدأ الهجوم الحاسم بعد الظهيرة، بقيادة جنرال سعودي. ولا توجد تقديرات عن عدد الضحايا، رغم الافتراض بأن العدد كان كبيراً. وكمؤشر على هذا، علمت السفارة في وقت مبكر اليوم أنه في الساعة 11.00 بتوقيت غرينتش، في 24 نوفمبر، تم إبلاغ كل الأطباء المسلمين والطاقم الطبي في مستشفى جدة العسكري (بين 20 و25 شخصاً) بالتوجه إلى مكة، وأن يُحضر كل فرد منهم حقيبته، للمبيت فيها.
5 - قال الطياران إنهما قبل عودتهما إلى قاعدتهما في جدة بقليل، أخبرهما الضابط السعودي المرافق لهما أن عدداً مجهولاً من المتمردين الإسلاميين تمكنوا من الهروب من المسجد الحرام، ويعتقد أنهم مختبئون في أنحاء مكة. وذكر الطياران أنهما لم يشاهدا أشخاصاً مريبين، وأن الجنود السعوديين كانوا منتشرين في كل مكان بمكة تقريباً.
6 - حاولت الاستراتيجية السعودية، في البداية، أن تجوّع المتحصنين في المسجد الحرام. لكن هذه السياسة فشلت، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات عنيفة لتطهير هذا المسجد المقدّس. ومن المحتمل أن يكون الهجوم السعودي العنيف ناتجاً عن القدرات التسليحية التي تمتع بها المتمردون، وبسبب وصول عدد الإصابات بين الجنود السعوديين إلى حدّ لا يطاق. ولعل السعوديين وقعوا ضحية لدعايتهم أيضاً. فقد دأبت بياناتهم الرسمية، خلال اليومين الماضيين، على الادعاء أن المسجد صار تحت سيطرة القوات السعودية بالكامل. ولكن من الواضح أن الوضع لم يكن كذلك. لأجل هذا شعرت الحكومة السعودية أنها سوف تخسر أكثر مما تكسب إذا لم تتخذ الإجراءات العنيفة، وتسيطر على المسجد الحرام بسرعة.
«السفير وست».

كلٌّ يغنّي على ليلاه

لم تكن تقديرات السفير الأميركي في السعودية جون كارل وست التي بعثها إلى رئيسه سايروس فانس، دقيقة. ولم يكن هجوم القوات السعودية، في يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، على المتمردين الوهابيين حاسماً. والأزمة، في الحرم المكيّ، لم تنتهِ. وفي الواقع، فقد برز تخبّط ظاهر في بعض برقيات السفارة الأميركية في السعودية، عن وقائع ما جرى في مكة.


خمّن بعض الدبلوماسيين الأميركيين أن حكام
اليمن الجنوبي قد
يكونون ضالعين
في قضية جهيمان
ومثلاً، فقد خمّن بعض الدبلوماسيين الأميركيين (وبعض المسؤولين السعوديين أيضاً) أن حكام اليمن الجنوبي قد يكونون ضالعين في قضية جهيمان، وتوقعوا أنّ قادة في «الحزب الاشتراكي اليمني» ربما زوّدوا متمردي «الجماعة السلفية المحتسبة» بالسلاح. ولقد كانت تلك السيناريوهات الأميركية، مجرد «تخبيصات». وبحسب الشهادة التي أدلى بها عبد العزيز التويجري، نائب رئيس «الحرس الوطني السعودي» للباحثة الأميركية ساندرا ماكي (²)، فإنّ بعض زملاء جهيمان القدامى في «الحرس الوطني» متواطئون في عملية تهريب الأسلحة والذخيرة. فقد وضع رفاق جهيمان تحت مئات من أكياس التمر والحليب والخبز، صناديقَ العتاد العسكري التي جلبوها من قلب مخازن «الحرس الوطني»، وفي شاحناته، وأوصلوها من داخل نفق ضخم حفر أسفل الحرم إلى داخل القبو في المسجد الحرام. وكانت شركة بن لادن للمقاولات التي تتولى عملية توسيع الحرم المكي وتعميره قد حفرت ذلك النفق الكبير الذي يمتد إلى قبو المسجد الشاسع، لتستعين به في إدخال مواد البناء، ولكي لا تتم عرقلة أداء الحجاج أو المعتمرين لمناسكهم. وحدثت عملية تهريب السلاح قبل موعد ظهور «المهدي» بأيام، وبالتواطؤ مع أحد الحرّاس الذي تلقى رشوة قدرها أربعون ألف ريال سعودي (³).
لم يكن توجيه التهم إلى الجهة الخطأ مقتصراً على السفارة الأميركية في جدّة، فالقائمون على وكالة الأنباء الفرنسية، مثلاً، أظهروا بدورهم كمية غباء مدهشة. ومنذ أعلنت الحكومة السعودية أنّ المتحصّنين في الحرم «خارجون عن الدين الإسلامي»، ذهب في ظن بعض جهابذة «فرانس برس» أنّ المعتدين على الحرم ينتمون إلى فرقة «الخوارج». وأعدّ أولئك الصحافيون تقريراً وافياً نشروه عن هذه الفرقة الإسلامية القديمة التي قتلت الإمام علي بن أبي طالب في صدر الإسلام، وما زال بعض أتباعها «الإباضية» يعيشون في تونس والجزائر وسلطنة عمان وتنزانيا. وكان هناك أيضاً بعض المتذاكين، ممن حاولوا الاصطياد في المياه العكرة. فقد صرّح هودنغ كارتر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، لوسائل الإعلام الدولية، منذ اليوم الأول لأزمة المسجد الحرام، بأنّ الإيرانيين هم الذين يقفون وراء خطف الكعبة. ولم يكن هناك شك في أنّ إدارة كارتر، من خلال تحريضها المتسرع، تريد أن تنال من خصمها الخميني، وتلطخ سمعته في العالم الإسلامي، بكل السبُل. وبالطبع، لم تتوانَ القنوات والإذاعات والصحف الغربية عن شنّ حملة منسقة «للتنديد بالإيرانيين الإرهابيين الذين دنّسوا حرمات البقاع المقدسة للمسلمين». وفي إيران، ردّ آية الله الخميني قائلاً إنّ أميركا هي من تقف وراء أحداث الحرم، وأنّ على المسلمين الانتقام منها. وبالفعل، نجح الخميني في ردّ الصاع لأعدائه صاعين. فقد أحرق المتظاهرون الباكستانيون سفارة الولايات المتحدة في إسلام أباد، ودمّر البنغاليون مبنى سفارة واشنطن في دكّا، وأما الليبيون فقد حاصروا السفارة في طرابلس، وأجبروا طاقمها على الهرب بجلودهم خارجها، والاحتماء بسفارة المملكة المتحدة.
وفي العالم العربي، كان كل نظام يحاول أن يقذف تهمة المشاركة في أحداث الحرم، في اتجاه خصومه. وسارع حسني مبارك، نائب الرئيس المصري، في لقاء جمعه مع السفير الأميركي بالقاهرة، إلى اتهام سوريا بأنها هي التي هرّبت السلاح إلى السعودية (4)، وحاول مبارك أن يستعرض أمام السفير الأميركي ألفريد أثرتون معلوماته، فزعم أن انتفاضة الحرم امتدت إلى خمس مدن سعودية جديدة: مكة، والمدينة، والرياض، ومدينتين نسي مبارك اسمهما. وفي دمشق، شنّ التلفزيون والإذاعة وصحيفة «البعث» هجوماً كاسحاً على «قوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية وكامب ديفيد التي تسعى إلى تفجير الخلافات والتناقضات في المنطقة العربية، بهدف إعاقة القوى الوطنية التي تقف في وجه تلك المؤامرات» (5). وفي الأردن، ذكر الملك حسين للسفير الأميركي فيليوتس أنّ «القوى الشريرة الشيوعية هي التي تقف وراء حادث مكة». وعرض الأردنيون أن يرسلوا إلى السعودية فرقة كوماندوس من قواتهم المسلحة، لكي تسترجع الحرم (6)، لكن السعوديين رفضوا قبول العرض الهاشمي. واعتبر الملك حسين أنّ السبب الأرجح لرفض مساعدته عائد إلى الحساسيات القديمة بين العائلتين المالكتين في عمّان والرياض. وفي الرباط، عبّر الملك الحسن الثاني عن تضامنه مع الأسرة السعودية الحاكمة، وعرض هو الآخر إرسال مئات من جنود الكوماندوس للمشاركة في تحرير الكعبة (7)، ولكنّ السعوديين اعتذروا بلطف، مرة أخرى، عن عدم قبولهم خدمات المغاربة.
القتل السعودي بالكيماوي الفرنسي

كانت عيون السعوديين شاخصة نحو حلفاء آخرين، لا يمثّلون لهم إحراجاً كالأردنيين، ولا يطالبون بثمن لمساعداتهم كالمغاربة. واختار حكام الرياض الاستعانة بأصدقائهم الباكستانيين والفرنسيين. ولعل سبب هذا الاختيار عائد، في ظن أمراء آل سعود، إلى أنّ هذين الحليفين عُرفا طويلاً بالكفاءة والتزام الصمت. ووافق الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، على المطلب السعودي، وأرسل فريقاً متخصصاً في مكافحة الإرهاب، إلى الطائف، على متن طائرة خاصة من نوع «فالكون 20»، لكي يعمل أفراده مستشارين للقوات السعودية. وتكوّن الفريق الفرنسي من ثلاثة ضباط من وحدة التدخل في الدرك الوطني (GIGN)، وهم الكابتن بول باريل (قائد الفريق)، ومساعداه كريستيان لامبرت وإينياس ويديكي. واطّلع الفرنسيون على مصاعب السعوديين في التعامل مع المتمردين المتحصّنين داخل شبكة الأنفاق الشاسعة والمتشعبة تحت المسجد الحرام. واقترح الفرنسيون اللجوء إلى أحد خيارين: فإمّا المضي قدماً في الخطة السعودية التي تسعى إلى ضخّ المياه بغزارة في الأنفاق، ثم وصل الماء بالأسلاك الكهربائية العارية لصعق المتمردين؛ وهذه خطة قد تقضي على الأعداء، لكنها ستحرم الأمراء من لذة القبض على خصومهم أحياء، واستخلاص اعترافاتهم، ثم قطع رؤوسهم. وإمّا اللجوء إلى خطة بديلة تعتمد على استخدام غازات كيماوية سامة تجبر المتحصنين على الخروج من مخابئهم. ولمّا كان الاقتراح الثاني يشفي غيظ آل سعود، فقد قبلوا به راضين.
اعتمدت الخطة الفرنسية على تثقيب أرضية الحرم لإنشاء كوّات في سقف القبو السفلي الذي يختبئ فيه المتمردون، وعن طريق هذه الثقوب يتم رمي عبوات من الغاز (يسمى علمياً «كلوروبينزليدين مالونونيتريل»)، في شكل اسطوانات موصولة بسلك تفجير. وهذا الغاز مهمته إعاقة عملية تنفس من يستنشقه (هو غاز مشابه لذاك الذي استعمله الروس لدى اقتحامهم لمسرح «دوبروفكا» في موسكو، في سنة 2002، وأدّى إلى مصرع 170 شخصاً اختناقاً). لكنّ مشكلة اعترضت الفرنسيين، تمثلت في قلة خبرة الجنود السعوديين في استعمال الغازات السامة في القتال. وحاول الفرنسيون أن يدربوا، في بضعة أيام معدودة، مجموعات من نخبة جنود «الحرس الوطني السعودي» على استخدام السلاح الكيماوي، ولم يجد ذلك نفعاً كثيراً. وقرّر أمراء آل سعود أن يستوردوا خبرات الجنود الباكستانيين للقيام بالمهمة الخطرة. وبالفعل، شرع الباكستانيون في تثقيب أرض الحرم. لكنّ مفاجأة قاتلة كانت في انتظارهم، فبمجرد أن ينجحوا في فتح كوّة صغيرة في سقف القبو، كان المتحصنون في الأسفل يطلقون عليهم الرصاص، من خلالها. وبدأ المتمردون ينقعون قطع القماش بماء زمزم، ويضعونها حول وجوههم لتعطيل مفعول الغاز المخدر أطول فترة ممكنة، وأخذوا يبتعدون إلى الحجرات البعيدة في القبو.


برز تخبّط ظاهر في
بعض برقيات السفارة الأميركية عن وقائع
ما جرى في مكة

وارتدى الباكستانيون الأقنعة الواقية من الغاز، وبدأوا يتسللون إلى أعماق القبو لأسر كل من يحاول الاستسلام، أو الفرار من الغازات السامة. كانت تلك مهمة شاقة، فأتباع جهيمان لا يستسلمون بالرغم مما نالهم من الإرهاق والجوع وقلة النوم. واضطر السعوديون إلى التفكير في إدخال الخبراء الفرنسيين في العملية العسكرية الجارية في الحرم. وللحفاظ على المظاهر الإسلامية، طلبوا من النقيب باريل أن يعتنق الإسلام شكلياً، لكي يصحّ ادخاله إلى الحرم، بحسب ما تنص عليه الشريعة. وكان ذلك مظهراً جديداً للحذلقة السعودية الجوفاء. وبالاعتماد على معلومات العمال في شركة بن لادن، وخرائطهم عن القبو الذي تبلغ مساحته الإجمالية قرابة 65 ألف متر مربع، أمكن إعداد خطة سريعة لاقتحامه. وطلب الكابتن باريل من رئيسه الأعلى وزير الدفاع الفرنسي إيفون بورجيه أن يزوده بكميات كبيرة من الغاز الكيماوي لاستعمالها في القضاء على المعارضين السعوديين المختبئين في قبو المسجد الحرام. كما طلب باريل خمسين مرش غاز، وخمسمائة رطل من المتفجرات، وكمية من الصواعق والفتائل وثلاثة آلاف قناع واق. وقبلت طلبات الكابتن باريل، بعد أن أذن بتصديرها إلى السعودية رئيسُ الجمهورية الفرنسية بنفسه. واشترط القادة الفرنسيون على فريقهم أن يبقوا أدوارهم في العملية سرّاً محضاً، لكي لا يعرّضوا أمن بلادهم القومي للخطر. كما أصدروا أوامر جازمة للكابتن باريل بالذات، لكي لا يسمح لنفسه تحت أي ظرف من الظروف، بالدخول إلى قلب المسجد الحرام، خصوصاً بعد أن اقترح في خطته التي قدمها لرؤسائه في باريس، أن يدخل ليقود العملية بنفسه.
وفي يوم 1 كانون الأول/ ديسمبر 1979، وصلت المواد التي طلبها بول باريل على متن طائرة «كارافيل» خاصة. وبدأت عملية تدريب تسعين عنصراً من نخبة عناصر «الحرس الوطني السعودي»، والقوات الخاصة الباكستانية، على مهام الهجوم الأخير. وتم تقسيم الجنود إلى مجموعات منفصلة تتكون كل منها من ثلاثة عناصر، يكلف أحد الجنود الثلاثة بإجراء الاتصالات مع غرفة القيادة، بينما يقوم الآخر بمهمة إطلاق الغاز، في حين ينفذ الضابط عملية تفجير أبواب حجرات القبو المغلقة. وتقاسم الفريق الفرنسي مهمة التأهيل، فدرّب باريل الضباط على تنفيذ التفجيرات، بينما قام زميلاه بتدريب الجنود على عملية الاتصالات، وعلى رش الغاز. وكان على الجنود السعوديين أن يحمل كل واحد منهم على ظهره أنابيب تحتوي على عشر كيلوغرامات من بودرة «دايكلورايد» وتتصل بضاغط تنطلق منها البودرة السامة. وحدّد الموعد النهائي لتنفيذ عملية اقتحام القبو، في الساعة العاشرة صباحاً من يوم الرابع من ديسمبر 1979. وبدأت المجموعة المكلفة بالاقتحام بالهجوم على آخر معقل للمتمردين. وخلال ساعات قليلة شلّت قدرات المتمردين على المقاومة. وقتل بواسطة الغاز السام كثير من المتحصنين في القبو، واضطر آخرون إلى الخروج والاستسلام، وهم يرتجفون على نحو لا إرادي. وكان آخر من سلّم نفسه هو جهيمان العتيبي.
■ ■ ■
في 9 كانون الثاني/ يناير 1980، اقتيد ثلاثة وستون من المتمردين إلى ساحات الإعدام، في ثماني مدن متفرقة في السعودية. وكان أول من قطع رأسه هو جهيمان قائد الثوار، في مكة. وفي الرياض كان الأمير سلمان بن عبد العزيز يشرف بنفسه على حفلة قطع الأعناق. وأمسك أمير الرياض في يده ورقة فيها أسماء المدانين، والقبائل التي ينتمون لها. وقرّر سلمان أن يُقطع رأس كل مذنب بواسطة واحد من أفراد قبيلته، وأمام عيون أسرته. وكانت تلك طريقة سلمان في التشفي والإذلال. ونال الجنود الباكستانيون مكافآت مالية مجزية، وأما الجنود السعوديون فقد نالوا المال، وحظوا بمساكن جديدة أهداها لهم الملك خالد. وظفرت الحكومة الفرنسية بصفقات أسلحة سخية. وأما فريق «الجي إي جي أن» فقد عادوا إلى بلادهم، وفي يد كل واحد منهم ساعة «روليكس» ذهبية نقش عليها شعار المملكة السعودية: سيفان مسلولان يتقاطعان حول نخلة.

الهوامش:

1- انظر الملحق رقم 6 الخاص بالبرقيات الدبلوماسية الأميركية عن حادثة الحرم المكي، في كتاب «حتى لا يعود جهيمان: حفريات أيديولوجية وملاحق وثائقية نادرة» - إعداد: حمد العيسى (منشورات منتدى المعارف، بيروت، 2013) ص: 235- 237.
2- Sandra Mackey - The Saudis: Inside the Desert Kingdom (W .W. Norton - 2002) p: 231
3- مقابلة مطولة مع ولي العهد السعودي فهد بن عبد العزيز، نشرتها جريدة «السفير» اللبنانية في عدد يوم 9 كانون الثاني/ يناير 1980.
4- انظر برقية السفير الأميركي في مصر ألفريد أثرتون، عن نظرية حسني مبارك بخصوص أحداث مكة، ضمن ملحق البرقيات الدبلوماسية الأميركية، في كتاب «حتى لا يعود جهيمان»، ص: 229.
5- انظر برقية السفير الأميركي ديفيد نيوتن من دمشق، ضمن ملحق البرقيات الدبلوماسية الأميركية، في المصدر السابق، ص: 231.
6- انظر برقيتي السفير الأميركي في الأردن، عن لقائه مع الملك حسين، ومع ولي العهد الأمير حسن، ضمن ملحق البرقيات الدبلوماسية الأميركية، في المصدر السابق، ص:227 و268.
7- انظر برقية السفير الأميركي موفات من الرباط، ضمن ملحق البرقيات الدبلوماسية الأميركية، في المصدر السابق، ص: 350.
* كاتب عربي